السودان يسعى لتقليل حوادث الطرق بـ”تفويج المركبات”

سودافاكس ـ قبل أيام قليلة من بداية عطلة عيد الفطر المبارك، وفي نهايات شهر رمضان، تدشن شرطة المرور السودانية من العاصمة الخرطوم تفويج المركبات السفرية والحافلات التي تبدأ من منطقة الباقير جنوب الخرطوم إلى جميع ولايات البلاد البالغة 18 ولاية.

وهو ما درجت عليه الإدارة العامة للمرور في عيدي الفطر والأضحى كل عام، وتعد عمليات التفويج إجراء احترازياً ووقائياً لضمان سلامة المواطنين وانسياب الحركة والالتزام بسرعة محددة.

ويقوم نظام التفويج الذي يُعد تجربة سودانية فريدة تعمل على تقليل الحوادث والحد منها، على تسيير رحلات جماعية للحافلات والمركبات السفرية خلال مواسم الأعياد، وذلك بإلزام السائقين بسرعة محددة وبالسير في صفوف طويلة خلف إحدى سيارات الشرطة للتقليل من النسبة العالية للحوادث المرورية.

وتربط نقطة تدشين التفويج من منطقة الباقير بين طرق رئيسة كثيرة، أهمها الطريق القومي السريع النشط الرابط بين ولايتي الخرطوم والجزيرة، وهي الولاية الأقرب، ثم بعد مدينة مدني يمتد عبر مدينة القضارف وحلفا الجديدة وكسلا إلى أن يصل إلى بورتسودان على البحر الأحمر، وبات يعرف بـ”طريق الموت” لكثرة الحوادث التي تقع عليه، ويعد هذا الطريق أحد أهم شرايين الحركة الرئيسة على مستوى القُطر، والذين يستغلون هذا الطريق في بقية أيام العام من وإلى الخرطوم كل صباح ومساء، يمكنهم ملاحظة كثافة الحركة وهي خليط بين الحافلات الكبيرة القادمة من الولايات البعيدة، ونظيرتها الصغيرة من القرى والمناطق القريبة التي تحمل موظفين وعمالاً وطلاب جامعات ومدارس، وأخرى محملة بالفواكه والخضراوات من المزارع القريبة.

وكل هؤلاء يستغلون طريقاً مزدوجاً، ولكنه في مسار واحد كحال أغلب الطرق في السودان، وتبدو أرتال البشر كمن تفرغ مناطقهم وتلقي بجموعهم خارج أبواب العاصمة أحياناً وفي قلبها الكبير أغلب الأحيان.

ومع الإيذان ببداية عطلة العيد، يكاد لا يبقى فيها أحد، حتى إن أغلب سكان العاصمة يفضلون قضاء العطلة مع عائلاتهم خارج الخرطوم.

وهذا الغياب المؤقت يحدث حالة تهمد بها حركة الحياة هناك، ولكنها تتحول إلى هذا الطريق الذي تكتظ به المركبات، كل يحاول الوصول قبل أن تسوء الأوضاع. “اوصل سالماً” أعلنت الإدارة العامة للمرور اكتمال جميع الترتيبات الفنية والإدارية لانطلاق مشروع تفويج المركبات السفرية من ولاية الخرطوم إلى ولايات البلاد المختلفة لتمكين المواطنين من قضاء عطلة عيد الفطر المبارك مع ذويهم.

ويجيء تدشين انطلاقة التفويج هذا العام تحت شعار “اوصل سالماً”، والجدير بالذكر أن هذا المشروع بدأ منذ عام 2002 لتلافي إفراط سائقي المركبات السفرية في السرعة خصوصاً مع الزيادة المطردة في عدد المركبات العامة، والخاصة أيضاً، وهذه لا يشملها التفويج، ولكن تتم مراقبتها حتى لا تتجاوز السرعة القانونية، ومنع المخالفات التي تنتج عنها حوادث مرورية، وتلتزم جميعها بالتوجيهات لتحقيق سلامة مستغليها وسلامة الآخرين، شركاء الطريق. وكل هذه المركبات تستغل طرقاً ضيقة كثيرة المنعطفات، يتحرك المواطنون والحيوانات السائبة على جانبيها، وتنعدم فيها الإنارة ليلاً، كما تفتقر إلى وسائل السلامة واللوحات الإرشادية والمصدات.

