عاجل.. هروب حميدتي من الخرطوم برفقة عادل دقلو .. وانهيار المليشيا

سودافاكس – الخرطوم: في ليلة فارقة، شهدت الخرطوم تحولات دراماتيكية مع استعادة الجيش السوداني للقصر الجمهوري، وهو الحدث الذي لم يكن مفاجئًا فقط للمراقبين، بل حتى لقيادات مليشيا الدعم السريع أنفسهم. وسط هذا الزخم العسكري، كان قائد المليشيا محمد حمدان دقلو، المعروف بـ”حميدتي”، يتخذ قرارًا مصيريًا: الفرار من العاصمة في لحظة بدا فيها أن المعركة حُسمت.

غادر حميدتي الخرطوم برفقة عدد من أقرب معاونيه، من بينهم إدريس حسن وعادل دقلو، متسللين تحت جنح الظلام في محاولة للنجاة من قبضة الجيش الذي بات يُحكم سيطرته على أهم المواقع الاستراتيجية. لم يكن الهروب مجرد انسحاب تكتيكي، بل كان بمثابة اعتراف ضمني بأن وجوده في العاصمة بات مستحيلًا، وأن الخيارات أمامه باتت تضيق بوتيرة متسارعة.

حميدتي في الخرطوم: عودة متخفية تحت العيون الراصدة

رغم هروبه من العاصمة بعد استعادة الجيش للقصر الجمهوري، لم يبقَ حميدتي بعيدًا عنها لفترة طويلة. تشير المعلومات إلى أنه تسلل إلى الخرطوم بين ديسمبر ومارس، متخفيًا بحذر في مناطق محددة داخل المدينة، في محاولة لإعادة ترتيب صفوف مليشياه وإدارة العمليات من الداخل. إلا أن تحركاته لم تكن خفية كما ظن، فقد كان تحت الرصد الدقيق من الأجهزة الاستخباراتية التي تتبعت خطواته وتحركات مرافقيه.

ورغم اتخاذه إجراءات أمنية صارمة، وتغيير أماكن اختبائه باستمرار، إلا أن تواجده في الخرطوم لم يدم طويلًا. ومع تضييق الخناق عليه، اضطر إلى المغادرة مجددًا، ليؤكد بذلك أن وجوده داخل العاصمة كان محفوفًا بالمخاطر، وأن الخرطوم لم تعد بيئة آمنة له كما كانت في بداية الحرب.

صدمة المليشيا: اجتماع الضرورة وقرار الفرار الجماعي

مع بزوغ شمس اليوم التالي، كانت قيادات الدعم السريع في الميدان تواجه حقيقة صادمة: قائدهم فرّ وتركهم في قلب المعركة دون توجيهات. اجتمع كبار القادة الميدانيين للمليشيا في محاولة يائسة لفهم ما حدث واتخاذ قرار حاسم بشأن مصيرهم. خلال هذا الاجتماع العاجل، كان الارتباك هو العنوان الأبرز، إذ بدا أن المليشيا باتت بلا رأس، وهو ما دفع الحاضرين إلى اتخاذ قرار لا يقل دراماتيكية عن هروب حميدتي نفسه: الانسحاب الجماعي.

في مشهد يعكس انهيار المعنويات، تخلّى أفراد المليشيا عن مواقعهم، تاركين خلفهم مركباتهم القتالية وأسلحتهم الثقيلة، بل إن كثيرًا منهم عمدوا إلى التخلص حتى من ملابسهم العسكرية وأحذيتهم، في محاولة للاندساس بين السكان والهرب من أي ملاحقة محتملة. كانت تلك لحظة تجلّت فيها هشاشة المليشيا التي طالما تغنّت بأنها قوة لا تُقهر، لتتحول في ساعات قليلة إلى فلول مشتتة تسابق الزمن للنجاة من المصير المحتوم.

وجهة غير معلومة: حميدتي في قلب كردفان والجنجويد يلحقون به

لم يغب حميدتي طويلًا عن المشهد، إذ سرعان ما ظهر في منطقة حمرة الشيخ بشمال كردفان، في خطوة تعكس سعيه لإعادة ترتيب أوراقه بعيدًا عن نيران الجيش. إلا أن ظهوره هناك لم يكن سوى محطة عبور، إذ سرعان ما غادر إلى وجهة غير معلومة، مما زاد من التكهنات حول موقعه الفعلي.

في الأثناء، كانت موجات من عناصر الجنجويد تتدفق نحو كردفان، في مؤشر قوي على أن زعيمهم ربما لجأ إلى مناطق نفوذهم هناك، تحديدًا في بادية الكبابيش، حيث تربطه علاقات قديمة ببعض أعيان المنطقة. هذه التحركات أثارت تساؤلات حول ما إذا كان يسعى إلى إعادة تجميع قواته أم أنه يبحث عن ملاذ آمن بعيدًا عن أعين الجيش والمجتمع الدولي.

ما جرى في تلك الأيام القليلة كشف عن ضعف غير مسبوق في بنية المليشيا، وعن حقيقة أن قوتها لم تكن تستند إلى عقيدة عسكرية راسخة بقدر ما كانت قائمة على نفوذ قائدها. ومع انهيار ذلك النفوذ، تبددت قوتها كما يتبدد السراب في صحراء كردفان.

Exit mobile version