جعفر عباس : ثلاث كلمات ورحت فيها
سودافاكس ـ كان الزواج بالنسبة لي كالحادث المروري، فالأقدار تأتي في طريقك بسيارة فتجد نفسك صادما ومصدوما، وأعني بذلك أنني لم أفكر وأخطط للزواج بعد دخولي الحياة العملية، فقد كنت اعطي جزءا كبيرا من راتبي الشهري لأمي وأضع الجزء المتبقي في جيبي، حتى يأتي يوم أدخل فيه يدي في جيبي فتخرج خاوية فأدرك ان الفلس حصل، واقترض من أمي مبلغا “أمشي به الحال” حتى موعد الراتب التالي، وذات يوم أدخلت نفسي في ورطة عندما قلت لفتاة: إيه رأيك نتزوج؟ فكان ردها: روح كلِّم أبوي. توقعت منها أن تقول: خليني أفكر، وأرد عليك بعد يومين أو ثلاثة!! ورحت وكلمت “أبوها وأبو اللي خلفوها” وأعطيته سيرة ذاتية مختصرة، فقال: ربنا يتمم على خير بس لا زم نشاور البنت!! قلت له: مفيش داعي، فأنا شاورتها وهي شاورت نفسها ووافقت.
وبعدها دخلت في دوامات تحديد الجدول الزمني لعقد القران والزفاف والبطيخ، ولم يكن عندي وقتها حساب مصرفي لأنه لم تكن عندي مدخرات تستوجب التعامل مع البنوك. وهكذا أوقعتني ثلاث كلمات (إيه رأيك نتزوج؟) في مطب كان دخلي الشهري عاليا بمقاييس ذلك الزمان، ولكنني كنت سبهلليا في إدارة شؤوني المالية، وقلت لخطيبتي: دخلي الشهري كذا وكذا وسأسلمك شهريا 50% منه، وعندما تصل مدخراتي عندك السقف المطلوب ل”رسوم وضرائب” الزواج “أديني خبر”، وبكل بجاحة رفضت ذلك العرض السخي وطالبت ب 65% من دخلي الشهري، فكان لها ما أرادت. المهم حصل خير وتزوجنا، (كفاعل خير انصح المقبلين على الزواج – خاصة إذا كان مطلوبا من زوجة المستقبل التفرغ للبيت – إياكم وإعطاء معلومات دقيقة عن الدخل الشهري. وبعد الزواج لا تنطط أمام المدام مثل العبيط لأنك حصلت على علاوة أو ترقية. نطط بره البيت، لأن بمعظم الزوجات نزعات صهيونية تجعلهن يمارسن التكويش على كل شيء) في سنوات الزواج الأولى كانت زوجتي تمد لي بين الحين والآخر قائمة “المشتريات”، أو تمد بوزها مطالبة بمبالغ نقدية. فغيّرت التكتيك وصرت في أول كل شهر اعطيها ميزانية البيت كاملة شاملة “النثريات”، ولكنها زهجت من هذا الأمر بعد سنة واحدة وطالبتني بالإشراف التام على الميزانية، ولكن أعلى جعفرون يا فرعون؟ أتولى أنا شؤون نفقات البيت الضرورية والثانوية فيكون لها حق النقد والنقض، والمطالبة ب”كاش” لحاجياتها الخاصة؟ قررت فورا منحها راتبا شهريا لا حق لي في السؤال عن كيفية إنفاقها له. وهكذا اشتريت راحة بالي وضميري.
وأحيانا أفكر في المبلغ الذي أعطيه إياها شهريا وانظر الى حجم المهام التي تتولاها يوميا، واكتشف أنه لو تم توزيع ذلك المبلغ على الساعات التي تقضيها في تصريف شؤون البيت، فإنها مظلومة أكثر من العمالة الآسيوية في الخليج، فأفاجئها بعلاوة. الزوجة/ الأم وظيفة ليس فيها إجازة ولا بدل طبيعة عمل ولا تقاعد، وأي مليم أو فلس تناله الزوجة من جيب زوجها حلال عليها طالما هي “مالية مركزها”.