الدندر… ليلة الرعب والقهر

نبض للوطن
أحمد يوسف التاي
الدندر… ليلة الرعب والقهر
(1)
عاشت مدينة الدندر ليلة أمس الأول حالةً من التوتر والاحتقان، بينما انسدلت أجفانٌ على دموعٍ متحجرةٍ وبقايا أسىً قديم مازال يدغدغ الأحزان والآلام ..وذلك لما رأت المدينة الوديعة الجّلاّد وقاطع الطريق واللص المحترف الذين أذاقوها صنوفاً من الأذى والإذلال تستقبلهم الدولة وتحتفي بهم دون أدنى مرعاة لمشاعرٍ استثقلت الآلامَ والأوجاع…
تستقبلهم بطريقةٍ انطوت على الكثير من الاستفزاز لضحايا مازالوا يلعقون جراح الذل والإنكسار.

(2)
فتحت المدينة الحزينة أجفانها الذابلة ورفعت حواجب الدهشة في ذهولٍ، فرأت بعيون ابيضت من الأحزان هولاً ، ومالم يكن في الحسبان.
رأت يقظة وليس كابوساً في المنام، ذات القاتل الذي تبحث عنه لتقتص منه محمياً بسلطان الدولة ، محتفىً به مُكْرماً ،تُنحر له الذبائح وتُقام له الدنيا ولم يُقعدها أحد تحت غطاء صفقة لم تزل مثاراً للجدل..
ومن زاوية أخرى ترى ذات اللص الذي نهب ممتلكاتها ومدخراتها ضمن المحتفى بهم…
وحينما تحدق في الركب من زاوية ثالثة ترى ذات قاطعَ الطريق الذي زرع الرعب والخوف في طرقات المدينة وضواحيها ولم يستبقِ شيئاً من الرعب والإرهاب إلا وكان للشيخ والطفل والنساء نصيب منه..

(3)
عندما أفاقت المدينة من الصدمة ، قيل لها أن هذا اتفاق بين الكبار، ابرمته الدولة برعاية القائد ياسر العطا مع هذه المجموعة القاتلة في نظركم، المخلصة المجاهدة في نظر(الآخرين) الذين ما عرفوا شيئا عن حجم معاناتكم ،ومالقيتم من عنت ومشقة..

(4)
نعود ونقول من حق الدولة وراسها وقائد جيشها أن يصدر قرار العفو العام متى شاء وبحسب تقديراته هو وليس نحن..ولكن لابد من مراعاة مشاعر الحزن حتى لاتكونوا كالذي يقهقه في وجه أهل الميت قبل دفنه.
ونقول أيضاًمن حق أي مجرم أن يسارع بالدخول تحت مظلة قرار العفو العام لحماية نفسه من عقوبة انتهاك الحق العام وليس الخاص..
ولكن ليس من حق أيّاً من كان ومهما كان وضعه أن يحمي مجرماً انتهك الحق الخاص،وليكن ذلك راسخاً في الأذهان.. وليعلم كل صاحب جريرة وكل مجرم أن الاتفاق مع العطا أو البرهان نفسه لن يحمي احداً من المحاكمة في الحق الخاص…وليكن ذلك راسخاً في ذهن المجرمين والضحايا على السواء.

(5)
أهل الدندر على درجة عالية من الوعي بحيث لاتختلط عليهم الأمور ولا يتشابه عليهم البقر…
يدركون حدود العفو العام الذي اصدره القائد العام فهو لايتعدى حق الدولة إلى الحق الخاص…غير أن كل الناس يأخذون على الجهات التي ابرمت الصفقة أنها لم تراعِ مشاعر الحزن عند الأهالي حيث جاء الترتيب والتنفيذ مستفزاً لأهل المدينة المنكوبة وكان بالإمكان تجنب هذا الإذلال بقليل جدا من الحكمة كأن يتم تجميع هذه القوات بزيها المُنفِّر المستفز وسلاحها القاتل في اي منطقة أخرى غير الدندر التي ذاقت الويل على يد أبنائها الدعامة القتلة،فلن يكون هيناً عليها أن تراهم مرة أخرى يرتدون الكدمول وزي الدعم السريع ويحملون اسلحتهم ويُستقبلون استقبال الفاتحين…
وعليه لم يبقَ إلا القول بأن المواطنين مطالبون اليوم قبل الغد بأن يشكلوا هيئة شعبية من اهل القانون والمحامين المتطوعين للطالبة بالحق الخاص ولمتابعة فتح البلاغات وإجراءات رفع الحصانات عن القتلة واللصوص ومنتهكي الأعراض تمهيدا لمقاضاتهم ولن يمنع ذلك دخول اي مجرم في مظلة العفو العام…فمن كان بريئا فليهنأ ببراءته و(عفوه) العام ، ومن كان مذنباً فليلقَ عقابه قصاصاً…

(6)
ثمة أمر آخر لابد من إبرازه بشكل واضح وهو أن ماتم لاعلاقة له بالإدارة الأهلية إذ ليس لها ضلع في فيما حدث كما علمنا، كما أنه وبحسب تحرياتنا أن ما حدث أيضا لا علاقة له بالوالي أو المدير التنفيذي فهؤلاء كلهم تفاجأوا بما جرى..وكاد أن يحدث انفلات أمني ومواجهات مسلحة بين المستنفرين والقادمين العابرين على جماجم الضحايا..ولولا لطف الله لحدث ما لايحمد عقباه وكل ذلك بسبب غياب التنسيق ، وعدم مراعات مشاعر المفجوعين المنكوبين الذين هم أهلُ المدينة كلهم أجمعون..
اللهم هذا قسمي فيما أملك..
نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق انه يراك في كل حين.


انضم لقناة الواتسب


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.