وبحسب ما أعلن اللواء شرطة ياسر مضوي وقيع الله، مدير دائرة المرور السريع، أن “الشرطة بدأت نشر نحو 3 آلاف شرطي مرور على طرق المرور السريع، إضافة إلى 350 ضابط مرور برتب مختلفة للمراقبة وتسهيل حركة السير بمشاركة 348 دورية مرورية مجهزة بجميع تجهيزاتها الفنية للعمل في تفويج المركبات، وسيارات الإسعاف وتجهيز عنبر للإصابات والطوارئ لمصابي الحوادث المرورية بولاية نهر النيل”.

ويجيء هذا الانتشار الكثيف للشرطة كل عام لمنع الحوادث المرورية، فضلاً عن تأمين المسافرين من عصابات النهب، فترسل الشرطة فرقاً مجهزة بعربات ومعدات لتفويج الباصات بعد تجميعها عند نقاط محددة قبل تحركها باتجاه مقاصدها. وترتكز الخطة المرورية على عدة محاور، منها نشر وتكثيف الخدمات المرورية لتحقيق انتظام حركة السيارات على جميع الطرق، لتحقيق سيولة مرورية وتحقيق أمان الطريق وتأمينه حتى يقضي المواطنون رحلتهم في الذهاب والعودة بسلام وأمان.

وخلال هذه الفترة يتم تعيين الخدمات المرورية اللازمة على النقاط المرورية الثابتة والمتحركة لمنع أي تكدسات في مناطق الانطلاق والمحطات التي يتوقع حدوث كثافات عليها، وبعد انقضاء أيام العيد الثلاثة، يبدأ التفويج العكسي في اليوم الرابع وحتى السادس منه من الولايات المختلفة إلى ولاية الخرطوم. ظروف استثنائية يأتي تفويج هذا العام في ظروف استثنائية تستلزم توفير جانب رقابي، إضافة إلى مراقبة السرعة الزائدة والتخطي الخاطئ وقطع الإشارة الحمراء والخروج عن الفوج، وهو التتبع الجغرافي والتتبع الكبير لأجهزة الرادار والعديد من الخدمات الإلكترونية التي تساعد في الضبط المروري، لتزامن التفويج مع سوء الأحوال الجوية في فصل الصيف وبدايات الخريف، وكثرة الغبار الذي يؤدي إلى انعدام الرؤية ما يحتم مزيداً من التحوطات وإجراءات السلامة، إضافة إلى بعض التفلتات الأمنية. وهذه المنطقة التي يبدأ منها التفويج في بداية طريق الخرطوم – مدني هي منطقة صاخبة مرورياً حتى في الظروف العادية خلال أيام السنة، وتشغلها نقاط مرورية متقاربة تنتشر في مساحة لا تتعدى 40 كيلو متراً تبدأ عند نقطة مرور محلية سوبا، وكانت بغرض التفتيش والسماح بالدخول والخروج من الخرطوم، ولكن النظام السابق ابتدع تحصيل رسوم عبر هذه النقطة لجميع المركبات الغادية والرائحة، وهي في أصلها رسوم جبائية لم يظهر ريعها على تحسين مظهر وسلامة الطريق الذي يمتلئ بالحفر والمطبات وانعدام الصيانة الدورية، وظل هدف هذه النقطة المرورية باقياً حتى بعد سقوط النظام، ثم مروراً بنقطتين للتفتيش في منطقة الباقير، وعند مدينة جياد الصناعية، إذ يتوسط رجال المرور الأسفلت لتخفيف سرعة المركبات العابرة وإجبارها على التنحي جانباً على الطريق الترابي، لينزل مساعد السائق إلى حيث يوجد شرطي المرور ويعرض عليه أوراق المركبة وما يضمن صلاحية سيرها، قبل السماح لها بالعبور.

