إدانة تاريخية في أولى قضايا دارفور أمام العدالة الدولية

سودافاكس – أدانت الدائرة الابتدائية الأولى في المحكمة الجنائية الدولية القائد السابق لمليشيات الجنجويد علي محمد علي عبد الرحمن، المعروف باسم علي كوشيب، بارتكاب 27 تهمة من جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية في إقليم دارفور غربي السودان، لتكون هذه الإدانة هي الأولى من نوعها في القضايا المتعلقة بانتهاكات دارفور.

تفاصيل الحكم ومسار المحاكمة

منحت المحكمة الضحايا حق المطالبة بجبر الضرر الناتج عن الجرائم المنسوبة إلى كوشيب، وأرجأت إصدار العقوبة النهائية إلى موعد لاحق.
ويأتي الحكم بعد تحقيق شامل استمر لسنوات، عقب إحالة مجلس الأمن الدولي لملف دارفور إلى المحكمة في عام 2005. واعتمد الادعاء العام في القضية على شهادات 81 شاهداً وأكثر من 1500 قطعة من الأدلة، قدمت أمام الدائرة خلال جلسات المحاكمة التي جرت في لاهاي.

جلسات مقبلة لتحديد العقوبة

أعلنت المحكمة أن جلسة جديدة ستُعقد في الفترة من 17 إلى 21 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل لتلقي أي أدلة إضافية قبل تحديد موعد الجلسة العلنية لإصدار الحكم النهائي بشأن العقوبة.
وأوضحت القاضية جوانا كورنر أن الأدلة التي استعرضتها المحكمة أثبتت بما لا يدع مجالاً للشك أن كوشيب مذنب بصفته مرتكباً مباشراً لجرائم القتل والتعذيب والاغتصاب وتدمير الممتلكات والاعتداء على الكرامة الإنسانية.

الجرائم المرتكبة والمناطق المتضررة

وفق الحكم، ارتكب كوشيب الجرائم في مناطق كتم، بنديسي، مكجر، ودليج خلال الفترة من أغسطس/آب 2003 إلى أبريل/نيسان 2004.
في المقابل، لم تصدر المحكمة إدانة في 4 تهم إضافية، كون السلوك الإجرامي المتعلق بها مغطى في التهم الأخرى التي أُدين بها.

العقوبات المحتملة

من المتوقع أن تشمل العقوبة السجن والغرامة ومصادرة الممتلكات والأصول الناتجة عن الجرائم.
وأمهلت المحكمة الأطراف المعنية حتى 20 أكتوبر لتقديم أي أدلة جديدة، على أن تُقدم المذكرات الخطية بشأن العقوبة في موعد أقصاه 3 نوفمبر المقبل.

جدل قانوني داخل السودان

أثار الحكم جدلاً واسعاً بين الحقوقيين السودانيين.
وقال الخبير القانوني نبيل أديب إن القرار سيشجع المحكمة على المطالبة بتسليم 4 متهمين سودانيين آخرين، بينهم الرئيس المخلوع عمر البشير.
وأشار أديب إلى أن النظام العدلي السوداني لم يكن مستقلاً خلال حكم البشير، وأن القوانين حينها لم تتضمن الجرائم الدولية الثلاث: الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، وهو ما أدى إلى إحالة الملف إلى المحكمة الدولية. أما الخبير القانوني هاني تاج السر فاعتبر أن المحكمة الدولية تأخرت في إصدار حكمها نحو ثلاث سنوات، وأن القضية كان يمكن أن تُنظر داخل السودان لأن القضاء الوطني مؤهل لذلك، على حد قوله.

ترحيب حقوقي واعتبار الحكم انتصارًا للضحايا

من جهته، رحب رئيس هيئة محامي دارفور صالح محمود بالحكم واعتبره إنصافاً للضحايا ودليلاً على أن الجرائم ضد الإنسانية لا تسقط بالتقادم.
وطالب محمود بتسليم جميع المتهمين إلى المحكمة الجنائية، بمن فيهم البشير ووزيرا دفاعه وداخليته السابقان، مؤكداً أن القضاء السوداني بحاجة لإصلاحات عميقة قبل أن يتمكن من النظر في مثل هذه القضايا.

خلفية عن كوشيب وتسليمه للمحكمة

سلّم علي كوشيب نفسه طواعية إلى سلطات أفريقيا الوسطى في يونيو/حزيران 2020، قبل نقله إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، حيث بدأت إجراءات محاكمته رسمياً في الدائرة التمهيدية.
ويُعد كوشيب أول متهم تصدر بحقه المحكمة حكماً في ملف دارفور، بينما لا تزال قضايا البشير وعبد الرحيم محمد حسين وأحمد هارون وعبد الله بندا قيد الانتظار.




مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.