الخرطوم تترقب مفاجأة البشير اليوم
ظل الشارع السوداني بمختلف مكوناته السياسية وغيرها في حالة من الترقب والانتظار لما لوَح به المشير البشير، وعده بالخطوة المهمة والمفاجأة القادمة، وفي بعض المرات كثر التكهن حول الأمر. ورغم أن الشارع شهد تسرباً لوثيقة «الإصلاح الرئاسية» وما سيتمخض عنها من مشاركة بعض الأحزاب السياسية في الحكومة سيما كحزبي الأمة والاتحادي الأصل والتي قيل إن من أعدها هو الرئيس نفسه لردم الهوة بين الوطني والأحزاب السودانية للمشاركة في الحكم بحسب التسريبات، إلا أن البعض اعتبر أن ما تسرب هذا أبطل مفعول المفاجأة وقلل من كونها خطوة مهمة حتى تحسب بالمفاجأة لجهة أن تلك الأحزاب أساساً مشاركة في السلطة ولذلك لا يعقل أن تكون مفاجأة للساحة السودانية والتي تتوقع بمختلف مكوناتها مفاجأة البشير، لذلك لم تزل هذه حالة الترقب للخطوة الرئاسية القادمة خاصة أن بعض المراقبين للساحة قد اعتبر المفاجأة بأنها استقالة الرئيس شخصياً! وهؤلاء يقولون إن الرئيس قام بإجراء إصلاحات لم تكن في الحسبان ولم يتصورها البعض في صفوف المؤتمر الوطني الحزب الحاكم حين قام بإقالة النائب الأول علي عثمان محمد طه والدكتور الحاج آدم يوسف نائب رئيس الجمهورية إضافة للرجل الضجة في صفوف الوطني، نافع علي نافع مساعد الرئيس ودكتور الجاز. ولم يكن أحداً يتصور أن هذه الشخصيات ستطولهم قائمة التغيير الإصلاحية السابقة، ومنطق هؤلاء أنه حينما أعلن البشير عن مفاجأة قادمة، فلا يمكن أن تكون هذه المفاجأة أقل قيمة مما أقدم عليه خلال التغييرات الماضية والتي أعدت من قبل البعض خطوة في الاتجاه الصحيح، ولذلك بدأ الكثيرون يهمسون سراً بأن المفاجأة التي أعلن الرئيس إنه بصدد الإعلان عنها هي استقالته شخصياً من الحكم وإعلان عدم رغبته المشاركة والاستمرار في الحكومة وفي السفينة التي يقودها حزبه حتى تتجاوز مرحلة الانتخابات القادمة، والتي هي الأخرى يجري لغطاً كثيفاً بشأنها خاصة بعد خروج الصف الأول نافع، طه، الجاز ويوسف وغيرهم، ممن يحسبون بصقور النظام والحزب الحاكم. ورغم أن الحزب الحاكم عبر دكتور إبراهيم غندور مساعد الرئيس أعلن نفيه استقالة وتنحي البشير وأن المفاجأة تكمن في السياسات القادمة والتغيير القادم مبدياً استغرابه مما قيل بقوله هل يعقل أن يستقيل البشير، وأكد أن البشير باقياً في منصبه قافلاً الباب أمام كل ما قيل. إلا أن أمر تنحي الرئيس لا يزال أمر حدوثه واقعاً بعد أن استبق الوطني الكل وأعلن أن كل الاحتمالات مفتوحة للمفاجأة الكبرى، ولم يطل أمر ذلك، فقد قطع بأنه سيكون خلال الأيام القليلة القادمة وفقاً لحديث السيد عضو القطاع السياسي بالحزب د. ربيع عبد العاطي، وقد أضاف أن التعديلات التي جرت لا تمثل إلا جزءاً يسيراً من عملية الإصلاح الكلية التي بدأت بتنحي طه ونافع والجاز. وأكد أن كل الاحتمالات مفتوحة وأن الخطوة المهمة التي سيعلن عنها الرئيس البشير ستحمل مفاجأة كبرى للجميع، وأنها تسير كما خطط لها وبصورة أسرع نحو غاياتها حتى تصل لذروتها كماً وكيفاً ونوعاً.
