القوات المصرية في (المثلث الحدودي) .. (الخرطوم -القاهرة) .. حساب (مثلثات)

يبدو أن جلّ أزمات وحسابات السودان ومصر سببها (المثلثاث). فبعد المشكلة الكبرى مشكلة مثلث حلايب، ومشكلة الأهرامات وأسبقية الحضارات، يتوقع نشوب مشكلة جديدة، إذْ ترابط القوات المصرية على مقربة من الحدود السودانية في (المثلث الحدودي) بين السودان ومصر وليبيا.

ونقلت السلطات المصرية الأنظار تجاه المثلث الحدودي عند منطقة (عوينات) بعدما كانت الأنظار مصوبة نواحي دارفور بعد عملية عسكرية للحركات المسلحة قالت الخرطوم إنها تمتلك أدلة بتورط القاهرة فيها.

لفت نظر

قبل طي صفحة الاتهام السودانية، دفعت القاهرة بتعزيزات من الجيش المصري إلى أقصى الحدود الجنوبية الغربية المشتركة بين السودان ومصر وليبيا عند منطقة جبل عوينات وذلك لمنع تسلل المتطرفين عبر الحدود للتراب المصري.

وتبنى تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) مسؤولية هجوم المنيا الذي استهدف حافلة تقل ركاباً من الأقباط المسيحيين وأودى بحياة العشرات من بينهم نساء وأطفال.

ويشير الهجوم إلى خلل أمني وقع عند الحدود الأمر الذي دفع خبراء عسكريين لتبرير الخطوة المصرية بتعزيز إجراءاتها العسكرية والأمنية بشكل أكبر لزيادة رقابتها على المثلث الحدودي في منطقة جبل عوينات الواقع في الحدود بين ليبيا والسودان ومصر.

وتعتقد القاهرة أن هذا المثلث مكان ينشط فيه تنظيم الدولة (داعش)، وتوعدت السلطات بأنه سيشهد

إجراءات صارمة للحد من أي تحرك من شأنه أن يهدد الأمن القومي المصري وخاصة السياحة التي شهدت تراجعاً كبيراً في السنوات الأخيرة بعد أن شهدت مصر أكثر من عملية تبناها التنظيم.

خيارات عديدة

يشير خبراء عسكريون في حديثهم مع (الصيحة) إلى وجود تعاون مصري مع قوات اللواء خليفة حفتر ضد تنظيم الدولة الإسلامية الذي يحاول الرد داخل العمق المصري، بينما يرون أن التعزيزات التي أرسلتها مصر في المحيط الإقليمي أو الدولي لا يمكن الاعتراض عليها باعتبارها تحركاً مشروعاً في إطار مكافحة الإرهاب.

بيد أن هناك مخاوف- ولو ضئيلة -من وجود الجيش المصري في الخاصرة السودانية، لا سيما في ظل ارتفاع نبرة الخلافات بين الخرطوم والقاهرة الآونة الأخيرة، واتهامات الخرطوم للقاهرة بتأييد المناوئين لها، وتبرم البرلمان السوداني من حادثة إطلاق نار على سودانيين بحلايب، علاوة على الاعتراضات المصرية التي تظهر في وسائل الإعلام على المواقف السودانية في ملفات النيل، وحلايب، والمنتجات المصرية، والانخراط في الحلف العربي الذي تقوده المملكة العربية السعودية.

تحالف سياسي

ابتدر الخبير العسكري اللواء حسن ضحوي حديثه عن التحركات المصرية على المثلث الحدودي بالإشارة للتعاون السياسي القائم بين الرئيس عبد الفتاح السيسي واللواء خليفة حفتر، تعاون يؤكد ضحوي بأنه سياسي بامتياز.

ويشدد ضحوي على أن تعاون المصريين مع حفتر زاد وأصبح بتنسيق أكبر في مقابل زيادة نشاط داعش فى داخل المناطق الحدودية المصرية كرد فعل للتحرك المصري في العمق الليبي وتكثيفه للضربات الجوية ضد التنظيم.

وأضاف في حديثه مع (الصيحة) بأنه، وفقاً لما لديه من معلومات، فإن القاهرة متورطة في ليبيا بصورة كاملة لذلك ليس لديهم حل سوى الاستمرار والتكثيف من ضرباتهم مشيراً الى أن نشاط داعش الأخير في العمق المصري إنما هو ردة فعل للتدخل المصري.

ولم يستغرب ضحوي مما تفعله القاهرة، بحسبان أن حركة التنظيم تهدد السياحة التى هي إحدى ركائز الأمن القومي المصري الهش في الأساس حالياً.

وأضاف ضحوي أنه في الوقت الراهن على مصر زيادة ومضاعفة قوتها العسكرية في الخارج وعلى الحدود مع ليبيا في إطار محاربة الإرهاب، وقال هذا التحرك مقبول في الوقت الراهن لأنه يأتي في إطار توجهات ورغبات عالمية لمحاربة (داعش) مردفاً بأنه وإن لم يكن هنالك اتفاق على هذا التحركات، فلا أحد يستطيع أن يلوم مصر على تحركها الأخير، بيد أنه توقع زيادة حراك داعش مع تزايد الضربات المصرية.

تهدئة

عن كيفية تعامل السودان مع وجود الجيش المصري عند الحدود، دعا ضحوي الخرطوم الى التهدئة وضبط النفس، مشيراً إلى أن التصعيد لا يصب في مصلحة البلدين، خاصة الخرطوم التي شكت من وصول السلاح المصري لمناوئيها عبر اللواء حفتر. داعياً إلى فتح قنوات الحوار مع مصر في إطار الدول الشقيقة باعتبارها تمثل عمقاً إستراتيجياً للسودان، مذكراً بالإمكانية الكبيرة لنشوب حرب مياه مستقبلية.

وجدد ضحوي قوله إن أي تحركات ضد الإرهاب تجد تأييداً من العالم، منوهاً الى أن هجوم المنيا من قبل داعش جاء في العمق المصري في أكثر المناطق تأميناً لافتاً إلى أن تبني داعش المتأخر لهذا الهجوم يؤكد بأنه فقد السيطرة بسبب المضايقات نتيجة العمليات المكثفة التي يواجهها حالياً ويؤكد أنه-تنظيم داعش- فقد خاصية التنسيق ويشي بأنه لا يملك مقومات الدولة، لذلك نحى تصرفه إلى الطابع الفردي أو المنعزل عن قيادته كونه فقد خاصية أنه دولة مركزية، لذلك متوقع أن يعمل التنظيم وفق نشاط العصابات هذا سواء في مصر أو غيرها من دول في العالم.

حق طبيعي

من جانبه اعتبر اللواء يونس محمود هذا الحشد حقاً سيادياً ليس فيه إشكال كونه داخل الحدود المصرية، وقال لـ (الصيحة) إن الجانب المصري يتحدث عن تسلل بعض العناصر المضرة بأمنهم ومن حقهم محاربتها ومنعها من التسلل بنشر حرس الحدود كيف شاءوا، متابعاً بأن ذلك لايندرج في إطار العمل العدائي الموجه، بحسبان أنه من حق أي دولة حماية حدودها، بيد أنه عاد وقال إن التحفظ يأتي في حال وجود مناورات أو نشر أسلحة ثقيلة ووقتها يمكن للناس أن تتحدث وتتحفظ.

الخرطوم : الطيب محمد خير
الصيحة

Exit mobile version