حسن مكي: اتفاق البرهان وحمدوك (زواج متعة)
سودافاكس _ رسم الأكاديمي والمحلل السياسي د . حسن مكي صورة قاتمة لمستقبل البلاد في ظل الوضع السياسي الراهن ، ففيما جزم بأن الإتفاق السياسي بين قائد الجيش عبد الفتاح البرهان ، ورئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك لن يغير كثيراً في وضع البلاد، أكد أن الإنتخابات القادمة إذا قامت أو لم تقم في موعدها المحدد لن تؤدي إلى تغيير كبير.
وقال مكي وفق (الإنتباهة) أن السودان الآن يحتاج إلى حكومة قوية ، وأكد أن أحداث 25 أكتوبر تأكيد للقبضة الإنقلابية التي حدثت في أبريل من العام 2019م حد قوله ، وإنتقد تتريس الشوارع في المظاهرات التي إنتظمت البلاد عقب أحداث 25 أكتوبر ، وقال المظاهرات نعم ولكن في أيام العطلة (الجمعة والسبت) ، وفي المناطق التي تحددها الشرطة ، وحرية المتظاهرين تنتهي حينما تبدأ حرية الآخر .
فإلى مضابط الحوار :
*ما هو توصيفكم لأحداث 25 أكتوبر هل هي إنقلاب أم تصحيح لمسار ثورة ديسمبر ؟
=أحداث 25 أكتوبر تأكيد للقبضة الإنقلابية ، الإنقلاب حدث منذ 11 أبريل 2019م والبلاد الآن في إطار حكومة عسكرية ،وما حدث في 25 أكتوبر رسائل للحلفاء الذين إلتفوا حول الإنقلاب الذي قاده إبن عوف وقتها ، وبعد استقالة إبن عوف جاء البرهان ، وهذه هي القبضة العسكرية 25 أكتوبر تأكيد للقبضة العسكرية التي حدثت في أبريل 2019م ، والرسالة هي أنكم أتيتم سابقاً وتحالفتم معانا مدنيين ، ونحن فقط لظروف التحول العالمي وبعد الضغوط الدولية ومطلوبات الاستقرار ، فتحنا لما يسمى بقوى الحرية والتغيير التي استنفدت أغراضها ، الآن المنظومة العسكرية تحتاج لتحالف جديد، القبضة العسكرية (هي هي ) بس يتغير شكلها مثل (المهرج أو البهلوان ) ، يأتي في المسرح بعدة أشكال ولا يوجد شيء جديد ، أنا لا أعرف لماذا يستغرب الناس من هذه الأحداث.
*ما هو تعليقكم على الإتفاق السياسي بين قائد الجيش عبد الفتاح البرهان ود. عبد الله حمدوك ؟
=الإتفاق السياسي (زواج متعة) مثل الطائرة لا يمكن أن يقودها ثلاثة كباتن وإنما يقودها كابتن واحد ، حمدوك أتى الآن ورجع لرئاسة الوزراء أضعف مما هو عليه ، سابقاً كان لديه سند خارجي الشارع كان يهتف (شكراً حمدوك) ، وكان هناك دفع خارجي له يتمثل في الباسبورت (الجواز) الأجنبي ، ولكن الآن الدفع يتمثل في الجواز الأجنبي فقط ، الذي لا يستطيع أن يكفل له المواصلة ، حمدوك يريد (أوكسجين) يتنفس به ويريد حاضنة سياسية ، وإذا كانت حاضنته السياسية عسكرية فلا بد أن يتنفس داخل (البزة) العسكرية .
* هل يمكن أن تقام الإنتخابات في موعدها المضروب في يوليو من العام 2023 م ؟
=الإنتخابات إذا قامت أو لم تقم في موعدها المحدد لن تؤدي إلى تغيير كبير ، الإنتخابات تكون فقط استراحة محارب ، لدينا حركات مسلحة إذا خسرت الإنتخابات سوف ترجع للعصيان ثانية ، صحيح أنها سوف تكون ضعيفة وليست بقواها الأولى ، والاستعجال على الإنتخابات لن يحل مشكلة البلاد بل يزيدها ، والإنتخابات لن تخرج البلاد من الأزمة السياسية الراهنة ، من يراهن على الإنتخابات خاسر ، السودان الآن يحتاج إلى حكومة قوية .
