المنظمات الأجنبية في السودان: بين العمل الإنساني والشكوك المخابراتية

المنظمات الأجنبية في السودان: بين العمل الإنساني والشكوك المخابراتية

في الفترة الأخيرة ظهرت مجموعة من المنظمات الأجنبية العاملة في السودن في مجالات إنسانية ومجالات الإغاثة والتنمية والصحة وغيرها .

ولكن هنالك استفهامات وشكوك حول تمويل وعمل هذه المنظمات

ففي خضم الأزمات التي تمر بها البلاد وما يعاني منه المواطن السوداني ، تبرز أسئلة حرجة حول الدور الحقيقي لبعض هذه المنظمات وخاصة تلك التي تتحرك بهوامش غامضة وتنفق ميزانيات ضخمة لا تبدو متناسبة دائماً مع حجم العمل الميداني المعلن.

الاستفهام الكبير ؟

أبرز الاستفهامات التي تثار دائماً في هذا الصدد تتعلق بإمكانية قيام بعض هذه المنظمات بأدوار مخابراتية لصالح دول أو كيانات أجنبية وقد تستغل هذه المنظمات الازمات والظروف الانسانية الحرجة للناس حيث تتحول الحاجة الإنسانية للمواطن إلى سلعة ثمينة يمكن مقايضتها بمعلومات أو ولاءات.

تغليف عملية جمع المعلومات تحت غطاء إجراء المسوحات الميدانية لتقييم الاحتياجات حيث تقوم بجمع بيانات دقيقة وحساسة عن التكوين الديموغرافي للمناطق، والتحركات السكانية، والولاءات القبلية والسياسية، بل وحتى عن الشخصيات المؤثرة والناشطين. هذه المعلومات ذات قيمة لا تقدر بثمن لأي جهاز مخابراتي.

وقد تقوم باختراق النسيج الاجتماعي حيث يتم بناء شبكات علاقات مع موظفين محليين ، وقادة مجتمعيين، وشباب طموحين، قد يتم استغلال حاجتهم المادية أو الوظيفية لتجنيدهم بشكل مباشر أو غير مباشر، ليكونوا عيوناً وآذاناً لتلك الكيانات.

فثمة خط رفيع بين جمع البيانات لأغراض عمل إغاثي فعلي، وبين التوغل في الحياة الخاصة للمواطنين تبدأ الشكوك عندما تتجه أسئلة الاستبيانات أو المقابلات إلى تفاصيل ليس لها أي علاقة منطقية بمشروع إغاثي أو تنموي أسئلة حول أراضي العائلة، وعلاقاتها القبلية، وآراء أفرادها في القضايا السياسية الحساسة، وتفاصيل دقيقة عن ممتلكاتهم وأنشطتهم اليومية كل هذه مؤشرات على أن الهدف قد تجاوز تقديم المساعدة إلى رسم خرائط اجتماعية وسياسية لأغراض أخرى.

وفي كثير من الأحيان، تُعلن منظمة أجنبية عن نفسها في منطقة ما بميزانية مليونية ضخمة بينما يقتصر عملها الميداني على مكاتب فارهة وعدد محدود من المشاريع ذات التأثير المحدود هذه الفجوة بين حجم التمويل وضآلة الأثر المرئي تطرح تساؤلات جادة

أين تذهب هذه الأموال؟
هل تُستخدم لتمويل أنشطة موازية غير معلنة؟
هل يتم تحويلها لتمويل جهات أو جماعات معينة تحت الطاولة لتأجيج الصراعات؟

أم أنها ببساطة تلميع ديبلوماسي لدولة اجنبية تهدف إلى شراء الوجود والنفوذ أكثر من تقديم العون؟

كلها استفهامات تحتاج لاجابات؟

لابد للدولة ان تشدد الرقابة على عمل المنظمات الاجنبية وتدعم وتمكن للمنظمات الوطنية و الإقليمية المعروفة .

لا يمكن إنكار الدور الإيجابي الذي لعبته وتلعبه العديد من المنظمات الدولية الجادة في إنقاذ الأرواح وتقديم الدعم للسودانيين ولكن السماح لهذا الدور بأن يمر دون مساءلة أو رقابة فعالة يمثل خطأً قد يكلفنا الكثير.

طلال محمد خير

Exit mobile version