خبير مصرفي يطلق تحذيرًا بشأن مخاطر تزوير العملة و ظاهرة دولرة الاقتصاد السوداني
اعتبر الخبير المصرفي عمر سيداحمد أن تزوير العملة في السودان ليس بجديد، وحذر من مخاطر ما وصفه بالدولرة، واعتماد تداول الدولار والعملات الأجنبية بديلاً للعملة الوطنية تأكيدًا لإبراء الذمة، مشيرًا إلى أنها قمة انهيار العملة وتفريط في السيادة الوطنية، مؤكدًا أن الكتلة النقدية المقدرة بـ 900 ترليون جنيه ما يعادل نسبة 97% خارج سيطرة النظام المصرفي، و97% أيضًا من النشاط الاقتصادي خارج ولاية وزارة المالية.
تاريخ من التزوير
وقال سيداحمد في اتصال هاتفي مع “راديو دبنقا” تعليقا على تداول عملة مزيفة في عدد من الولايات، أن تزوير العملة ليس بجديد وأنها عملية مستمرة دون أن تجد لها رادع قانوني من قبل السلطات، وذكر أنه في أعقاب ثورة ديسمبر تم تزوير العملة وتم القبض على العصابة التي قامت بعملية التزوير ونشرت صورهم عبر الأسافير وفي الصحف ولكن كعادة أسلوب الدولة العميقة في مثل هذه القضايا لم يتم التحقيق ولم نصل لنتائج.
وكشف الناطق الرسمي باسم حكومة ولاية شمال كردفان، عبد المطلب عبد المتعال، الأسبوع الماضي، عن ضبط الأجهزة الأمنية بالولاية لعملات مزيفة منن فئة (500) جنيه بسوق الأبيض.
وأكد الخبير المصرفي سيداحمد أن التزوير الذي حدث الآن حجمه كبير وشائع في كل مدن السودان وأرجع عملية التزوير للفوضى التي تكتنف البلاد حاليا، وقال انه بعد اندلاع الحرب اقتحمت قوات الدعم السريع مطبعة العملة، وأخذت “رولات جاهزة” لا يوجد فيها رقم متسلسل ولا تحمل توقيع المحافظ في بعضها، وقال إنَّ العملة أصلًا تمر بعدة مراحل للطباعة وواحدة من المراحل الأساسية أن يطبع عليها الرقم المتسلسل ويتم وضع ختم المحافظ عليها، وهذه ما يجعلها مبرأة للذمة. ونبه إلى أنه إذا خلت من رقم متسلسل وتوقيع المحافظ تصبح مجرد ورقة.
الدولرة:
وحذر الخبير المصرفي الذي عمل مديرًا لبنك أبو ظبي وبنك تنمية الصادرات، في حديثه لـ”راديو دبنقا” من مخاطر ما سماه “بالدولره” وهو اعتماد المواطنين على التداول بالدولار والعملات الأجنبية بعد فقدان الثقة في العملة الوطنية نتيجة للتزوير المتفشي وتحاشيًا لاستلام عملة مزيفة. ورجح احتمال حدوث “الدولره” نتيجة لانهيار العملة الوطنية مقابل سعر الدولار والذي يرتفع كل يوم، وقال بأن “الدولرة” تعتبر قمة انهيار العملة وتبعاتها الكارثية لا تحصي ولا تعد، فضلا عن التفريط في السيادة الوطنية.
وعدد سيداحمد مخاطر العملة المزيفة أو الأوراق المزورة بأنها غير مبرأة للذمة وقال أنها تلحق اضرارا فادحة بالاقتصاد الوطني وهي متداولة ويتم تبادلها لشراء وبيع السلع بهذا الورق المزور، ويصبح في نهاية الأمر، الخسارة تقع على الدولة والمواطن.
واعتبر أن المشكلة ليست في الورقة المزورة بقدر ماهي مشكلة اقتصادية معقدة تتعلق بأن 97% من الكتلة النقدية خارج النظام المصرفي، بالتالي لا تستطيع الدولة أن تتحكم في حجم هذه الكتلة، وقال توصلنا مع مجموعة من الاقتصاديين بعد نقاشات وحوارات مطولة، أن حجم الكتلة النقدية تساوي 900 ترليون جنيه وهذا المبلغ كبير جدًا، المتوفر منها داخل النظام المصرفي فقط 3 % فقط.