وفي الوقت الذي أشارت فيه بعض الأصابع إلى أن المفاجأة تكمن في استقالة الرئيس شخصياً، هناك من استبعد هذا الاحتمال، رغم أن الوطني نفسه ذهب في اتجاه عدم نفيه حدوث ذلك، ومنطق هؤلاء أنه لا يعقل أن ينصرف الرئيس عن الحكومة ويتركها في ظروف كهذه والساحة تنتظر منه التغيير القادم وهناك من يناديه بإعلان حكومة انتقالية، قبل أن تبدأ البلاد الخوض في الانتخابات المقررة لسنة «2015م»، في إطار مساعي التحول الديمقراطي التي تواجه فيه الحكومة ضغوطات كبيرة وتحدياً شرساً من قبل القوى السياسية المنادية بضرورة إحالة الوضع لحكومة انتقالية بغية إتمام مكونات العملية الديمقراطية. ويقول هذا الطرف إن البشير يعتبر الرجل المناسب لقيادة السفينة ويجد إجماع الكل في وقت خلت فيه الساحة من شخصية مماثلة يجمع عليها مما يجعل أمر استقالة الرئيس بحسب هؤلاء أمراً في غاية الصعوبة ولا يمكن تصوره.
ولكن البروفيسور حسن مكي يقول في تصريح لـ (الإنتباهة) إن تقديم البشير لاستقالته أمر وارد احتماله، مختلفاً مع كل ما سرده الآخرون من استبعاد للاستقالة، بيد أنه اتفق معهم حول مفاجأة الوطني القادمة والتي ستكون في قيامه بتشكيل حكومة انتقالية، وقال: فيما يبدو والله أعلم أننا سنشهد قيام حكومة انتقالية بمعنى أن يقوم السيد رئيس الجمهورية بتفويض صلاحيته لـ (رئيس وزراء) وهو بدوره سيقوم بتشكيل حكومة وطنية لرفع الحصار الاقتصادي وتكوين الدستور ومحاولة فك الحصار الاقتصادي والسياسي المضروب على الحكومة دولياً وإقليمياً وداخلياً إضافة لمحاولة فك «المديونية». وقال إنها لن تحل عقدتها إلا بقيام حكومة انتقالية تتوفر فيها عناصر الثقة للقوى الدولية والمحلية. واتفق مكي مع من تحدثوا قبله للصحيفة، في أن الحكومة الراهنة لا تستطيع إنهاء الحروب وأن الحلول التي تتبعها كلها آنية وهي بذلك ستؤدي للمزيد من الاستنزاف اقتصادي وسياسي وغيره. مضيفاً أن مطلب (حكومة انتقالية) معقول، ويجب على الحكومة أن تنظر إليه من واجهة الظرف الزماني والمكاني وأن مصلحته تشمل الجميع بما فيهم المؤتمر الوطني. مضيفاً بقوله: إن استقالة الرئيس شيء متوقع.
أما الخبير والأكاديمي السر محمد فأكد لـ (الإنتباهة) أن كل الأبواب مفتوحة لأي مفاجأة قادمة وثمة متغيرات في الساحة السياسية اليوم وفقاً للظروف التي تعيشها البلاد تجعل من كل ذلك أمراً وارد حدوثه. ويؤكد السر أن استقالة الرئيس ستكون المفارقة الكبرى والتي قد تغير مسار العملية السياسية بالبلاد خاصة أنه حكم لفترة لم يحكمها غيره في تاريخ السودان قديمه ومعاصره في وقت لا تتفق كل المؤشرات على أن الحزب الوطني سيتخلى عن الحكم بهذه السهولة، ولكنه رجع وقال لا يفهم ذلك بأن الرئيس القادم سيكون من خارج أسوار الوطني الذي يراهن على العملية الدستورية واستكمال حلقاتها بخوض انتخابات العام «2015م». ويؤكد السر أن ذلك متروك للزمن وهو وحده كفيل بإزاحة الستار عن هذه المفاجأة والتي خلقت جواً من الدهشة والانتظار. فهل سيلقي الرئيس البشير بخطاب استقالته كآخر جراحة يقدمها لحزبه في إطار معالجة الأمور التي استعصت عليه، كآخر علاج؟ أم أن المفاجأة تكمن في خطوة أخرى كانت في موضع تخطته كل التفاسير لاحتمالات ما يمكن أن يقدم عليه الرئيس.
الانتباهة