انسحاب السودان من اجتماعات السياحة الدولية يفتح نقاشاً واسعاً حول حماية التراث

سودافاكس – حظي قرار الوفد السوداني بالانسحاب من اجتماعات الدورة الـ26 للجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة للسياحة، التي استضافتها العاصمة السعودية الرياض، بدعم محلي ودولي كبير، حيث اعتبره مراقبون تعبيراً مباشراً عن ضمير الأمة وتأكيداً لتمسك السودان بسيادته وكرامته الوطنية.

السعودية تحتفي باستضافة الجمعية العامة لمنظمة السياحة العالمية بإطلاق ختم خاص

موقف مبدئي لا يعني الانسحاب من العمل الدولي

يرى مراقبون أن الخطوة السودانية ليست تراجعاً عن التعاون الدولي في القطاع السياحي، بل موقف مبدئي يؤكد أن السيادة والكرامة الوطنية لا تُقايض بالمناصب. وأوضحوا أن دعم جهات إقليمية لعمليات نهب وتدمير الآثار السودانية يجعل ترشيح ممثليها لمنصب قيادي في منظمة دولية تعنى بالسياحة عملاً غير أخلاقي وغير منسجم مع مبادئ السياحة المستدامة.

السياحة المستدامة بين النظريات الدولية وواقع السودان

تشير منظمة السياحة العالمية إلى أن السياحة المستدامة تقوم على مراعاة الأثر البيئي والاجتماعي والثقافي، ودعم فرص العمل والاقتصاد المحلي. لكن ما يحدث في السودان من دعم للمرتزقة وتخريب المواقع الأثرية يناقض بشكل مباشر المبادئ الـ17 للسياحة المستدامة، ويُضعف قدرة السودان على حماية تراثه واستثمار موارده السياحية.
مواقع أثرية سودانية تتعرض للتخريب والنهب
شهد السودان خلال الفترة الماضية عمليات تخريب ونهب طالت مواقع أثرية بارزة، منها أهرامات مروي، جبل البركل، المتحف القومي بالخرطوم الذي فقد 80% من مقتنياته، إضافة إلى متحف نيالا بجنوب دارفور، ومتحف الجزيرة بمدني، ومتحف السلطان علي دينار بالفاشر. ويعزو الخبراء ذلك إلى دعم بعض القوى الإقليمية للمليشيات المسلحة.

تقارير دولية توثق الاعتداء على التراث السوداني

تناولت عدة تقارير دولية الوضع الخطير للآثار السودانية، من بينها تقرير اليونسكو الذي حذّر من تزايد تهريب الآثار، إضافة إلى تقرير وزارة الداخلية الإسبانية التي أعلنت إحباط عملية بيع تمثال من خمسة تماثيل نُهبت من جبل البركل.

جهود دولية ومحلية لحماية تراث السودان

أطلقت اليونسكو نداءً عاجلاً لوقف تهريب الآثار السودانية، بينما نشر الإنتربول قوائم للقطع المنهوبة. وفرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على شركات وأفراد تورطوا في تهريب الآثار، في حين صنّفت الولايات المتحدة السودان كدولة تواجه تهديدات خطيرة لتراثها الثقافي. كما أنشأت الخرطوم لجنة عليا لحماية الآثار وتنسيق الجهود الدولية.

الانسحاب السوداني احتجاجاً على ترشيح ممثلة أبوظبي

جاء انسحاب الوفد السوداني رفضاً لترشيح ممثلة إمارة أبوظبي لمنصب قيادي داخل المنظمة، معتبرين أن ذلك يتعارض مع دورها في دعم المليشيا المتمردة التي ارتكبت انتهاكات واسعة في السودان، واستهدفت التراث الثقافي والبنية السياحية.

الإعيسر: هدفنا إيصال الحقيقة للمجتمع الدولي

أكد وزير الثقافة والإعلام والسياحة خالد الإعيسر أن تدمير البنى التحتية السياحية في السودان جاء نتيجة مباشرة لاعتداءات مليشيا الدعم السريع المدعومة خارجياً، مشيراً إلى أن مشاركة السودان في الاجتماعات هدفت إلى كشف الحقائق للعالم. وأشاد الوزير بالتنظيم السعودي للجلسات ودعم عدد من الوفود العربية والدولية للموقف السوداني.

موقف وطني في مواجهة استهداف الهوية السودانية

جاء الانسحاب رغم المشاركة الدولية الواسعة التي شملت أكثر من 150 دولة و300 جهة سياحية، ليؤكد أن السودان لا يقبل تجاهل قضاياه أو التغاضي عن تدمير تراثه الحضاري. ويعدّ هذا الموقف رسالة قوية بأن السودان يدافع عن إرثه وهويته مهما كانت التحديات.

جرس إنذار للعالم حول مستقبل القطاع السياحي

يرى مراقبون أن رفض السودان ترشيح ممثلة دولة تُتهم بدعم مليشيات تساهم في تخريب التراث الإنساني، يشكّل تحذيراً للعالم من خطورة تسليم مؤسسات دولية حساسة لأطراف لها سجل مرتبط بالعنف والنهب. فالسياحة لا تزدهر إلا بالسلام والاستقرار، لا بدعم الحروب وتمويل الفوضى.




مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.