حملة عنيفة شنتها السلطات الأمنية على عدد من رجال المال والأعمال عقب عودة الفريق صلاح قوش لرئاسة جهاز الأمن والمخابرات الوطني قبل شهرين ونيف تقريباً، حيث طالت الحملة العديد من الأسماء التي تم حبس أصحابها وإخضاعهم لتحقيقات متعمقة بشأن تهم وشبهات فساد. بعض أولئك خرج إلى فضاء الحرية بعد اكتمال التحريات معه بينما لا يزال آخرون داخل عش الدبابير.
بيد أن الملاحظ هو إصابة الحملة ضد (القطط السمان) بنوع من الفتور، ولم تكن بذات القوة التي بدأت بها مما حدا بالبعض أن يقول إن متاريس ربما عرقلت المسيرة.
أبرز الاعتقالات
في لقاء جماهيري بمدنية بورتسودان توعد الرئيس عمر البشير بملاحقة من أسماهم بــ (القطط السمان) المتلاعبين بقوت الشعب. وبالفعل لم يمضْ على تصريحات الرئيس وقت طويل حتى بدأت السلطات فعلياً في اعتقال العشرات من الأسماء البارزة.
كانت البداية باعتقال مسوؤل الأمن السياسي السابق اللواء عبد الغفار الشريف، ومسؤول استيراد السكر بشركة السكر السودانية الحاج علي حاج. علاوة على مجموعة من التجار منهم علوي عبد الله درويش، ومحمد الحسن ناير، وعكاشة محمد أحمد، والواثق الفاضل، ومصطفى الصديق البطحاني، وعصمت المرضي، ثم المدير العام لبنك فيصل الإسلامي الباقر أحمد نوري، عطفاً على العضو المنتدب لشركة سكر كنانة عبد الرؤوف ميرغني.
وتواصلت الحملة باعتقال ثلاثة من العاملين كمديري شركات في قطاع النفط أبرزهم حمد بحيري، وغاندي معتصم، وأحمد أبوبكر، بالإضافة لاعتقال مدير عام هيئة الأقطان محيي الدين علي أحمد، وأخيراً اعتقال الشقيقين وليد ومحمد فايت.
خروج عاجل
بعد أيام من فترة الاعتقال أفرجت السلطات عن العضو المنتدب لشركة سكر كنانة عبد الرؤوف ميرغني وبحسب مصادر تحدثت لـ (الصيحة) فإن وزير الصناعة موسى كرامة لعب دوراً بارزاً في الإفراج عن عبد الرؤوف ميرغني الذي عاد لمزاولة عمله بكنانة، كذلك تحرت السلطات مع محيي الدين على أحمد مدير عام هيئة الأقطان قبل أن تعود السلطات وتفرج عنه ليعود بدوره لممارسة نشاطه بهيئة الأقطان.
محاكمات
قدم النائب العام مولانا عمر أحمد محمد (9) متهمين للقضاء وذلك عقب فترة وجيزة من الاعتقالات التي طالت رجال المال والأعمال، وكذلك أوردت (الصيحة) خبراً عن تجميد أرصدة (8) متهمين بالفساد.
في ذات الصعيد بدأت محكمة الفساد في محاكمة عدد من المتهمين منهم مدير هيئة الآثار بعد اختفاء شجرة الصندل. ويفسر مراقبون هذه المحاكمات بأنها بداية فعلية لمكافحة الفساد من خلال المحاكمات العلنية.
تراجع الحملة
قد يقول مراقبون إن عزيمة الحكومة ربما فترت فيما يخص ملاحقة (القطط السمان) بعد توقف حملات الاعتقالات، بل ذهب البعض الى أبعد من ذلك، وقالوا إن بعض المتاريس ربما قد تعوق أو تعترض مكافحة الفساد خاصة الحصانات والمحسوبية وانعدام الإرادة السياسية وضعفها في ملاحقة المفسدين.
ويقول مولانا عبد الدائم زمراوي لـ (الصيحة) إن الحصانات تعتبر معوقاً أمام ملاحقة المفسدين وينبغي تحديد أجل معين لرفع الحصانات، بينما قال نقيب المحامين عثمان محمد الشريف لـ (الصيحة) في وقت سابق بأنه لا كبير على القانون وستتم ملاحقة كل المفسدين وتقديمهم لمحكمة الفساد.
قائمة طويلة
تشير المصادر لوجود قائمة طويلة تحمل عشرات الأسماء ستكون على موعد مع الخضوع للاعتقال والتحري. وبحسب المصدر الذي شدد على حجب اسمه فإن القائمة تحمل اسم رجال أعمال كبار ولهم باع في دنيا المال والأعمال، مبيناً أن الشهر القادم سيكون أشد سخونة بالنسبة (للقطط السمان).
وأضاف المصدر بأنه ستتم ملاحقة الذين استغلوا ازمة الوقود وخلق سوق أسود لبيع الوقود وستكون بداية ملاحقتهم بعد انفراج الأزمة بشكل كلي.
هذا وقد أشار وزير الدولة بالنفط المهندس سعد الدين البشرى لـ (الصيحة) في وقت سابق أن جهات كانت تقوم بتعبئة الوقود في براميل وجاوالين كبيرة وبيعه في السوق الأسود.
اعتقالات معينة
ويرى المصدر أن الاعتقالات التي تمت طالت نوعية معينة من رجال المال والأعمال خاصة غير الملتزمين بتوريد حصائل الصادر مثل مدير بنك فيصل ومدير شركة سكر كنانة.
تسويات
وحول إمكانية توقف ملاحقة القطط السمان يقول مصدر مطلع إن السلطات شكلت لجاناً تم بموجبها عدد من التسويات مع رجال أعمال بعيداً عن الأعين.
ويضيف المصدر لـ (الصيحة) أن الحملة لن تتوقف ولكن ستكون خفيفة الأداء بحيث تتم إقالة المفسدين من مناصبهم قبل اعتقالهم ومن ثم فتح ملفاتهم ومحاسبتهم سواء كان ذلك بطريقة علنية أو سرية.
مبيناً أن الإقالات تهدف للمحافظة على سمعة المؤسسات، وكاشفاً عن عدد من الملفات ــ لم يسمها- تم فتحها بعيداً عن أعين الإعلام حتى لا تتأثر بالنشر الإعلامي. مستشهداً بحالة بنك فيصل الإسلامي الذي تعرض لهزة واضحة في أعقاب اعتقال الباقر نوري على حد قول المصدر.
ومضى المصدر قائلاً إن العبرة في استرداد الأموال المنهوبة وليس في الاعتقالات، لذلك ستكون هنالك استراتيجية محدودة لاسترداد هذه الأموال عبر عدة قنوات سواء كان عبر الاعتقال او التسويات أو اللجان المحاسبية التنظيمية، خاتماً بالقول إنه من المتوقع أن يكون الإعلام بعيداً عن الحملة في الفترة القادمة خاصة التي تستخدم فيها آليات المحاسبة التنظيمية.
المصدر : كوش نيوز