*عفواً .. ممن يمكن أن تتكون الحكومة القوية في الوقت الراهن ؟
=الحكومة القوية تريد ظروفاً جديدة ومصالحة وطنية شاملة لا تستثني أحداً بمن فيهم الإسلاميون ، وإئتلاف حول الحاكم القوي حتى من أحزاب الحرية والتغيير ، الإنتخابات يجب أن تقوم على التمثيل النسبي ، والقوى السياسية جميعها من المفترض أن تكون موجودة داخل البرلمان وإذا تم عزل أية قوة تبقى الحكومة ضعيفة أمام هذه القوى لأن البلاد هشة وقابلة للإنفجارات ، البلاد الآن مأزومة وأية (قشة كبريتة) تولع فيها سوف تلقى مجالاً للإنفجار، والمهزومون في الإنتخابات سوف يكونون كثر ، والآن لا توجد قوة مثل السابق ولا يمكن لأي حزب أن يحصل على أصوات بمجموع 101 ، لأن الكيانات القبلية سوف تجد نصيبها من الأصوات ، والكيانات الصوفية ، والمستقلين والحركات المسلحة ، والأحزاب التقليدية الكبيرة كلها سوف تجد نصيبها ، وربما بعض مكونات (الحرية والتغيير) كأشخاص يحصلون على أصوات ، وهؤلاء ثمانية مكونات ، وتقسيمها على الدوائر الإنتخابية يريد من هذه القوى السياسية أن تتحالف في أربعة مكونات على الأقل حتى تفوز وتتقاسم المناصب ، والقوى المعارضة سوف تقوى قوية وموازية لها ، لذلك الحكومة سوف تكون في (مهب الريح ) ، بـ(100) مليون دولار يمكن أن تشتري نواب البرلمان وتسقطها ، البلاد الآن تحتاج إلى حكومة قوية ، ولابد أن يكون لها تأييد من المنظومة العسكرية ، والمنظومة العسكرية الآن تتمثل في الجيش والدعم السريع والحركات المسلحة ، وفيها الحركات الرافضة للتوقيع على السلام ، ولا بد أن يعطوهم مجالاً للسلام، لا توجد قوى تستطيع أن تعدم قوى أخرى وتمحوها ، السودان واسع وكل قوى سوف تجد مجالاً للتنفس .
*هل تتوقع مغادرة البرهان وحميدتي للمشهد السياسي في البلاد ؟
=يمكن أن يغادروا ، ويأتي برهان وحميدتي جديد ، وإبعادهم يمكن أن يتم عن طريق مؤسساتهم أو (موت الله) .
*عفواً .. كيف يمكن أن يتم إبعادهم من قبل مؤسساتهم وهم على رأسها وقرارها بيدهم ؟
=الذي أتى بهم يمكن أن يبعدهم ، وسابقاً الشعب لم يكن يعرف عبد الفتاح البرهان ، والجيش إذا شعر أن هناك خطورةً عليه يمكن أن يتحرك ، الجيش دائماً يتحرك حماية لمصالحه ، والأشخاص الذين يتحدثون الآن عن تصفية الشركات والمؤسسات العسكرية (يتمنوا الأماني) ، لأن أي شخص يقدم على عمل مثل هذا يكون ضد الجيش كمؤسسة ، والجيش كمؤسسة يدافع عن مصالحه ، مثل الأحزاب التي تدافع عن مصالحها ، ومثل الخدمة المدنية التي تدافع عن مصالحها وغيرها من المؤسسات ، لكن الجيش دفاعه عن مصالحه يختلف عن هذه المؤسسات لأن الجيش يحمل السلاح .
*هل يستطيع رئيس الوزراء تشكيل الحكومة الجديدة بدون حاضنة سياسية ؟
=نعم يمكن أن يشكلها ، ولكن سوف تكون أسماء فقط وتكون حكومة ضعيفة ، وأي شخص يمكن أن (يسكها) ، ضابط جيش يمكن أن (يسكها) وحميدتي (يسكها) ، وأمريكا لن تستطيع أن تسعفها إلا بالضغوط الدبلوماسية غير ذات جدوى ، والحكومة سوف تكون على (صفيح ساخن) وأعضاؤها (ركبهم سوف تكون مرتعشة ) ، الحكومة يجب أن تكون قوية وتتخذ إجراءات ، وإذا كانت حكومة تخاف من الصبية في الطرقات بالمتاريس والإعتصامات لن تمشي للأمام ، ولا بد أن تأتي حكومة قادرة على إنفاذ القانون ، المظاهرات نعم ولكن في أيام العطلة ( الجمعة والسبت) ، وفي المناطق التي تحددها الشرطة ، والحرية تنتهي حينما تبدأ حرية الآخر ، ولا يمكن منع الكساب (تجار وحرفيين وعمال وموظفين وغيرهم ) ، لأن البعض يريد أن يعمل مظاهرة ويكورك .
