المعضلة الجوهرية التي تواجه قوى الحرية والتغيير
بقلم: محمد الكاروري
المعضلة الجوهرية التي تواجه قوى الحرية والتغيير، بمختلف تياراتها وانقساماتها، أنها تصطدم بحقيقة لا يمكن إنكارها: مليشيا الجنجويد ارتكبت جرائم فادحة، وتجربتها في الحرب الأخيرة رسخت في الوعي السوداني بشكل مباشر. فالشعب السوداني لا يحتاج إلى تحليلات سياسية أو تأويلات لتصريحات ليدرك ذلك؛ فقد خبر هذه المليشيا بنفسه. فقدت الأسر أبناءها وأموالها وكرامتها، ومن لم يفقد في بيته فقد في أقربائه.
من هنا، يصبح أي خطاب سياسي يتجاهل هذه الحقيقة خطاباً هشّاً وفاقداً للمصداقية. النقاش حول الشرعية، أو الدولة، أو الديمقراطية، أو الإسلاميين، يمكن أن يجد من يصغي إليه، لكنه لا يُبنى إلا على الاعتراف أولاً بأن الجنجويد هم المشكلة الأساسية. فإذا قيل إن الإسلاميين خطر، فلابد من القول إن الجنجويد أشد خطراً. وإذا طُرح أن الجيش يجنح إلى الدكتاتورية، فهذا قد يكون موضوعاً للحوار، لكن بعد تثبيت أن الجنجويد يمثلون التهديد الأكبر. وحتى الحديث عن السلام ووقف الحرب لا يُقنع الناس إلا إذا انطلق من الإقرار الواضح بأن هذه المليشيا مجرمة، وأن وقفها شرط لسلامة المواطنين.
بل إن مجرد القول الصريح: “الجنجويد قوة مرعبة نخاف علي الناس منها”، قد يكون مدخلاً أكثر واقعية وصدقية لأي حوار، من الحديث الفضفاض عن “أطراف النزاع” أو “اتفاقيات السلام”.
بدون الوضوح في هذه النقطة، النقاش السياسي لا طائل منه.
بقلم: محمد الكاروري