نظام مصرفي متهالك
واضاف الخبير المصرفي عمر سيداحمد عندما نصف الجهاز المصرفي بأنه منهار نفعل ذلك قياسًا على في ظروف الحرب وتأخر البنوك في استعادة نشاطها، لعدم التزام أغلبها بمتطلبات مقابلة الكوارث من احتياطات ضرورية منها القدرة علي تشغيل المنظومة المصرفية الإلكترونية من مواقع بديلة آمنة، خارج العاصمة وربما خارج السودان تحتفظ فيها بمخدمات (سيرفرات) احتياطية بعد التخريب الذي أصاب المواقع الرئيسية للبنوك خاصة في أسواق المحاصيل والذهب وغيرها من الأسواق التي يتداول فيها الكاش بحجم كبير.
وشكك في استعداد وقدرة البنك المركزي والبنوك علي توفير البديل الإلكتروني للمعاملات في ظل توقف شبكات الاتصالات، التي تعمل بربع كفاءتها لنفس الأسباب التي تعاملت بها البنوك مع الاستعدادات للكوارث وعدم الالتزام بمتطلبات سرعة التعافي من الكوارث، بوضع خطط للتعافي واستعادة القدرة على العمل بعد الكوارث.
وقطع سيداحمد بأن الكتلة النقدية موجودة في البيوت والشركات وفي أيدي التجار حتى هنالك مواطنين لديهم غرف حصينة مصممة داخل منازلهم، وقال فالمسألة معقدة في ظل هذه الحالة والمواطنين فاقدين الثقة في النظام المصرفي فاقدين الثقة في تطبيقاته، وعدم قدرته على العودة السريعة في خدمتهم هذا ما جعل الناس تتمسك بالتعامل بالكاش.
وصفة اقتصادية:
وقدم الخبير المصرفي عمر سيدأحمد وصفة اقتصادية لمعالجة أزمة النظام المصرفي والذي يعد مدخلا لمعالجة أزمة الاقتصاد السوداني، واعتبر أن تغيير العملة واحدة من الحلول وقال بأنها علاج ناجع، لكنه اشترط أن يكون وفقًا للمعايير والضوابط المعروفة.
وحذر من أية قرارات تشكل بديلا مستعجلا لتغيير العملة المهم والضروري والمكلف والذي لا يمكن اللجوء له إلا إذا تم وفقا للمعايير والضوابط المعروفة. وقال إنَّ أهم معيار لتغيير العملة هو وجود دولة ونظام حكم بسلطات سياسية لها احترامها وسلطات نقدية عليا غير قابلة للتدخل، ولذلك رأى أن تغيير العملة في ظروف الحرب اجراء غير مناسب.
وقال إنَّ عملية تغيير العملة كحل ناجع للتزوير وتشوه الاقتصاد لها ظروف خاصة جدًا تشمل حتى التعبئة العامة إعلاميا لتقليص خسائر المواطنين، الذين قد لا يستطيعون التبديل في توقيته المحدد الذي بعده لن يقبل التعامل بالعملات القديمة.
مشيرًا إلى التكلفة العالية لاستبدال العملة بعملة ذات مواصفات عالية الجودة بعدد من علامات الأمان في الورقة، وقال إنَّ التكلفة العالية في تغيير العملة هي مما تعللت به السلطات السودانية طيلة الأعوام الماضية.
يبقى الحل في مكافحة التزوير الذي حدث من قبل الدعم السريع ومن جهات كثيرة، ومثبتة ويتداولها المواطنين في نهر النيل.
ورأى أن المعالجة الأساسية هو أن يصبح هنالك شمول مالي، مع تطبيق الدمج أو تصفية البنوك من 41 بنك إلى 3 أو4 بنوك تكون كبيرة تتوفر لديها قدرات مالية كبيرة تستطيع البنوك العالمية التعامل معها.
راديو دبنقا