الإدارة الأمريكية غير جادة في التعامل مع الملف السوداني
د. الصادق خلف الله
لم تُظهر أمريكا حتي الآن التزامًا جادًا بالسعي إلى حل سياسي في السودان، وهي حقيقةٌ باتت جليةً بشكل متزايد منذ قيام الثورة في أبريل ٢٠١٩. يبدو إدارة الملف السوداني الحالي في واشنطن اصبح مجرد لعبة تُدار من قِبل مسؤولين ثانويين و رجال أعمال داخل الإدارة الأمريكية الحالية.
«ورقة الفاشر» و«القاعدة الروسية» مقابل تصنيف الدعم السريع منظمة إرهابية ووقف الدعم الإماراتي
لو كانت واشنطن جادة حقًا في معالجة الحرب في السودان، ل كلفت وزير الخارجية الأمريكي ماركو ربيو علي رأس وفد رفيع المستوى لتولي مسؤولية ملف السودان . لما يقرب من أربع عقود ، أشرفت على الوضع في السودان إداراتٌ أمنية واستخباراتية أمريكية مُختلفة، بينما ظلّ الكونجرس الأمريكي والبيت الأبيض غير مُنخرطين إلى حد كبير في الشؤون السودانية منذ عام ١٩٨٩. وقد ساهم هذا الغياب في التعقيدات المُستمرة التي يواجهها السودان.
نظّم معهدنا همتي دمتي انستيوت ، زيارات اربعة ووفود من الكونغرس للسودان ، الوفد الأول من الكونغرس إلى السودان كان في نوفمبر 2015، أعقبه وفدان إضافيان في عام 2018 وآخر في عام 2019، قبيل الثورة، ووفد أخير بعد قيام الثورة زار السودان في ٢٠٢٠ من نفس المجموعة و كانت الزيارة بترتيب من الكونغرس نفسه . في المجمل، شارك ما يقارب 14 عضوًا من الكونغرس الأمريكي في هذه الزيارات. كان جميع الأعضاء شخصيات مؤثرة في مجال الأمن والعلاقات الخارجية، وأظهروا دعمًا قويًا للسودان ايام الثورة من خلال تقديم عدة مشاريع قوانين تهدف إلى مساعدة السودان من قبل سقوط الإنقاذ الي بدايات الثورة.
على الرغم من هذا الزخم السابق ، أصبح من الواضح بشكل متزايد أن الإدارة الحالية ليست جادة في إيجاد حل دائم في السودان . على مدى السنوات القليلة الماضية، سمعتُ هذا الحديث تكرارا يتردد علي لسان أعضاء الكونغرس الجادين و العارفين بالملف السوداني و اللذين يشعرون بالاستبعاد من المشاورات المتعلقة بالسودان. زار العديد من هؤلاء الأعضاء السودان ولديهم فهم عميق للوضع على الأرض. للأسف، تم استبعادهم من المناقشات الجارية، مما يُبرز عدم التزام الإدارة بمعالجة التحديات الحقيقية المعقدة التي تواجه السودان.
في الختام ، لإجراء اي معالجة حقيقية للوضع في السودان لابد أن يترقي الملف السوداني الي أولويات الأجندة الامريكية ، يجب أن تأتي المبادرة الرئيسية لإيجاد حل في السودان من خلال شخصية رفيعة المستوى في البيت الأبيض او الرئيس ترامب نفسه أو وزير الخارجية ربيو أو رئيس لجنة الشئون الخارجية بمجلس النواب الأمريكي براين ماست. وإلا، فإن تصرفات المسؤولين من المستوي الثاني و رجال الأعمال ، الذين يفتقرون إلى القوة السياسية والمعرفة والخبرة اللازمة في إدارة الملفات المعقدة لمعالجة هذا الصراع المعقد بفعالية، لن تؤدي إلا إلى إرباك وتعتيم المسار السياسي المستقبلي في السودان.
