أزمة مطار الخرطوم: خبراء يرفضون حلول “التبسيط الخطر” في الطيران المدني

تحذير من دعوات التبسيط الخطير: لا للطيران المرئي في تشغيل الطائرات التجارية الكبيرة
كتب:إبراهيم عدلان
في خضم الظروف الاستثنائية التي يمر بها قطاع الطيران السوداني، ومع تزايد النقاشات حول سبل إعادة تشغيل مطار الخرطوم الدولي، برزت على السطح دعوات غير مهنية تنادي باستخدام ما يُعرف بـ«قواعد الطيران المرئي (VFR)» لتسيير الطائرات التجارية الكبيرة، سواء لنقل الركاب أو البضائع، في غياب المنظومات الفنية المتكاملة. وهي دعوات، وإن لبست ثوب الحرص على استمرارية التشغيل، إلا أنها تنطوي على قدرٍ خطير من التبسيط المخل، وتفتقر إلى الحد الأدنى من الفهم المهني، ناهيك عن تجاهلها الصارخ لمبادئ السلامة الجوية الدولية.
صالة الحج والعمرة تنقذ الموقف : خطوة ذكية في مطار الخرطوم
إن مثل هذه الطروحات لا تُبنى على أسس علمية أو فنية سليمة، بل تأتي في سياق تعمية إعلامية مكشوفة، تهدف إلى ذر الرماد في العيون، وتقديم حلول ظاهرها البراغماتية، وباطنها مغامرات غير محسوبة العواقب، قد تكلّف الأرواح وتضرب في عمق سمعة الطيران المدني السوداني.
ومن المهم أن نؤكد، دون مواربة، أن قواعد الطيران المرئي (VFR) ليست مخصصة لتشغيل الطائرات التجارية ذات الحجم الكبير، لا في الظروف الطبيعية ولا الاستثنائية، بل هي نمط تشغيلي مقيد بشروط صارمة، لا تتوفر مجتمعة إلا في بيئات تشغيلية محددة، نذكر منها:
• أجواء خالية من العوائق الملاحية والمخاطر العسكرية أو غيرها.
• مدى رؤية أفقي وعمودي عالٍ يسمح للطيارين بالتحليق وتجنّب الاصطدامات بالعين المجردة.
• إشراف مهني كامل من قبل مراقبي حركة جوية مؤهلين.
• وجود مطارات مزودة بمنشآت تشغيلية مكتملة، من مدارج وممرات، إلى أنظمة هبوط وإقلاع، وخدمات إنقاذ وإطفاء.
أما في بيئة تشغيلية تتسم بضعف البنية التحتية، وعدم استقرار المجال الجوي، وغياب معايير التشغيل المعتمدة، فإن الترويج لاعتماد VFR يعد مقامرة فادحة، لا تقبلها قوانين الملاحة الجوية، ولا تتسامح معها الأنظمة الرقابية المعتمدة لدى منظمة الطيران المدني الدولي (ICAO).
بل الأسوأ من ذلك، أن يتم تقديم هذه المقترحات المغلوطة على أنها “حلول واقعية”، بينما هي في حقيقتها قنابل موقوتة، تهدد الأرواح، وتضع السودان أمام مساءلات قانونية وفنية جسيمة في حال حدوث أي حادث أو تجاوز، خاصة في بيئة إقليمية ودولية أصبحت فيها المساءلة عن الإهمال الجوي صارمة ولا تقبل الأعذار.
إننا، في هذا المقام، نحذر بشدة من الانسياق خلف هذه الدعوات الخطيرة، والتي لا تعبّر عن موقف القطاع الفني المهني، بل تنبع من اجتهادات شخصية، غايتها الالتفاف على المعايير، وتوظيف حالة الطوارئ لفرض حلول قسرية، لا تنتمي إلى أدبيات الطيران المدني المحترف.
نناشد الجهات المختصة – وعلى رأسها سلطة الطيران المدني – بالتشبث بالتقييمات الفنية الرصينة، الصادرة عن المختصين المؤهلين، وألا تفتح الباب أمام أي مقترح لا يستند إلى معايير السلامة الجوية الدولية، أيا كان مروّجه أو غلافه الإعلامي.
فأرواح الركاب، وسلامة الطواقم، وسمعة الدولة في المحافل الدولية، ليست محلاً للتجريب أو المساومة.




تمام يا مدير
كلام الخبراء ان كانوا خبراء فعلا فيه الكثير من اللغط والغلط والمفهوم منه التعجيز و تثبيط الهمم . من قال ان الطيران النهاري خطير جدا ولا تتوفر له فرص النجاح في مطار الخرطوم هل سمعت بالطيران النهاري الذي ينزل في مطار نيالا وعلى غير المدرجات . هذا الكلام لا يخلو من الغرض والغرض مرض
لابد من الإلتزام بالمعايير المهنية التي يعرفها ويدركها الخبراء في المجال، ولايمكن عرض مثل هذه القضايا المتخصصة للعامة عبر الإعلام، ممكن نتحدث عن التثقيف بالطيران المدني وأهميته. لكن إدارة الصناعة ليست محل مزايدة صحفية.
الطيران المرئي (VFR) صحيح أنه غير مخصص للطائرات التجارية الثقيلة في الظروف الطبيعية، لكن استخدامه بشكل مقنن وتحت إشراف فني محكم، في حالات الضرورة القصوى، ليس بدعة أو تهوراً، بل ممارسة معمول بها في بعض الدول أثناء الطوارئ.
المطلوب ليس تجاهل المعايير الدولية، بل التأقلم المؤقت معها لحين استعادة القدرة التشغيلية الكاملة، مع التأكيد على
تحديد أنواع الطائرات المسموح بها مؤقتاً.
اشتراط وجود طيارين ذوي كفاءة عالية الإقلاع فقط في ظروف جوية واضحة وضمن مدى الرؤية المحدد
كما نؤيد تمامًا أن الحلول يجب أن تكون تحت مظلة فنية مهنية، لا بدوافع إعلامية أو شعبوية. وفي الوقت ذاته، نرفض التصنيف المُطلق لأي مقترح بأنه تهديد أو مغامرة ما لم يكن هنالك تقييم تقني واقعي له.
دعونا لا نغلق الباب أمام أي مقترح طارئ قابل للتنفيذ وفق شروط صارمة، فالأولوية اليوم لفتح شريان الحياة للعاصمة مع الحفاظ على سلامة الطيران في أقصى حدود الممكن