ابراهيم عدلان: حول وصف شركة مطارات السودان المحدودة بالصفة التجارية

ابراهيم عدلان يكتب ردا على مقال “بشير عبد الرحمن بشير” حول وصف شركة مطارات السودان المحدودة بالصفة التجارية
قرأتُ باهتمام المقال الذي تفضّل بكتابته الأستاذ بشير عبد الرحمن بشير – مساعد المدير العام السابق لشركة مطارات السودان المحدودة – بعنوان:
«شركة مطارات السودان المحدودة ليست بشركة تجارية يا هؤلاء»
ولا شك أن ما خطّه قلمه نابع من حرص صادق واهتمام حقيقي بمستقبل مؤسسات الطيران المدني في السودان. ومع كامل التقدير لمكانته وخبرته الطويلة، فإن المقال تضمّن عددًا من النقاط التي تستوجب الإيضاح الموضوعي والقانوني، حتى لا يختلط على الرأي العام الفرق بين الصفة السيادية والصفة الخدمية – التجارية في مؤسسات الدولة.
أولاً: الوضع القانوني للشركة
تم إنشاء شركة مطارات السودان المحدودة بموجب قانون الشركات لسنة 1925م (والمعدل لسنة 2025م)، باعتبارها شركة عامة محدودة المسؤولية، مملوكة على النحو الآتي:
• 99% لوزارة المالية والتخطيط الاقتصادي،
• 1% لبنك السودان المركزي.
وبموجب هذا التأسيس فهي شخصية اعتبارية مستقلة ماليًا وإداريًا، تخضع لأحكام قانون الشركات، وليس لأي قانون خاص بالمؤسسات السيادية أو الهيئات الحكومية، مما يجعلها من الناحية القانونية شركة خدمية ذات طابع تجاري.
ثانياً: الخضوع لقانون العمل السوداني لسنة 2007م
تخضع جميع علاقات العمل في شركة مطارات السودان المحدودة لأحكام قانون العمل السوداني لسنة 2007م، وليس لقانون الخدمة المدنية لسنة 2017م أو أيٍّ من لوائح الخدمة العامة.
وهذه نقطة جوهرية تُرسّخ بوضوح أن العاملين في الشركة ليسوا موظفين حكوميين بالمعنى الإداري والسيادي، وإنما عاملون في منشأة خاضعة لقانون العمل التجاري، مثلهم مثل العاملين في الشركات العامة الأخرى (كشركة الخطوط الجوية السودانية أو شركات الكهرباء والموانئ).
إنّ مجرد خضوع الشركة لقانون العمل لسنة 2007م هو إثبات قانوني قاطع لطبيعتها كشركة خدمية مستقلة تعمل وفق مبادئ السوق والربح والخسارة، لا وفق أنظمة الخدمة العامة أو الموازنة الحكومية.
ثالثاً: الفرق بين الصفة السيادية والصفة الخدمية
الصفة السيادية تُمنح للمؤسسات التي تمارس سلطة الدولة التنظيمية أو الرقابية أو التشريعية، مثل سلطة الطيران المدني السودانية، التي تختص بإصدار التراخيص وتنظيم المجال الجوي والإشراف على السلامة الجوية، وتمثل السودان أمام منظمة الإيكاو.
أما شركة مطارات السودان المحدودة فهي جهة تشغيلية خدمية، تقوم بإدارة وتشغيل وصيانة وتطوير المطارات، وتقديم خدمات فنية وتشغيلية مقابل رسوم خدمة متفق عليها وفق معايير منظمة الطيران المدني الدولي (ICAO).
تلك الرسوم ليست “عوائد سيادية”، بل مقابل خدمات، شأنها شأن أي مؤسسة تقدم خدمات عامة بمقابل.
رابعاً: الإشراف والمرجعية المؤسسية
تخضع الشركة لإشراف سلطة الطيران المدني من الناحية الفنية والتنظيمية فقط، ضمانًا للامتثال لمعايير السلامة والجودة.
أما من حيث الإدارة والمالية، فهي تخضع لوزارة المالية والمراجع العام وفقًا لقانون الشركات، مما يجعلها كيانًا ذا استقلال تشغيلي ومالي كامل.
خامساً: وصف الشركة بالتجارية لا ينتقص من قيمتها
إن وصف الشركة بأنها “تجارية” لا يُقلّل من شأنها أو من دورها الوطني، بل يُعبّر عن واقعها القانوني والإداري الصحيح.
فالطبيعة التجارية لا تتعارض مع أداء المهام الوطنية، بل تُعزز كفاءتها التشغيلية واستدامتها المالية، مثلها مثل شركات الكهرباء والموانئ والمياه التي تقدم خدمات عامة ضمن إطار تجاري منضبط.
إنّ نزع الصفة التجارية عن الشركة لا يستند إلى منطق قانوني أو مؤسسي، بل يتعارض مع فلسفة الإصلاح المؤسسي لعام 2013م، التي هدفت إلى الفصل بين الجسم الرقابي (السلطة) والجسم التشغيلي (الشركة) لضمان الكفاءة والشفافية والمساءلة.
الخلاصة
شركة مطارات السودان المحدودة أنشئت بموجب قانون الشركات لسنة 1925م المعدّل 2025م.
مملوكة بالكامل للدولة (99% وزارة المالية، 1% بنك السودان).
تعمل وفق قانون العمل لسنة 2007م وليس قانون الخدمة المدنية.
خدمية ذات طابع تجاري تعمل بمبدأ الربح والخسارة.
تحت الإشراف الفني لسلطة الطيران المدني دون أن تمتلك أي سلطة سيادية.
وعليه، فإن أي محاولة لنزع الصفة التجارية عن الشركة أو وصفها بأنها “سيادية” تُعد تجاوزًا قانونيًا ومنهجيًا، وتؤدي إلى تشويش المفهوم المؤسسي الذي قامت عليه منظومة الطيران المدني السوداني الحديثة.
والله ولي التوفيق
بتاريخ: 6 نوفمبر 2025م




يرى البعض ان تعديل قانون الشركات لسنة ٢٠٢٥ الذي اعاد اعاد الباب التاسع او العاشر – لا اذكر – (شركات الفطاع العام) او( الشركات المملومة للدولة) هذا الباب من القانون قد اخضع هذه الشركات بالكامل لمجموعة من القوانين العامة فيما بتعلق بالتوظيف مثلا الى قوانين الخدمة العامة مما يجعل الموظفين بها عمالا حكوميبن خاضعين لقانون الخدمة العامة وليس تحت قانون العمل كما تخضع الشركة الى قوانين الرقابة المالبة بما في ذلك قوانين الشراء والتعاقد ووكذلك الى قوانين الرقابة القانونية مثل قانون وزارة العدل . الخ فهي بذلك تكون شركة قطاع عام وليست شركة قطاع خاص تعمل على اسس تجارية بحتة’
والله اعلم