تدهور الوضع المعيشي.. هل سيطيح الحكومة؟؟

مع تدهور الحالة المعيشية وارتفاع أسعار السلع والخدمات والمواد الغذائية لحدود غير مسبوقة في تاريخ السودان الحديث، واحتلال السودان المرتبة الثانية بعد فنزويلا في مؤشر التضخم العالمي بما يقارب 400% للتضخم وتعرض اكثر من عشرة ملايين نسمة حسب تقرير منظمة الأغذية العالمية لنقص الغذاء في السودان والتدهور المريع لقيمة الجنيه السوداني مقابل الدولار، يتساءل المواطنون في الأسواق والشوارع عن تجاهل الحكومة هذه الأزمة الاقتصادية المستفحلة التي أصبحت لا تفرق بين الغني والفقير في الحصول على ضروريات الحياة.

المواطن يسأل أين الحكومة؟ والحكومة من خلال رصد نشاطها العام لا تهتم بالأزمة الاقتصادية، فرئيس الوزراء يركز نشاطه على تطبيع العلاقات الخارجية، والمجلس السيادي في جانبه العسكري مهتم بصون موارد واستقلالية الجيش، والحرية والتغيير الحاضنة السياسية تعاني من أزمة المحاصصات وبناء المؤسسات الانتقالية.

ويكاد يجمع المهتمون والمراقبون والاقتصاديون والصحافيون على ان الأزمة الاقتصادية الراهنة دليل واضح على عجز الحكومة عن التصدي لمهامها الوظيفية، اذ يرتكز جهد الحكومة في الحصول على عون وقروض خارجية دون الاهتمام بتحريك الموارد الاقتصادية في الداخل، كما ان عائدات الذهب التي ترفد الحكومة بالعملة الحرة تعاني من فوضى وتضارب في الاختصاصات، وبات وزير المالية جبريل ابراهيم مشوش التفكير في معالجة الأزمة، وتبنى بالكامل روشتة البنك الدولي، وذهبت وعوده التي اعلنها عشية تسلم منصبه ادراج الرياح.
كما تعاني الحركات وشركاء سلام جوبا من تأخر استلام مخصصات السلام.

ولم يعد سراً الانقسام الكبير بين اللجنة الاقتصادية لقحت التي تعارض سياسات صندوق النقد وطاقم الحكومة الاقتصادي الذي يفضل إنفاذ شروط البنك الدولي. والمواطن هو الضحية.
لكن يبقى السؤال: هل سيطيح العجز الاقتصادي الراهن والتدهور المعيشي حكومة حمدوك؟
لقد وصل الشارع الى ذروة الاستياء وأعضاء الحكومة ومجلس الوزراء بعيدون عن معالجة هموم المواطن ويتنافسون من اجل المناصب والمخصصات.

انعدام الخدمات:
استمرار معاناة المواطن وتدهور   الأوضاع المعيشية التي تتفاقم يوماً بعد يوم، بجانب قطوعات الكهرباء لساعات طويلة وانعدام المياه في كثير من الأحياء وازمة الدواء وسوء الخدمات في المرافق الصحية والمستشفيات، كل ذلك دفع الكثير للتضجر من الأوضاع الحالية دون إيجاد حلول من قبل الحكومة تنعكس إيجاباً على المواطن، الأمر الذي أدى إلى هجرة البعض وتفكير البعض في الهجرة للحاق بالآخرين لفقدانهم الأمل في تحسن الأوضاع.

كرسي السلطة:
واستغرب كثير من المراقبين صمت الحكومة على الأوضاع الحالية بشقيها السيادي والتنفيذي المدني والعسكري،  ليس هذا فحسب، بل استغرب المراقبون من صمت الحركات المسلحة المتوقعة على اتفاق سلام جوبا التي جلست على كرسي السلطة وتتفرج على الأوضاع الحالية على عكس شعاراتها التي ظلت ترفعها ووعودها التي أطلقتها وهي في الخارج وداخل طاولة التفاوض، من العمل على  إصلاح الأوضاع الاقتصادية لينعم بها المواطن، وتساءلوا هل همها كان فقط الوصول الى السلطة وقيادة السيارات الفارهة، اما الحرية والتغيير فمازالت تتفرج على الأوضاع وتتشاكس حول تشكيل المجلس التشريعي والمحاصصات في المناصب.

