بعد مأساة طائرة سنغافورة.. تحذير من المطبات الهوائية “ستزداد سوءاً في المستقبل”!
لقي راكب بريطاني حتفه وأصيب أكثر من 70 بجروح أمس الثلاثاء عندما تعرّضت طائرة من طراز “بوينغ 777-300ER” تابعة للخطوط الجوية السنغافورية إلى مطبّات شديدة أثناء رحلة من لندن وأُجبرت على القيام بهبوط اضطراري في بانكوك. أما عن تفاصيل ما حدث على متن الرحلة “321SQ” مازال غير واضح.
وقالت الخطوط السنغافورية إن الرحلة أقلعت من مطار لندن هيثرو و”واجهت مطبّات شديدة في طريقها”.
ماذا حدث على متن الرحلة “321SQ”؟
وقالت الشركة في بيان على “فيسبوك” إن الطائرة كانت تقل “211 راكباً و18 من أفراد الطاقم”. وأضافت: “نقدم خالص اعتذارنا عن التجربة الصادمة التي عانى منها ركابنا وأفراد طاقمنا على متن هذه الرحلة. نقدّم جميع المساعدات اللازمة في هذا الوقت الصعب”.
وأشارت بيانات تعقّب الرحلة إلى أن الطائرة انخفضت أكثر من 1800 متر في غضون خمس دقائق فقط فوق بحر أندمان.
وقال كيتيبونغ كيتيكاشورن، مدير مطار سوفارنابومي، إن الراكب الذي قضى يحمل الجنسية البريطانية ويبلغ 73 عاما.
وأوضح أن غالبية المصابين تعرضوا لضربات على الرأس وأن سبعة منهم في وضع حرج.
والركاب هم 56 أستراليا و47 بريطانيا و41 سنغافوريا، وفق شركة الطيران. وأعلن مستشفى ساميتيفيج سريناكارين في بانكوك أن ما مجموعه 71 شخصا أحضروا لتلقي العلاج، ستة منهم إصاباتهم خطيرة.
تأتي الحادثة فيما تشهد أجزاء من تايلاند عواصف رعدية خلال الموسم السنوي الماطر في البلاد.
ولحسن الحظ، فإن الوفيات والإصابات الخطيرة الناجمة عن المطبات تعد نادرة جدًا. ويمكن لأطقم الطيران في كثير من الأحيان التنبؤ بالطقس السيئ والهواء العاصف مسبقًا ويتم تدريبهم على التعامل مع الآثار الناجمة عنها.
لكن ما مدى خطورة تلك الاضطرابات على متن الطائرة؟
فبحسب ما نقل موقع “يورونيوز” euronews عن الدكتور بول ويليامز، أستاذ علوم الغلاف الجوي في “جامعة ريدينغ” فإن “الوفيات الناجمة عن المطبات الهوائية على الرحلات التجارية نادرة جدًا”.
وتابع بالقول: “يمكن أن تحدث المطبات في الرحلات الجوية بسبب العواصف والجبال والتيارات الهوائية القوية التي تسمى التيارات النفاثة. في هذه الحالة الأخيرة، يُطلق عليه اضطراب الهواء النقي، وقد يكون من الصعب تجنبه لأنه لا يظهر على رادار الطقس في سطح الطائرة.”
ويليامز قال إن “التحليل التفصيلي لظروف الأرصاد الجوية ونوع الاضطراب المحدد الذي تسبب في وفاة اليوم (طائرة سنغافورة) سيستغرق بعض الوقت.”
من الصعب أيضًا التنبؤ بموعد حدوث ذلك لأنه ناتج عن دوامات صغيرة الحجم محلية جدًا بحيث لا يمكن لمعظم نماذج الطقس حسابها.
يذكر أن المطبات الهوائية هي السبب الرئيسي للإصابات غير المميتة للركاب والطاقم، وفقًا لاتحاد النقل الجوي الدولي. لكن الوفيات والإصابات الخطيرة على الطائرات الكبيرة لا تحدث كثيرًا.
وبحسب ما ورد شملت الإصابات تمزقات وكسور في العظام وجروح في الرأس وفقدان للوعي، ويرجع ذلك أساسًا إلى عدم ارتداء الركاب لأحزمة الأمان.
ونقت “بي بي سي” BBC عن جون ستريكلاند، خبير الطيران العام، القول إنه “ليس عبثًا أن توصي شركات الطيران بإبقاء أحزمة الأمان مثبتة بشكل فضفاض طوال الرحلة سواء كانت طويلة أو قصيرة”.
نظرًا لأنه يتعين عليهم الوقوف على أقدامهم لفترة أطول من الركاب، فإن مضيفات الطيران هم الأكثر عرضة للخطر على متن الطائرة، فهم أكثر عرضة للإصابة بجروح خطيرة بـنسبة 24 مرة.
الاضطرابات تزداد سوءًا بسبب تغير المناخ
في العام الماضي، وجدت دراسة أجراها خبراء الأرصاد الجوية في “جامعة ريدينغ” في المملكة المتحدة أن السماء أصبحت أكثر اضطرابًا بنسبة تصل إلى 55% مما كانت عليه قبل أربعة عقود بسبب تغير المناخ.
ويعمل الهواء الأكثر دفئًا الناتج عن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون على تغيير التيارات الهوائية في التيار النفاث، مما يؤدي إلى تفاقم مطبات الهواء النقي في شمال المحيط الأطلسي والعالم.
ووجد العلماء أنه في نقطة نموذجية فوق شمال المحيط الأطلسي، أحد أكثر مسارات الطيران ازدحامًا في العالم، زادت المدة السنوية الإجمالية للمطبات الشديدة بنسبة 55% بين عامي 1979 و 2020.
ووجدت الدراسة الجديدة أن مسارات الطيران المزدحمة الأخرى فوق الولايات المتحدة وأوروبا والشرق الأوسط وجنوب المحيط الأطلسي شهدت أيضًا ارتفاعًا كبيرًا في الاضطرابات.
وبحسب ويليامز، عالم الغلاف الجوي في “جامعة ريدينغ”، الذي شارك في كتابة الدراسة: “يجب أن نستثمر في تحسين أنظمة التنبؤ بالاضطرابات والكشف عنها لمنع الهواء العاتي من التسبب في رحلات جوية أكثر صعوبة في العقود المقبلة”.
ويقول مارك بروسر، عالم الأرصاد الجوية في “جامعة ريدينغ”، الذي أشرف على الدراسة: “ستحتاج شركات الطيران إلى البدء في التفكير في كيفية إدارة المطبات المتزايدة، حيث يكلف ذلك قطاع الطيران من 150 إلى 500 مليون دولار سنويًا في الولايات المتحدة وحدها”.
ويتابع: “كل دقيقة إضافية يتم قضاؤها في السفر خلال المطبات تزيد من التآكل والتلف على الطائرة، فضلًا عن خطر إصابات الركاب والمضيفين”.
العربية نت