مرض نسيه العالم يتفشَّى بسرعة في سوريا.. مصابون به في مناطق “داعش”، فهل ستتواصل الأمم المتحدة مع التنظيم لعلاج المصابين؟

يسارع المسؤولون بمجال الصحة في سوريا لتطعيم 320 ألف طفل على نحو عاجل في بعض مناطق البلاد الأصعب، التي يصعب الوصول إليها، في أعقاب تفشّي مرض شلل الأطفال الذي أصاب عشرات الأطفال، بحسب تقديرات للأمم المتحدة، نقلتها وكالة الأناضول منتصف يونيو/حزيران الماضي.

ومن بين حالات الإصابة بالمرض أطفال موجودون في مناطق تنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش)، وفي تقرير لصحيفة “الإندبندنت” البريطانية، الجمعة 30 يونيو/حزيران 2017، رجحت أنه أن ينسِّق العاملون بالصحة مع التنظيم وجماعات مُتطرّفة أخرى للقيام بتلك المهمّة.

وفي وقت سابق من الشهر الفائت، أعلن مستشار الشؤون الإنسانية للمبعوث الأممي إلى سوريا يان إيغلاند، عن انتشار خطير جداً لوباء شلل الأطفال في محافظة دير الزور السورية الخاضعة في معظم مساحتها لسيطرة تنظيم “داعش”.

وقال إيغلاند إن الاستعدادات لإيصال لقاحات شلل الأطفال إلى المنطقة مستمرة، مضيفاً أن المعلومات التي وصلتهم تفيد بوقوع 58 حالة شلل لدى الأطفال منذ 6 يونيو/حزيران 2017، بحسب وكالة الأناضول.

تفشي المرض

وأشارت صحيفة “الإندبندنت” أيضاً إلى أنه تبيّن مؤخراً أن 17 طفلاً قد تضرروا إثر تفشّي شلل الأطفال من النوع الناجم عن اللقاح. وأن إحدى تلك الحالات في مدينة الرقّة، وهي عاصمة تنظيم “داعش” المحاصرة الآن من قبل قوات “سوريا الديمقراطية” التي تخوض مواجهات لانتزاع السيطرة على المدينة من “داعش”، بدعم من التحالف الدولي الذي تقوده أميركا.

وقال مسؤولون في مجال الصحة للصحيفة البريطانية إن برنامجاً شاملاً للتطعيم ضد مرض شلل الأطفال سيبدأ قريباً.

وقال رود كرتس، المتحدّث باسم برنامج مكافحة شلل الأطفال لدى صندوق الأمم المتّحدة للطفولة (اليونيسف) في نيويورك: “إن هناك قلقاً بالغاً جراء تفشّي شلل الأطفال الناجم عن اللقاح”.

وأضاف “خطتنا هي أن نقوم بتلقيح 320.000 طفل تحت سن الخامسة، بما فيهم 90.000 طفل في الميادين، مُستعينين بشركائنا هناك. فليس كل الأطفال متواجدين بالمناطق الحكومية”.

وتفشّي المرض الذي تم القضاء عليه بالكامل إلا في ثلاثة بلدان، وهي أفغانستان، ونيجيريا، وباكستان يأتي بمثابة نظرة ثاقبة أخرى إلى الفظائع التي لحقت ببلد تسيطر عليه حربٌ وحشية منذ 2011، لقي خلالها أكثر من 500.000 شخص حتفهم، وفرَّ أكثر من خمسة ملايين شخص من البلاد، ونزح أكثر من ستّة ملايين شخص من ديارهم.

المتحدث باسم المبادرة العالمية لاستئصال مرض شلل الأطفال، التابعة لمنظمة الصحة العالمية، أوليفر روزنباور، أشار إلى أن السبب في تفشي المرض يعود إلى ضعف تغطية إمدادات اللقاح، حيث إن معدلات التلقيح ضد المرض في سوريا كانت مع بداية الصراع قد بلغت نحو 95%، لكنها وصلت الآن إلى نحو 60%.

مرض مميت

ويعد مرض شلل الأطفال من بين الأمراض المعدية الخطيرة، وقد يؤدي إلى الموت، ويصيب الأطفال تحت سن الخامسة عادة.

وليست هذه المرة الأولى التي يتفشى فيها المرض داخل سوريا، ففي العام 2013 أكدت منظمة الصحة العالمية ظهور المرض، وحذرت من خطورة تفشيه بكامل البلد، وفقاً لموقع “الجزيرة نت”. وأكدت المنظمة آنذاك إصابة 22 طفلاً في محافظة دير الزور الواقعة على الحدود مع العراق.

وفي تلك المرحلة، التي كانت الأولى من نوعها في غضون 14 عاماً، تم تتبع سلالة فيروس شلل الأطفال ليتيّن امتدادها إلى باكستان، وهي إحدى البلدان التي لا يزال فيها المرض متوطّناً، وبها مدينة بيشاور التي كانت توصف بأنها “أكبر خزّان لفيروس شلل الأطفال في العالم”.

وقال كرتس إن حالات شلل الأطفال الناجمة عن اللقاح نادرة جداً؛ ففي عام 2016، تلقّى أكثر من 450 مليون طفل تطعيماً ضد شلل الأطفال، وكان هناك خمس حالات شلل ناجمة عن فيروس شلل الأطفال الناجم عن تلقّي اللقاح.

وأشار إلى أن التهديد يتواجد فحسب بين السكان الذين لم يتلقّوا أمصالاً، فهناك يمكن للفيروس الضعيف الذي يحتويه مصل شلل الأطفال الفموي أن يتحوّل بمرور الوقت وينتشر في البيئة.

وأضاف أنه إذا تم تلقيح المجتمع بالكامل بالأمصال الواقية، سيتم حمايته من فيروس شلل الأطفال الناجم عن اللقاح، وفيروس شلل الأطفال البرّي.

ولفت إلى أن منافع مصل شلل الأطفال الفموي يفوق بكثير الخطر الضئيل للغاية لشلل الأطفال الناجم عن اللقاح، والمصل الفموي ضد شلل الأطفال قد خفض نسبة الإصابة بالمرض عالميا بنسبة 99% منذ عام 1988.

وقالت سو دياموند هيلمان، مديرة مؤسسة غيتس في تغريدة لها، إن “تفشّي مرض شلل الأطفال في سوريا يثير الفزع على العديد من المستويات. ستكافح منظمة الصحة العالمية وتقوم بتطعيم أكثر من 440 ألف طفل”.

وقال جاي وينغر، مدير برنامج المؤسسة للتصدّي لشلل الأطفال، إن التفشّي الجديد للمرض في سوريا مُحزنٌ.

وأضاف أن “هذا التفشّي هو نتيجة مؤسفة لضعف المناعة بسبب انخفاض معدّلات التطعيم على مدى فترة طويلة في سوريا”.

وتابع قائلاً: “سوريا بيئة صعبة للغاية من حيث تقديم الخدمات الصحّية بما في ذلك اللقاحات، ومع ذلك فإن المبادرة العالمية لاستئصال شلل الأطفال لديها سجل حافل من إيقاف تفشّي المرض في المناطق الصعبة ومناطق الصراعات”.

هاف بوست


انضم لقناة الواتسب


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.