جدوى الاجتماعات :
وهاجم ذات المراقبين أعضاء الحكومة في مجلسي السيادة والوزراء، إذ ظلوا يجتمعون باستمرار ولكن لا جدوى من تلك الاجتماعات سوى قرارات غير قابلة للتنفيذ، بجانب عدم انعكاسها على الشارع العام، ووجهوا انتقادات حادة للحكومة بشكلها الحالي بأنها جالسة في المكاتب والمواطن آخر همها ولا تعمل على حل مشكلاته ولا تعمل وفق أولويات المرحلة، بل مجمل تركيزها حول قضايا ليست ذات أولوية وآخر أولوياتها المواطن، وأشاروا إلى أن معظم لقاءات كبار المسؤولين في الدولة لا تعدو كونها لقاءات علاقات عامة لا علاقة لها بالأزمات أو إدارة الدولة مع غياب تام للمعلومات عما يحدث داخل الغرف المغلقة، وتساءلوا هل ستكتفي الحكومة بوعود المجتمع الدولي واتباع الروشتة الدولية فقط دون أن تعمل داخلياً لحل الازمة الاقتصادية؟
تجاذب مكونات السلطة:
وحول ما تفعله الحكومة في حل الأزمات استنطقت (الإنتباهة) القيادي بالمجلس المركزي للحرية والتغيير حيدر الصافي، الذي قال إن الازمة السياسية الآن انه لا توجد وحدة عضوية لاتخاذ القرار، وأوضح أن السبب في ذلك أن المكونات التي تشكل السلطة متجاذبة في قضاياها، مشيراً إلى أن كلاً في قضاياه، وأوضح أن رئيس الوزراء عبد الله حمدوك يسعى إلى تحسين الوضع الاقتصادي على المستوى العالمي لارجاع السودان للأسرة الدولية، وأضاف انه يعكف على ذلك بشدة، فيما يعمل المكون العسكري على أن تكون الاجهزة الأمنية جاهزة في مسألة الترتيبات الأمنية واستقرار الأمن.

وقال الصافي ان أطراف السلام تعمل على تحقيق ما جاء في اتفاقية السلام لاستقرار المناطق وإعادة اللاجئين والاستحقاقات التي تخصهم، اما الحرية والتغيير فقد أوضح انها متجاذبة سياسياً بين مكوناتها المختلفة، معللاً ذلك بأن ذلك ينعكس سلباً على الوضع المعيشي والخدمات للمواطن.

ورأى محدثي أن ما تم التوافق عليه في مجلس الشركاء كان من أجل أن يتوحد القرار وتوضع الأولويات، ولفت إلى أن اولى الاولويات تبدأ بالمواطن ثم تليها القضايا الأخرى، وشدد على أن ذلك يحتاج إلى تروٍ ونظرة شمولية للقضية السودانية التي يتسيد مشاهدها المواطن السوداني وظروفه المعيشية والخدمية.

برنامج اسعافي:
ومن جانبها قالت الصحافية المصرية الخبيرة في الشأن السوداني، إن حل الأزمة السودانية المعقدة في هذا التوقيت الدقيق، بأن تركز الحكومة الانتقالية بالبلاد على برنامج اسعافي عاجل جداً لتحسين أوضاع المواطن البسيط، وتنفيذ بند واحد فقط من اتفاقية السلام بجوبا وهو الترتيبات الأمنية، وتأجيل كل بنود وتفاصيل الاتفاق حتى تسترد (الدولة السودانية) عافيتها، وأضافت ان هذا ليس معناه إخلالاً بالاتفاق بل تقدير للظروف التي يمر بها السودان وتنازل من أجل الوطن كله، مع تثبيت الحقوق في الوثيقة، فالقضية الآن قضية شعب كامل وليست قضية (الهامش) فقط. أما باقي القضايا المهمة كالعدالة فهي إجراءات ينبغي أن تسير بالتوازي، وفي ما يخص عملية رجوع السودان للنظام الاقتصادي العالمي قالت إنها تلقائية وستأخذ بعض الوقت، ولذلك ينبغي التركيز على الاقتصاد الداخلي الذي يجب أن تنحصر كل مخرجاته في تحسين معايش الناس.

جميعهم حول السلطة:
ومن جانبه قال الخبير الاقتصادي خالد التيجاني في عمود صحفي: (إن هناك خبراً صادماً بكل المعايير يُنذر بخطر داهم يهدّد حياة عشرة ملايين سوداني، ومع ذلك لم يعره أحد في النخبة السياسية مثقال ذرة من انتباه أو أدنى اهتمام، لا في الطبقة الحاكمة بمكونيها العسكري والمدني، ولا في السيادي ولا مجلس الوزراء، ولا أحد في المنظومة السياسية الحاكمة على اختلاف مشاربها أو في قوى الحرية والتغيير بكل تشظياتها، ولا حتى الحركات المسلحة التي ترفع لواء الدفاع عن المهمشين، وللمفارقة لا أحد حتى من معارضي النظام مهتم لأمر المواطنين، فالجميع في الهم سواء طلّاباً للسلطة، ولا أحد منهم معني بحال المواطن)، وأضاف في عموده قائلاً: (لم لا فالأمر يتعلق بغمار الناس، ولذلك لا يستحق عناية علية القوم فهم في شغل مختصمون حول مغانم السلطة وامتيازاتها، ولا وقت لديهم ينفقونه للالتفات لحال المسحوقين، إذ لم يصدر من أي منهم مجرد تصريح ولو من ثلاثة أسطر يظهر اهتماماً بهذه القضية، على كثرة بياناتهم في كل شاردة وواردة مما يمس حظوظهم السلطوية، واجتمع مجلس الوزراء ولم تكن كارثة محدقة بهذا الخطر من بين أجندته، فلا طوارئ ولا تدابير احترازية).

المصدر: الانتباهة أون لاين


انضم لقناة الواتسب


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.