دار المايقوما.. مقبرة الطفولة

سهير عبد الرحيم

ما أن تأكدت أنَّ صغيرتي قد صعدت على عربة ترحيل المدرسة حتى سحبت الغطاء وأنا أحاول استرجاع ماهرب من نعاس، ولكن صوت رنين الهاتف كان يخبر عن إصرار أحدهم على طرد بقية النعاس عني.

أجبت عن الهاتف من تحت البطانية وأنا أقول ألو …جاءني على الطرف الآخر صوت فتاة مفعم بالأسى، وهي تسألني معاي أستاذة سهير قلت نعم قالت نحنا محتاجين ليك شديد .

هنا طار النعاس تماماً وجلست القرفصاء على السرير قلت لها خير إن شاء الله مرحب بيك، قالت لي أريد منك أن تزوري دار المايقوما لتشاهدي بعينيك ما يحدث هناك .

قلت لها سبق وأن زرت الدار لفترة امتدت سنتين أجريت خلالها تحقيقاً من خمس حلقات وكتبت الكثير من المقالات، ولا أعتقد أن هناك شيئاً لم أذكره أو لم يذكره غيري من الزملاء الصحفيين في كتاباتهم عن الدار .

قالت لي لا… هناك الكثير من الحقائق الغائبة الفتاة بدأت تحكي بأسى عن ما يحدث هناك، الألم والعبرات كان تخنقها وصوتها الضعيف يدمي القلب، حينها لم أتمالك نفسي من الغضب والتأثر ولكني قلت لها لن أكتب شيئاً ما لم أشاهده بعيني ، وأقف على ما يجري هناك ….أحتاج أن أزور الدار مجدداً .

ضربت معها موعداً وقمت بزيارة الدار، كنت أختبئ خلف نظارة شمسية كبيرة العدسات، دخلت كزائرة لا كصحفية تفقدت العنابر عنبراً عنبراً والأطفال واحداً واحداً، ووثقت لكل ما يجري هناك .

أترك لكم المعلومات والصور لتشاهدوا بأنفسكم حجم الإهمال والمأساة التي يعيشها أطفال لاذنب لهم فيما اقترفت أيادي ذويهم، فكان نصيبهم دفع فاتورة الظلم مع كل ساعة وفي كل لحظة .

طفل صغير يعتصره الألم والمرض تسممت قدمه نتيجة لتركيب (فراشة) محلول طبي بطريقة خاطئة وإهمال القدم فنتج عن ذلك بتر القدم من الركبة، ومن ثم قامت إدارة الدار بدفن القدم أمام جدران المبنى، بمعنى أنهم دفنوا للطفل قدمه على بعد أمتار منه.

طفل آخر مات ولم يتم دفنه حتى انتفخت جثته بالكامل، تلكؤ وبطء في مواراته الثرى وكأنه محض قطة نفقت في الطريق ينظرون إليها في دخولهم وخروجهم، ومن يترفق يبعدها عن مسار الأقدام حتى لاتدهسها .

موجة البرد الأخيرة أدت إلى وفاة طفل نتيجة لأن مكيف الغرفة ظل يعمل حتى الصباح في الوقت الذي ترك فيه الطفل دون غطاء بالبطانية، ذلك رغم العدد المهول من الأغطية والبطاطين الموجودة في المخازن والتي يتبرع بها الخيرون.

خارج السور:

هذا الطفل تحديداً نطالب بنبش جثته وتحديد أسباب الوفاة. ومقارنتها مع التقرير

 

الراكوبه نيوز


انضم لقناة الواتسب


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.