تفاؤل يسود مقر التفاوض وأنباء عن وصول عقار لأديس
سادت حالة من التفاؤل مشوبة بالحذر بمقر المفاوضات بين الحكومة والحركة الشعبية قطاع الشمال حول قضايا المنطقتين، إثر خروج الوفدين المتفاوضين من اجتماع جمعهما معاً دون الوساطة استمر أكثر من أربع ساعات، بفندق راديسون بلو في أديس أبابا برئاسة بروفيسور إبراهيم غندور وياسر عرمان. فيما ترددت أنباء عن أن رئيس الحركة الشعبية قطاع الشمال مالك عقار موجود في العاصمة الإثيوبية ويتابع المفاوضات الجارية من فندق إنتركونتننتال القريب من مقر المفاوضات، ولوحظ وجود بعض من مرافقيه وحرسه في فندق راديسون بلو الذي تجري فيه المفاوضات.
اجتماع خاص
ورصدت «الإنتباهة» عقد كل طرف منذ صباح الأمس اجتماعاته الخاصة، لتقييم الورقة والوثائق المقدمة من الطرف الآخر، وكانت هناك توقعات أن تقوم الوساطة بتقديم ورقة توفيقية من الورقتين تصلح كطريق ثالث يمكن من خلالها تحديد أجندة التفاوض وبدء مناقشة القضايا المتعلقة بالمنطقتين.
وقال غندور للصحافيين إنه تم الاتفاق بعدم الإدلاء بأية تصريحات للإعلام وكرر «اتفقنا على صمت مطبق حتى نتوصل إلى نتيجة». وأضاف قائلاً: «لا حديث لنا هذه اللحظة سنواصل حوارنا ونقاشاتنا مرة أخرى».
وقال عرمان: «لا مجال للحديث الآن اتفقنا على ذلك لا تصريحات ولا كلام وسنستمر في الاجتماعات».
وعلمت «الإنتباهة» من مصادر خاصة أن الاجتماع ناقش الورقتين اللتين تم تبادلهما وتحملان الموقف التفاوضي لكل طرف ورؤية كل جانب لأجندة التفاوض. وترك المجال لأعضاء الوفدين في الاجتماع المشترك بالحديث حول ما ورد في الورقتين، وكان حديثاً صريحاً وواضحاً ركز فيه كل متحدث من الجهة التي يمثلها، على نقاط تتعلق بالملف الإنساني والسياسي والأمني، وكانت هناك ردود متبادلة على النقاط ومحتوى ورقة كل طرف من الطرفين.
وركز أعضاء وفد الحكومة وخاصة أبناء المنطقتين على الأوضاع الأمنية والإنسانية والسياسية وضرورة وقف الحرب، وردوا على النقاط التي أُثيرت في ورقة الحركة . وعلمت «الإنتباهة» أنه كانت هناك مقترحات بتشكيل ثلاث لجان لمناقشة الملفات الثلاثة، الأمني والسياسي والإنساني، لكن أرجيء ذلك بعد اتفاق رئيسي الوفدين على الأجندة.
وعقدت الوساطة برئاسة أمبيكي اجتماعاً بكامل هيئتها أمس بغرض الشروع في إعداد ورقة توفيقية بين الأطراف لتجاوز عقبة الأجندة، وتوقعت مصادر لـ «الإنتباهة» سحب قطاع الشمال ورقته التفاوضية من الوساطة والحكومة بغرض استبدالها بورقة جديدة في محاولة منها لتخفيف حدة الانتقادات الموجهة إليها من الطرف الحكومي والوساطة وبعض المبعوثين الدوليين.
هرولة المنابر
وكشف نائب رئيس الجبهة الثورية مني أركو مناوي عن تباينات في الجبهة الثورية نفسها، وقال إن ما يجري الآن في أديس أبابا، نحن في الجبهة الثورية اتفقنا على أن كلاً من يذهب إلى منبر للتفاض يجب أن يدعو إلى إشراك الآخرين، لكنه قال إن قطاع الشمال يتحدث بجمع مطالب الآخرين في منبر أديس أبابا، مشيراً إلى أن تلك فيها مفارقة فيما نعمل وهم يعملون. وأضاف قائلاً: «أنا في حقيقة الأمر لا أريد أن أقول إني محبط، لكن ما يجري في الحقيقة هناك اتصالات سرية كثيرة قد جرت في العواصم المختلفة سواء في الخرطوم أو في أديس والاتصالات جارية على قدم وساق، وهذه كلها يريد المؤتمر الوطني أن يحمي نفسه».