*المظاهرات التي إنتظمت الشارع الآن بعد أحداث 25 أكتوبر هل يمكن أن تنجح في الإطاحة بالمكون العسكري وتسليم الحكومة للمدنيين ؟
=لا يوجد شيء اسمه تسليم الحكومة للمدنيين ، المطلوب الآن في المرحلة الإنتقالية الاستجابة لمطلوباتها ، وتأكيد حزب الاستقرار وهو إمتيازات ومطلوبات ورعاية مصالحهم ، وهم الطالب الذي يريد أن يقرأ والتاجر الذي يريد أن يفتح والمزارع الذي يريد أن يزرع وأرباب العوائل هم حزب الاستقرار ، وعهد الحكومة مع هذا الحزب ، وغير ذلك لن يأتي هذا إلا عن طريق التمرد الكبير مثل الذي حدث في دارفور سوف تكون تكلفته عالية جداً ، في دارفور الحركات المسلحة بدأت بدعم خارجي ، والحركات المتمردة ما قائمة على ذات ولديها تسهيلات خارجية ، وكل زعماء الحركات المسلحة باستثناء القليلين كانوا ضباطاً في جيش (قرنق) وإلى الآن لديهم موصول ولاء ، وولاؤهم لجيشهم فوق للوطنية السودانية ، وربما ولاؤها لحكومة جنوب السودان فوق ولائهم للبلاد ، وواحدة من مشاكل السودان الآن مسألة الوطنية والقومية لا توجد ، إما ولاء أيدلوجي أو ولاء خارجي ، أو ولاء للمصلحة الخاصة .
*كيف تنظر لمستقبل القوى السياسية الموجودة الآن في السودان ؟
=القوى السياسية الآن يجب أن تصل إلى توافق ، ويجب أن تكون الإنتخابات القادمة على أساس التمثيل النسبي حتى تدخل كل القوى السياسية تأخذ من (كيكة) السلطة ويكون هناك نصيب للمستقلين ، لابد أن يتم التفكير في مشروع إنتخابات بتفكير وإجتهاد ، ويجب أن لا تمشي على الخارطة السياسية التي أثبتت فشلها ، ونموذج (ويل سميث) الدوائر الإنتخابية الجغرافية فقط كأساس للمشروعية السياسية لحكم السودان غير كاف، لابد أن تكون كل هذه القوى موجودة في البرلمان .
* أين موقع الإسلاميين من المشهد السياسي الآن ؟
=الإسلاميون الآن في (استراحة محارب) لأن مشاكلهم كبيرة ، و لديهم أربعة منابر مختلفة أولها منبر (سجن كوبر) وهو منبر المؤتمر الوطني ، ومنبر الفارين من السودان المتواجدين في تركيا وفي الخارج ، ومنبر المؤتمر الشعبي ، والإصلاح الآن ، والجالسون على الرصيف ، وهم من كان لديهم خبرات قديمة في العمل الإسلامي ، وينظرون للمشروع من خلال تجربتهم وإشكالاتهم مع المشروع ، والإسلاميون لا يمكن أن يرجعوا للمشهد السياسي كأحزاب ، سوف يرجعون كأفراد ، يرجعون كرجال أعمال ناجحين ومن يريدون أن يشتري خدماتهم سياسيون يمكن أن يقدموها لهم ،بعضهم قد يأتي هكذا ، لديهم فرص للعودة ، قد يحتاج إليهم الناس ، وقد تحتاج إليهم أحزابهم .
*كيف تنظر لسباق ( الإمارات – قطر – تركيا) لتعزيز نفوذها حول الموانئ السودانية بالبحر الأحمر ؟
=هذه الدول تلعب دور (الوكيل) لدول غربية ، دولة الإمارات الآن تلعب دوراً أكبر منها وتنسق مع إسرائيل وأمريكا في إطار دبلوماسية أنها تكون وكيلاً لأمريكا والغرب ،(الإمارات الآن تحاول أن تلعب هذا الدور وتنافسها تركيا التي لديها قوة عظمى ولديها إقتصاد كبير وموقع استراتيجي ، وبالنسبة لأمريكا تركيا هي الأساس) ، لأن تركيا لديها حدود مع روسيا ، وتاريخياً عند قيام أي حرب بين روسيا وتركيا الغرب يقف مع تركيا ، تركيا هي الأقرب من الإمارات وقطر للفوز بالموانئ السودانية ، لأنها تجد الدعم من الغرب .