وديعة دولة الإمارات العربية المتحدة للسودان، والبالغة نصف مليار دولار، تأتي في إطار التعاون والتنسيق الاستراتيجي بين البلدين، ومن منطلق موقف دولة الإمارات الثابت في دعم السودان وتقديراً لدورها المحوري في المنطقة.
ورغم أن الوديعة لم تصل الخرطوم حتى الآن، إلا أن الانفراجة المرتقبة بشأن العملة الصعبة، أربكت سوق الصرف الموازي، غير أن مصرفيين اعتبروا أن الوديعة ضربة قوية لتجار الدولار، حيث انخفض سعر صرف الدولار خلال الأيام الماضية إلى (17.50) جنيهاً، بعد أن وصل سعر صرف الدولار (19.95) جنيهاً في السوق الموازية.
واعتبر مصرفيون، أن انخفاض سعر صرف الدولار سيستمر خلال الفترة المقبلة، عقب وصول المساعدات المالية الخليجية لدعم احتياطي النقد الأجنبي في خزينة بنك السودان المركزي.
وقال أستاذ الاقتصاد بجامعة النيلين الدكتور “محمد الناير”، إن الوديعة الإماراتية خطوة من جانب دولة الإمارات العربية المتحدة تظهر متانة العلاقات بين الشعبين الإماراتي والسوداني، إلى جانب التنسيق المستمر بين قيادتي البلدين الشقيقين.
وأشار إلى أن الوديعة جاءت في توقيت مناسب وستسهم في استقرار سعر الصرف، وأنها ستساعد على تجاوز السودان لأزمة الدولار وتوفير العملات الأجنبية إذا ما تم توظيفها توظيفاً صحيحاً.
وتوقع الدكتور “محمد الناير” أن تحدث الوديعة تحسناً في سعر الصرف خلال الفترة المقبلة .
أما رئيس قسم الاقتصاد بجامعة أم درمان الإسلامية الدكتور “الطيب عمر”، فقال: إن وديعة الإمارات العربية المتحدة تأتي استكمالاً للدعم الذي ظلت تقدمه الإمارات للسودان، حيث بدأ في عهد المغفور له بإذن الله الشيخ “زايد بن سلطان” الذي كانت له إنجازاته الخيرة في السودان منها مستشفيات ومساجد ومشروعات للبنية التحتية.
مسكنات مؤقتة
من جانبه، اعتبر أستاذ الاقتصاد ومستشار صندوق النقد الدولي سابقًا الدكتور “صلاح الزين”، أن الودائع الإماراتية بمثابة مسكنات لأزمة العملة الصعبة، مستشهدًا بأن البنك المركزي تلقى حوالي (3) مليارات دولار من الخليج خلال السنوات القليلة الماضية، لم تنجح في حل الأزمة، بل شهد سعر صرف الدولار ارتفاعات متتالية.
وأشار “الزين”، إلى أن أساس حل أزمة الدولار تتمثل في موارد الدولار الأساسية المعطلة حتى الآن، لافتاً إلى أن جزءًا من الدعم المقدم ممثل في قروض تُمثل أعباء على الدولة، والتزامات تحتاج لإيرادات مستدامة لتغطيتها في تاريخ استحقاقها.
سداد ديون خارجية
الخبير الاقتصادي “عبد الحافظ الصاوي”، أشار إلى نقطة أخرى، تتمثل في كون تلك الأموال الأجنبية التي تدخل البنك المركزي، سيتم سداد جزء كبير منها للقروض والديون الخارجية المستحقة على الحكومة السودانية.
وشدد “الصاوي” على ضرورة توفير موارد ذاتية من النقد الأجنبي، لوقف نزيف الجنيه أمام الدولار.
النقد الأجنبي
وثمن الخبير الاقتصادي الدكتور “عثمان البدري” الدعم المادي الذي قدمته دولة الإمارات للسودان بوديعة قدرها نصف مليار دولار، بأنها سوف تدعم البنك المركزي السوداني في هذه الفترة التي يشهد فيها السودان أزمة كبيرة في النقد الأجنبي. وأضاف، السودان يحتاج الآن إلى سيولة من العملات الأجنبية ومن النقد الأجنبي الذي يمثل مساندة كبيرة للاقتصاد السودان، مؤكداً أن الوديعة سوف تتيح دعماً لتحركات البنك المركزي السوداني في سوق الصرف خلال الفترة المقبلة.
وأكد الدكتور “البدري” أن احتياجات السودان من النقد الأجنبي في الأجل القصير في ظل ندرة النقد الأجنبي كبيرة جداً، وبالتالي فإن نصف المليار دولار التي تقدمها الإمارات للبنك المركزي في صورة وديعة سيكون تأثيرها شديد الإيجابية، سواء على سعر صرف الدولار وتوفير العملات الأجنبية التي تساعد في توفير الواردات السودانية من السلع الحيوية وفتح اعتمادات استيرادية.
وأضاف “البدري”، أن رفع احتياطيات النقد الأجنبي في البنك المركزي وتدعيم قدرة البنك المركزي من خلال الدعم الإماراتي يحسن من صورة السودان الاقتصادية الخارجية، وسيدعم تدفق الاستثمارات الخارجية للسودان، ويساهم في فتح آفاق استثمارية في مشروعات اقتصادية لتوفير احتياجات داخلية أو تقديم خدمات وصادرات للعالم الخارجي.
والوديعة المصرفية هي تلك المبالغ النقدية التي يضعها الأفراد والهيئات في البنك بصفة مؤقتة، لمدة قصيرة أو طويلة الأجل، من أجل حفظها أو توفيرها.. وأساس الوديعة هو الفاصل الزمني بين لحظة الإيداع ولحظة السحب، وتكمن أهميته في أنه يسمح بتحديد المردودية بالنسبة للشخص المودع.
وبلغت قيمة الاستثمارات الإماراتية في السودان (6) مليارات دولار بنهاية العام 2015، بينما بلغ حجم التبادل التجاري (2.400) مليار دولار بنهاية 2014، وفق بيانات حكومية.
تقرير – عماد الحلاوي
صحيفة المجهر السياسي