تقرير للأمم المتحدة : توثيق انتهاكات جسيمة بحق الأطفال بين عامي 2017-2019 من بينها العنف الجنسي والتشويه والتجنيد في السودان
سلط التقرير السادس للأمين العام للأمم المتحدة حول الأطفال في النزاعات المسلحة في السودان الضوء على “الانتهاكات السافرة” للقواعد والمعايير الدولية التي تشكل درجة من الخطورة تستوجب اهتماما دوليا بالنظر إلى تأثيرها على الأطفال.
ووثق التقرير، الذي يغطي الفترة الواقعة بين كانون الثاني/يناير 2017 وكانون الأول/ديسمبر 2019، ما مجموعه 734 “انتهاكا جسيما” ضد الأطفال في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق وأبيي، ومن الانتهاكات الأكثر شيوعا قتل وتشويه الأطفال وتجنيدهم أو استخدامهم في النزاعات.
وعلى الرغم من إحراز تقدم كبير في إنهاء تجنيد الأطفال واستخدامهم من قبل أطراف النزاع، بما في ذلك القوات الحكومية، فقد استمر الفتيان والفتيات في السودان في تحمّل الآثار الخطيرة للعنف المرتبط بالنزاع، وفقا للتقرير.
فرصة مواتية لحماية الأطفال
كانت القوات المسلحة السودانية قد استكملت خطة العمل بنجاح مع الأمم المتحدة، ما أدّى إلى شطب اسمها من قائمة تجنيد الأطفال واستخدامهم في عام 2018.
وفي بيان، قالت فرجينيا غامبا، الممثلة الخاصة للأمين العام المعنية بالأطفال والنزاع المسلح، إن خطة العمل تمثل خطوة مهمة لحماية الأطفال في السودان. وأضافت تقول: “ومع ذلك، يجب أن تستمر الجهود من أجل حماية الأطفال بشكل أفضل، وأدعو إلى ترجمة مكاسب خطة العمل المكتملة إلى خطة وقائية وطنية لمنع جميع الانتهاكات الجسيمة الستة ضد الأطفال، ولاسيّما في هذه الفترة الانتقالية السياسية”.
وأشارت غامبا إلى أن السودان مرّ بسلسلة من التغييرات السياسية خلال الأشهر الماضية، والتي جددت الفرص لحماية الأطفال. وتابعت تقول: “تمثل عملية جوبا للسلام فرصة للتعامل بشكل مستدام مع شكاوى الأطفال المتضررين من سنوات من النزاع المسلح في السودان. يجب أن ننتهز هذه الفرصة لتحقيق مستقبل سلمي لأطفال السودان”.
وأعربت عن قلقها إزاء مزاعم تجنيد الأطفال واستخدامهم من قبل الجماعات المسلحة المدرجة في القائمة وقوات الدعم السريع، ودعت إلى التحقيق معهم بالتعاون مع الأمم المتحدة.
انتهاكات جسيمة تثير القلق
ويشدد تقرير الأمين العام على أن حوادث العنف الجنسي ظلت واحدة من أكثر أنماط الانتهاكات المثيرة للقلق، حيث تم التحقق من 173 حالة على الرغم من عدم الإبلاغ عنها على نطاق واسع خوفا من وصمة العار والانتقام وانعدام مساءلة الجناة ونقص الموارد والخدمات للناجين.
وفي حين نُسب نحو ثلث تلك الحوادث إلى القوات الحكومية، دعت الممثلة الخاصة حكومة السودان إلى ضمان مساءلة جميع الضالعين بالانتهاكات، بما في ذلك العنف الجنسي، ورحبت باعتماد إطار التعاون مع الأمم المتحدة للتصدي للعنف الجنسي المرتبط بالنزاعات الموقع في آذار/مارس 2020.
وبينما انخفضت الأعمال العدائية بين القوات الحكومية والجماعات المسلحة في معظم أنحاء دارفور في الفترة قيد المراجعة، تواصل العنف بين القبائل وأدّى إلى انتهاكات واسعة النطاق بما في ذلك القتل والتشويه والعنف الجنسي والهجمات على المدارس. كما استمرت المتفجّرات من مخلفات الحرب في التأثير بشكل كبير على الأطفال في دارفور، وهو ما يمثل ثلث الضحايا. ونُسب الكثير من الهجمات على المستشفيات والمدارس إلى القوات الحكومية.
وأعاقت القيود المفروضة القدرة على رصد الانتهاكات والتحقق منها، ولم يكن بالإمكان نسب أغلبيتها (405 اعتداءات) لأي طرف. ومع ذلك، وعندما أمكن تحديد الأطراف، تبيّن أن قوات الأمن الحكومية مسؤولة عن أكثر من ثلث جميع الانتهاكات.
رسم مستقبل أفضل للأطفال
في أواخر عام 2019، سمحت الحكومة السودانية بوصول المساعدات الإنسانية إلى جميع مناطق البلاد، بعضها لأول مرة منذ أعوام، وفتحت الباب أمام زيادة التفاعل مع الجماعات المسلحة ورصد الانتهاكات.
ورحبت غامبا “بالفرصة” لتجديد مشاركة الأمم المتحدة مع الجماعات المسلحة حول قضايا تتعلق بالأطفال والنزاعات المسلحة. وقالت: “أدعو جميع الأطراف المدرجة في مرفقات تقرير الأمين العام حول الأطفال في النزاعات المسلحة إلى المشاركة مع الأمم المتحدة في وضع خطط عمل أو التنفيذ الكامل للخطط القائمة لوضع حد للانتهاكات الجسيمة ومنعها”.
وأشار بيان ممثلة الأمين العام إلى أن عدم الاستقرار السياسي يؤدي إلى العنف الذي يؤثر على الأطفال، ولاسيّما “الاستخدام المفرط” للقوة التي استخدمتها قوات الأمن الحكومية أثناء المظاهرات العامة وهو ما أثر تأثيرا سلبيا على الأطفال. وحثت الممثلة الخاصة القوات الحكومية على ممارسة أقصى قدر من ضبط النفس في استخدام القوة ضد المدنيين بمن فيهم الأطفال الذين يشاركون في احتجاجات سلمية.