كيف تمكن سوداني مقيم في فرنسا من إنقاذ أخويه المختطفين في ليبيا

مازالت المعلومات تتدفق لتكشف تفاصيل القصة التي شغلت الرأي العام في الآونة الأخيرة، باطلاق سراح السودانيين المختطفين في ليبيا.
مساء الثلاثاء 23 ينايرالجاري، أفرجت الشرطة الليبية عن ثمانية مهاجرين سودانيين كانوا مختطفين لدى عصابة مسلحة منذ عشرة أيام وتعرضوا لتعذيب فظيع. وكان من بين المختطفين شقيقان وابن عم لمهاجر سوداني يعيش في فرنسا اسمه أبو بكر إبراهيم. في هذه الشهادة، يحكي هذا المهاجر لقناة “فرانس 24” عما دار بينه وبين الخاطفين الذين حاولوا طلب فدية ويروي كيف أدى حشد الجالية السودانية على الشبكات الاجتماعية إلى إطلاق سراحهم.

كل شيء بدأ مع نشر مقطعي فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، يظهر فيهما مهاجرون سودانيون وهم يتعرضون للتعذيب.

في الفيديو الأول، يذيب الجلاد قطعا صغيرة من البلاستيك في طرف عصا، ثم يصب السائل الساخن على ظهر ضحيته الذي يعتصر من الألم. وتظهر على جسم الضحية العاري تماما عدة ندوب، ربما حدثت بسبب الحروق.

وفي الفيديو الثاني تظهر فيه جماعة من خمسة مهاجرين ممددين جنبا إلى جنب على بطونهم، فيما ينهال عليهم جلادهم بالسياط، ويسمع صراخ الضحايا وهم يتوسلون لعائلاتهم في السودان أن يرسلوا المال للخاطفين.

وأرسل الخاطفون مقطعي الفيديو إلى العائلات عن طريق تطبيق “واتساب” كي يحثوها على دفع الفدية بأسرع وقت.

يقول أبوبكر: “قلت لنفسي أن أفضل وسيلة لإخراج أخوي من هذا المأزق هو أن أحدث أكبر قدر من الضجة حول الموضوع”

طلب الفدية

يقيم أبو بكر إبراهيم، في الشمال الغربي لفرنسا منذ سنوات وقد اتصل به الخاطفون الأربعاء 17 يناير، ويروي ابوبكر ماحدث :

أخواي ميرغني وعبد المجيد وابن عمي أنور اختطفوا السبت 13 يناير وهم ذاهبون إلى طرابلس. وكانوا قد ذهبوا إلى أجدابيا حيث يعيشون [على بعد 800 كم شرق طرابلس].

ويوم الأربعاء 17 يناير اتصلت أختي من السودان لتخبرني أنهم اختطفوا رهائن لدى جماعة مسلحة. فاتصلت فورا بشريكهم في السكن في أجدابيا -اعتادوا على الاتصال بي من هاتفه. فأكد لي اختطافهم وقال لي إن الخاطفين اتصلوا به وطلبوا الفدية.

أخذت رقم الخاطفين واتصلت بهم نحو الساعة 10 ليلا.  أجابني أحد الخاطفين وسألني: “هل أنت أخو ميرغني وعبد المجيد؟”. وفي نفس الوقت سمعت أنينا خلف الصوت، ثم أعطى الهاتف لأحد أخوي الذي لم يتمكن سوى من الصراخ: “أرسل المال يا “أبو بكر!”

وأخذ الخاطف الهاتف وقال لي: “هل سمعت؟ أرسل لي 80000 جنيه سوداني وإلا سأقتل أخويك. سأمهلك ثلاثة أيام”. ثم أرسل لي فيديوهات وصور على واتساب.

حملة عبر “فيس بوك”

ويواصل أبوبكر السرد : (ظننت أن أفضل وسيلة لإخراج أخوي من هذا المأزق هو أن أحدث ضجة حول اختطافهما على أكبر نطاق ممكن. فنشرت شريطي الفيديو عبر مواقع التواصل الاجتماعي وأرسلتهما إلى عدة وسائل إعلامية.

وبموازاة ذلك نبهت أصدقائي في السودان وفي الخارج فأطلقوا حملات تبرع عبر فيس بوك.”)

ونظرا لانتشار خبر الاختطاف على مواقع التواصل الاجتماعي، استطاع مستخدمو الإنترنت السودانيون إثارة انتباه الدبلوماسيين. إذ أعلن الاتحاد الأفريقي في بيان في 23 يناير عن فتح تحقيق وحث السلطات الليبية على بذل كل جهد لتحرير الرهائن. وفي خضم كل هذا، استدعى وزير الخارجية السوداني سفير ليبيا في الخرطوم ليطلب منه “توضيحات”. وفي نفس المساء أعلنت قوات الردع الخاصة -وهي ميليشيا تابعة لرئيس الوزراء فايز السراج وتقوم بمهام وحدة محاربة الجريمة- على صفحتها عبر فيس بوك عن تحرير ثمانية رهائن سودانيين واعتقال الخاطفين. ولقد كان الرهائن محبوسين في منزل في قرية القداحية قرب سرت. ونقلوا إلى مستشفى في سرت حيث ما زالوا يتلقون العلاج، خاصة علاج الحروق.

عملية التحرير

واستطاع أبو بكر الاتصال بأخويه وابن عمه بالهاتف الأربعاء 24 يناير. وقال: “كانا يبدوان بمزاج جيد وقد اتصلت بهما على هاتف ضابط شرطة ليبي كان موجودا بجانبهما. كان الحديث قصيرا لأن الشرطي قال لي إن الاتصال ينبغي ألا يتعدى خمس دقائق. العائلة في السودان لم تستطع التحدث مع أخوي لأن الخاطفين صادروا هاتفيهما ولم يعد ممكنا الاتصال بهما مباشرة. غير أن عناصر الشرطة الليبيين أخبروني أنهما سيرحلان قريبا إلى السودان. والمال الذي جمعناه سيدفع لهما لكي يكملا علاجهما بطريقة أفضل.

وحضرت القناة الليبية 218 News الخميس 25 يناير إلى المستشفى. بعض الرهائن السابقين قالوا إنهم تعرضوا للتعذيب يوميا وإن الوجبة الوحيدة التي كانت تقدم لهم هي كسرة خبز يابس كل 24 ساعة.

ومنذ نشر الفيديو الذي يظهر سوق النخاسة في ليبيا على قناة سي إن إن في 14 نوفمبر والسلطات الليبية تتعرض لضغوط دولية شديدة. وفي 7 ديسمبر، عقد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة اجتماعا طارئا وندد بالممارسات “التي من شأنها أن تشكل جرائم ضد الإنسانية.”

وعلى إثر مشاهد سوق النخاسة، أبدت السلطات الليبية سرعة في الرد فيما يخص حالة الرهائن السودانيين الثمانية، حسب ما قال صحافي محلي لم يشأ الإفصاح عن هويته، وتابع قائلا: “السلطات تريد اعترافا دوليا من خلال تحرير سرت. وهذه العملية هي أيضا طريقة أخرى للقول ’نحن هنا ولدينا مؤهلات ودراية‘”.

وحسب تقديرات المنظمة الدولية للهجرة هناك بين 700000 لمليون مهاجر في ليبيا. وتهريب المهاجرين هو ثاني نشاط مربح في البلد بعد تهريب النفط ويمثل بين 5% و10% من الناتج الإجمالي المحلي الوطني، حسب فرانس

المصدر : باج نيوز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.