جعفر عباس : اغسلها احتراما لنفسك ولغيرك
سودافاكس ـ منذ عام 2008 هناك يوم عالمي لغسل الأيدي، يتم خلاله تنظيم حملات لتنبيه المواطنين عموما، وتلاميذ المدارس على وجه خاص، بضرورة غسل الأيدي عدة مرات في اليوم!! وجاء فيروس الكورونا وعرفنا فوائد تلك الممارسة.
وأعتقد ان تلك الحملة ينبغي ان تتحول الى حملات وطنية مستمرة، بأن تتولى السلطات الصحية في كل دولة مهمة التوعية بضرورة غسل الأيدي بالماء والصابون على نحو منتظم، أخذا في الاعتبار اننا شعوب تستخدم الأيدي للأكل من نفس الصحن / الطبق، ونعاني من جهل مطبق بأبسط مقتضيات الصحة العامة ابتداء برمي النفايات عشوائيا وليس انتهاء بحشر أصابعنا في فتحات انوفنا لـ “تسليكها”.
ومنا من يتناول طعاما ثم يكتفي بمسح يده اليمنى باليسرى وهناك من يعقب ذلك بتمرير اليدين على الوجه، وبعدها مباشرة قد يقرر تبادل التحية معك ويطخك كذا بوسة فتحسب انك تبوس رأس خروف متبل ومُبهَّر.
كل الأشياء حولنا تحمل عشرات ومئات الآلاف من الميكروبات.
مثلا لوحة مفاتيح الكمبيوتر (الكيبورد) بها من الميكروبات ما يفوق ما تجده على مقعد مرحاض، لسبب بديهي وهو ان مقعد المرحاض يخضع للتنظيف ولو مرة واحدة في اليوم، بينما لا نفكر قط في تنظيف الكيبورد، أزرار التلفون الثابت سيم سيم، أي مستودع ضخم للميكروبات.. أما أقذر الأشياء في المحال العامة فهو السلم الكهربائي المتحرك (اسكاليتر) فلو وضعت يدك على حافته فلا تضع يدك في فمك او عينك إلا بعد غسلها جيدا بالصابون، بعد أن ثبت بفحص مئات السلالم الكهربائية أنه لا يوجد ولا واحد منها يخلو من آثار فضلات بشرية.
والسر في ذلك ان نحو 40% من مستخدمي المراحيض في بلد مثل بريطانيا لا يغسلون أيديهم وهم خارجون منها. ولو كان هذا هو الحال في بريطانيا فقس على ذلك و”كلك نظر”،.. ودعوني أقرف عيشتكم أكثر.. في أماكن العمل والفنادق وغيرها توجد عدة دورات مياه، يتم الوصول اليها من خلال باب مشترك، وقد يحرص كثيرون على غسل أيديهم فور الخروج من المراحيض، ولكنهم لا يدركون ان الباب المشترك الذي يوصل دورات المياه بالممرات لا يقل تلوثا عن باب المرحاض نفسه.
وفي كل المستشفيات المحترمة تجد سوائل تعقيم على الجدران، ورغم ان المستشفيات أنظف من معظم البيوت إلا أنها مرتع لأنواع خطرة من الجراثيم MRSA ذات المناعة ضد المضادات الحيوية المعروفة ولهذا فمن الخير لك ان تضع يديك في جيبك وأنت تغادر أي مستشفى لتفادي ملامسة فمك او انفك او عينيك إلى أن يتسنى لك غسلهما.
سأقول كلاما قد يستفز البعض: في زمن كثرت فيه الأوبئة وظهرت فيه أمراض لم يعرفها أسلافنا (الكورونا والإيبولا والتهابات الكبد والحميات النزفية) فإنه من المستحسن ان ينفرد كل شخص على المائدة بطبق خاص به، وبعدها يأكل بيده أو كوعه! هو حر. فليس من العيب ان يعاف أعضاء الأسرة الواحدة فردا منهم لأنه لا يهتم بنظافة يده وبدنه، ونحن نجامل كثيرا في أمور صحتنا وسلامتنا.
مثلا يعتبر الأقارب أنه من “العيب” الانقطاع عن زيارة قريب ما لأن في بيته شخصا يعاني من مرض معدٍ. تقول لزوجتك لا تأخذي العيال الى بيت أختك لأن بنتها مصابة بالحصبة او الجدري المائي فتقول إن أختها ستغضب لو لم نصطحب عيالنا معنا. تقول لها: إذاً من الأسلم ان نمتنع نحن أيضا عن زيارتها لأننا قد ننقل العدوى الى عيالنا.. فيأخذ الحوار منحى آخر: أنت أصلا لا تحب أهلي.
والشاهد يا اعزائي هو أن غسل اليد بانتظام فيه احترام للذات واحترام للآخرين خاصة إذا كنت ممن يخرجون القدم من الحذاء لتدليكه بالأصابع أو تهرش فروة رأسك، لأن القشرة تسبب لك أكلانا مستمرا.. أما إذا كنت لا تقدر على غسل يديك بعد الأكل واستخدام الحمام فكن خواجة (غربيا) وتبادل التحية مع الناس بطريقة هاي وباي، من بعيد لبعيد.