وأضاف: «نحن كجبهة ثورية ذهبنا إلى المنابر كحركة التحرير والعدل والمساواة، وفي أي منبر شاركنا فيه طالبنا بضرورة تمثيل الجبهة الثورية، وهذا هو المطلوب وهذا التوافق مع الآخرين الذين يتداولون في المنابر من وقت لآخر»، وقال: «ما يجري في أديس أبابا الأجندة المطلوبة هي أن تفاوض الحركة الشعبية والحكومة السودانية نيابة عن الآخرين وهذا غير مطلوب ولا يمكن أن يتم». وأضاف قائلاً: «إن الحركة الشعبية تريد أن تتقدم وعلى الآخرين أن يستمعوا إليهم، هذا ظهر الآن في أديس أبابا». وأضاف أنهم إذا وقعوا اتفاقاً لا يهمنا، ما يهمنا هو أن يطالبوا بضرورة تمثيل الجبهة الثورية كتنظيم في أي منبر تفاوضي، ونحن في الجبهة الثورية نتحدث عن توحيد المنابر وليس استغلال المنابر لحوار إنابة عن الآخرين، وزاد: إن كانت هناك هرولة وراء المنابر دون المطالبة ببقية رفاقك وأجندتهم في منبرك فهذه انتهازية.
اختراق المهدي
واتهم رئيس حركة تحرير السودان مني أركو مناوي رئيس حزب الأمة القومي الصادق المهدي بأنه لعب دوراً كبيراً في اختراق قوى الإجماع الوطني وتعامل مع الحكومة، واخترق بعض الجهات داخل الجبهة الثورية لصالح ما أسماه المشروع الحضاري، مشيراً إلى أن الغرض الأساس كان هو الاندغام في الحكومة دون أن يلحق بها أي أذى ولا حتى لم يتحدث عن هيكلة الدولة ولا الفساد أو غيره. وأوضح في حوار بموقع «الراكوبة» أمس، أن هناك رغبة في توحيد القوى الإسلامية خاصة المؤتمر الشعبي والمؤتمر الوطني، لافتاً إلى أنهم شعروا بالإحباط بعد ما حدث في مصر وتونس وليبيا، في العالم الإسلامي وأهل الإسلام السياسي يعتبرون أن ما جرى في العالم الإسلامي أمر خطير للحركة الإسلامية في السودان ولذلك أرادوا توحيد هذه القوى للهيمنة وتهميش الآخرين ــ حسب قوله.
دور تمويهي
وأوضح مناوي أن كمال عمر كان يلعب دوراً تمويهياً كبيراً، وكان يظهر أن الشعبي أبعد الناس عن الحوار، لكنه قال إن أية لحظة كان يُظهر فيها كمال عمر تشدده وغلوه تجاه النظام كان ذلك يعني أن هناك تقارباً أكثر وأكثر نحو المؤتمر الوطني، وأن الأطراف تقاربت، وأضاف أن ناس الشعبي والوطني والإصلاحيين جميعهم أصحاب مشروع واحد.
سادت حالة من التفاؤل مشوبة بالحذر أوساط التفاوض حول قضية المنطقتين، إثر خروج الوفدين المتفاوضين من اجتماع جمعهما معاً دون الوساطة استمر أكثر من أربع ساعات، بفندق راديسون بلو في أديس أبابا. ومنذ صباح أمس لم يكن هناك وجود يذكر لرئيس الآلية رفيعة المستوى ثامبو أمبيكي وعبد السلام أبو بكر، ولا المبعوثين الغربيين.. وعقد كل طرف منذ الصباح حتى الظهيرة اجتماعاته الخاصة، لتقييم الورقة والوثائق المقدمة من الطرف الآخر، وكانت هناك توقعات أن تقوم الوساطة بتقديم ورقة توفيقية من الورقتين تصلح كطريق ثالث يمكن من خلالها تحديد أجندة التفاوض وبدء مناقشة القضايا المتعلقة بالمنطقتين. وحوالي الساعة الثانية والنصف دخل الوفدان بكامل عضويتهما لاجتماع موسع وخاص بالوفدين فقط دون تدخل للوسطاء، وفد الحكومة برئاسة بروفيسور إبراهيم غندور ووفد الحركة برئاسة ياسر عرمان.
