حكم المسابقات الممولة من المشتركين: رؤية شرعية وقانونية

تناول الاقتصادي والقانوني إيهاب إبراهيم الجعلي قضية المسابقات التي يتم تمويل جوائزها من مساهمات جميع المشتركين، مؤكدًا أن هذه المعاملات تنطوي على شبهات قمار محرمة شرعًا. مقاله يُلقي الضوء على القضايا الفقهية المتعلقة بالموضوع، ويُوضح الحلول التي يمكن أن تجعل هذه المسابقات متوافقة مع الضوابط الشرعية.

المسابقات الممولة من المشتركين: قمار مقنع؟

أكد الجعلي أن المسابقات التي تعتمد على تمويل الجائزة من جميع المشاركين تندرج ضمن معاملة “الميسر” المحرمة، وفقًا لنص فتوى صادرة عن مجمع الفقه الإسلامي السوداني. وأشار إلى أمثلة عملية من الماضي، مثل مسابقات شركات الاتصالات في رمضان التي قدمت جوائز مغرية، مثل السيارات والمنازل وسبائك الذهب، لكنها في حقيقتها اعتمدت على زيادة قيمة الرسائل التي يرسلها المشتركون.

المعيار الشرعي رقم (55): ضوابط الجائزة المباحة

استشهد الجعلي بالمعيار الشرعي رقم (55) الصادر عن هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية (أيوفي)، الذي يضع شروطًا واضحة لجواز المسابقات بعوض:

  • أن تكون في الأمور المباحة شرعًا، مثل التعليم أو الترفيه المشروع.
  • ألا يكون تمويل العوض من جميع المتسابقين بالتساوي أو بالتفاوت، لأن ذلك يدخل في مفهوم القمار الذي يقوم على مبدأ “يغنم أو يغرم”.
    كيف يكون تمويل الجائزة محرّمًا؟

أوضح مجمع الفقه الإسلامي أن زيادة قيمة الرسائل المرسلة للمشاركة في المسابقة عن القيمة العادية تُعد تمويلًا مباشرًا للجائزة من المشتركين. وبالتالي، تصبح المسابقة معاملة غير جائزة شرعًا. هذا النوع من التمويل يجعل جميع المشاركين في دائرة الخطر: إما أن يخسروا المال الذي دفعوه، أو يربحوا الجائزة، وهو ما يُعرف بالقمار في الشريعة الإسلامية.

الحل الشرعي: التمويل من طرف ثالث

أشار الجعلي إلى الحلول التي تُخرج المسابقات من دائرة الحُرمة إلى دائرة الجواز الشرعي، وهي:

تمويل الجائزة من جهة خارجية، مثل شركة راعية أو طرف ثالث لا علاقة له بالمشتركين.
تمويل الجائزة من أحد المشاركين دون الآخرين، بشرط أن يكون ذلك برضاه ودون إلزام.

نظرة أعمق: أهمية التزام الضوابط الشرعية

المسابقات التجارية تُعد وسيلة فعالة للترويج وجذب الجمهور، لكنها تحمل مسؤولية أخلاقية وقانونية. التزام الشروط الشرعية لا يضمن فقط مشروعية النشاط، بل يُعزز أيضًا ثقة الجمهور والمشاركين في النزاهة.

خاتمة

إن معالجة قضايا مثل تمويل الجوائز في المسابقات تتطلب وعيًا شرعيًا وقانونيًا لضمان التوافق مع القيم الإسلامية. الحلول المطروحة تُظهر أن هناك دائمًا طرقًا مبتكرة لتحقيق الأهداف التجارية دون الإخلال بالمبادئ الشرعية.


إنضم للواتسب


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.