ضحايا الطرق بحسب تقرير منظمة الصحة العالمية في 21 يونيو (حزيران) الماضي، “يلقى نحو 1.25 مليون شخص سنوياً حتفهم نتيجة لحوادث المرور، وتحدث نحو 48 في المئة من الوفيات الناجمة عن حوادث المرور في العالم بين الأشخاص البالغين من العمر من 15 إلى 44 عاماً، ويتعرض ما بين 20 و50 مليون شخص آخر لإصابات غير مميتة، ويصاب العديد منهم بالعجز نتيجة لذلك”.

وأضافت المنظمة، “تتكلف حوادث المرور في معظم البلدان 3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وتشهد البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل 90 في المئة من الوفيات الناجمة عن حوادث المرور في العالم، على الرغم من أنها لا تحظى إلا بنحو 45 في المئة من المركبات الموجودة في العالم. وتوجد أعلى معدلات الوفيات الناجمة عن حوادث المرور في الإقليم الأفريقي”. وعلى الرغم من أن السنوات الأخيرة من عهد حكومة “الإنقاذ” شهدت إنشاء طرق جديدة، حتى وصل طول الطرق القومية نحو 12 ألف كيلو متر، فإنها لم تلتزم في إنشائها بمقتضيات السلامة في البنية التحتية، وصاحب أغلب المشاريع فساد كبير، وهي تعاني سوء الصيانة، وشهدت الفترة الماضية انهيار بعض الجسور.

ومع هطول الأمطار وجريان السيول ينفصل الأسفلت في أغلب الطرق مكوناً حفراً عميقة تؤدي إلى أغلب الحوادث المرورية. وتتضارب إحصاءات الوفيات الناجمة عن الحوادث المرورية بين ما أعلنته وزارة الداخلية عن وفاة 2000 شخص سنوياً، بمعدل 3 أشخاص يومياً، وبيانات متداولة يقال إنها من منظمة الصحة العالمية تفيد بأن حصيلة الوفيات نحو 9 آلاف وفاة سنوياً. وتشهد طرق السودان القومية الرئيسة حوادث كثيفة، يكاد لا يمر شهر إلا بوقوع ضحايا على هذه الطرق.

وإضافة إلى طريق الخرطوم، ومدني، وبورتسودان، هناك طرق رئيسة أخرى هي، طريق التحدي الذي يربط بين الخرطوم وعطبرة وبورتسودان، وطريق شريان الشمال الذي يربط بين أم درمان ومروي ودنقلا، وطريق اﻹنقاذ الغربي الذي يربط بين الخرطوم وربك وكوستي والأبيض وحتى الفاشر ونيالا في دارفور، وطريق النيل الغربي الذي يربط بين أم درمان والمتمة، وغيرها. لا زيادة في الأسعار وتشهد محطات حجز التذاكر السفرية هذه الأيام ازدحاماً كثيفاً، فبعد الزيادة السابقة في الأسعار، التي وصلت إلى 40 في المئة من قيمة التذكرة لأسباب تحرير سعر الدولار وارتفاع أسعار مدخلات التشغيل من الغازولين، وقطع الغيار، وأجور العمالة والسائقين، أعلن أمين المال للغرفة القومية لأصحاب الباصات السفرية أحمد علي أحمد للصحف عدم فرض زيادة جديدة في أسعار التذاكر بمناسبة عيد الفطر، مبيناً الحرص على عدم دفع المواطنين للإحجام عن السفرن خصوصاً مع تفاقم الضائقة المعيشية، مشيراً إلى تجهيز نحو ألف حافلة لنقل المواطنين، خلال عملية التفويج.

 


انضم لقناة الواتسب


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.