صمت مطبق ولا تصريحات
أُطبق ستار حديدي حول هذا الاجتماع ومُنعت كل وسائل الإعلام من الاقتراب من القاعة، وقامت سكرتارية الآلية رفيعة المستوى بفرض إجراءات صارمة تحُول دون تسرب أية معلومات عن الذي يجري داخل القاعة، ولم يُفتح الباب إلا لمرات قليلة خرج فيها بروف غندور لتلقي مكالمة هاتفية مهمة، وياسر عرمان الذي بدوره خرج لأمر عاجل ثم عاد للقاعة. وانفض الاجتماع بُعيد حلول المساء في العاصمة أديس أبابا. وقال بروف غندور للصحافيين وأجهزة الإعلام إنه تم الاتفاق بعدم الإدلاء بأية تصريحات للإعلام وكرر «اتفقنا على صمت مطبق حتى نتوصل إلى نتيجة.. لا حديث لنا هذه اللحظة.. سنواصل حوارنا ونقاشاتنا مرة أخرى». وقال ياسر عرمان «لا مجال للحديث الآن اتفقنا على ذلك لا تصريحات ولا كلام وسنستمر في الاجتماعات».
نقاش طويل
حسب المعلومات الضئيلة المتوافرة التي كان جمعها عصياً بعد التزام كل الوفدين بعدم الحديث للإعلام، أن الاجتماع ناقش الورقتين اللتين تم تبادلهما وتحملان الموقف التفاوضي لكل طرف ورؤية كل جانب لأجندة التفاوض. وترك المجال لأعضاء الوفدين في الاجتماع المشترك بالحديث حول ما ورد في الورقتين، وكان حديثاً صريحاً وواضحاً ركز فيه كل متحدث ــ من الجهة التي يمثلها ــ على نقاط تتعلق بالملف الإنساني والسياسي والأمني، وكانت هناك ردود متبادلة على النقاط ومحتوي ورقة كل طرف من الطرفين.. وتفاوتت موضوعات الأحاديث من أعضاء الوفدين بعضها كان مرارات شخصية من قبل أعضاء وفد الحركة الذين تحدثوا عن الحرب والقصف الجوي وما سموه بالانتهاكات، وبعضهم تحدث عن القضايا القومية وتمسكهم بما ورد في ورقتهم المقدمة للتفاوض.
أعضاء وفد الحكومة وخاصة أبناء المنطقتين ركزوا على الأوضاع الأمنية والإنسانية والسياسية وضرورة وقف الحرب، وردوا على النقاط التي أُثيرت في ورقة الحركة وشرح الموقف من نقاط الحكومة وطرحها التفاوضي..
وكانت هناك مقترحات بتشكيل ثلاث لجان لمناقشة الملفات الثلاثة الأمني والسياسي والإنساني، لكن أرجيء ذلك بعد اتفاق رئيسي الوفدين على الأجندة.
حسب رأي مشارك في الاجتماع ــ رفض الإشارة إلى اسمه ــ أن الاجتماع كان ضرورياً وربما قصدت منه الوساطة ترك الطرفين يفرغان ما في دواخلهما لبعضها البعض للتنفيس وتجاوز محطة الغبن والإحن والمرارات الشخصية.
خارج القاعة
في أروقة الفندق الذي تجري فيه المفاوضات، كانت هناك حركة كثيفة لمجموعات غربية وموظفي الأمم المتحدة ومجموعات حقوقية عقدت جلسات طويلة مع ياسر عرمان طيلة نهار أمس تحت عريشة في فناء الفندق، بينما وصل عمر إسماعيل قمر الدين أحد الناشطين في قضية دارفور، قادماً من الولايات المتحدة الأمريكية كخبير جاء بناء على طلب ودعوة الحركة الشعبية قطاع الشمال. وانتشرت كذلك فرق إعلامية من قنوات فضائية وصحافيين وموظفين بالأمم المتحدة وجهات كثيرة كانت تتابع بدقة ما يجري من اجتماعات واتصالات.
التوقعات هنا تقول إن الطرفين ربما يتجاوزان عقبة أجندة التفاوض ويبدآن في حوار مباشر أو حوار «سوداني ــ سوداني» دون التقيد بما ورد في الورقتين لإحداث اختراق أساسي في التفاوض.
ورغم تباعد المواقف في اليومين الأول والثاني وبروز بارقة أمل طفيفة في اليوم الثالث بعد أن ساد قلق ويأس في ساعات النهار الأولى إلا أن الأمل تجدد في إحراز تقدم مساء أمس، وقال عرمان في أحاديث صحفية قبيل دخوله الاجتماعات إن هناك فرصة يجب ألاَّ تضيع وإن وفدهم جاء من أجل التوصل إلى اتفاق ولن يعودوا من دونه.. وذات الشيء أكده أكثر من عضو في وفد الحكومة، وعززه البروف غندور بأن الأمور إذا لم تحسم اليوم «أمس» فمن الصعب الحديث عن اتفاق!!
الانتباهة