قصة آثار نوبية حول العالم
حتى أوائل القرن العشرين، ظلت حضارة النوبة تعانى جهل العامة بها، وتظل علوم الآثار تدين لمشروعى «خزان أسوان» و «السد العالى» بجميل لا ينسى . فلولا هذه المشروعات، ما كان الانتباه قد توجه إلى آثار النوبة، وما كانت الجهود لإنقاذ آثارها من الغرق تحت مياه النيل .
فقد كان نداء منظمة «اليونسكو» والحملة التى شاركت فيها عشرات الدول فى الستينيات لإنقاذ أكثر من 20 معبدا نوبيا، من آثار تشييد «السد العالى». وأمام هذا التكاتف الإنساني، قررت السلطات المصرية إهداء بعض العناصر الأثرية للدول المشاركة، تعبيرا عن الامتنان . تلك العناصر الأثرية التى تنوعت بين بوابات ومقصورات لمعابد صغيرة، نالتها الولايات المتحدة، وإسبانيا، وهولندا، وإيطاليا، وألمانيا. وباتت تلك الهدايا الأثرية رمزا للصداقة، وبطاقات دعاية ودعوة إلى زيارة مصر والتعرف على حضارتها العريقة.
يقول الدكتور أحمد صالح مدير عام النشر العلمى بـ «آثار أسوان»: «أهدت مصر الشعب الأمريكى (معبد دندور) وذلك بعد إتمام إنقاذ معبدى أبوسمبل بتكلفة 16 مليون جنيه، تحملت مصر ثلث المبلغ، وأمريكا الثلث الثانى، بينما أسهمت 50 دولة بالثلث الباقى». ويكمل: «(معبد دندور) بات له مقر مميز فى صالة مستقلة داخل (متحف المتروبوليتان) بمدينة نيويورك. وهو ما يليق به، فقد شيده الإمبراطور أغسطس عام 30 قبل الميلاد، لتكريم بطلين محليين، بحيث باتا فى مصاف الآلهة. والمعبد له بوابة مزينة بنقوش بارزة تمثل الإمبراطور أمام الآلهة والبطلين المؤلهين (باتسى) و(باهور). وله بوابة أخرى تضم زخارف جميلة، تمثل قرص الشمس المجنح . وعلى كل قائمة للبوابة، ساق من نبات البردي، يلتف حوله ثعبان كوبرا ويقع المحراب خلف البوابة الثانية».
ويكمل الأثرى الدكتور عبدالمنعم سعيد، وكيل وزارة السياحة والآثار بأسوان، موضحا أن ألمانيا كانت من الدول صاحبة الدور البارز فى مشروع إنقاذ آثار النوبة الذى دام عقدين من 1960 حتى 1980 وشملت معابد وهياكل بعضها يرجع إلى العصرين اليونانى والرومانى. وقد تم إهداء ألمانيا بوابة من «معبد كلابشة»، وهى (البوابة البطلمية). وتعرض حاليا فى (متحف برلين)، لتجسد براعة القدماء المصريين فى النحت والنقش. وكانت البعثات الألمانية قد ساعدت مصر فى إنقاذ (معبد كلابشة) بتفكيك أحجاره وإعادة تشييده مجددا فى موقع مرتفع عن مياه النيل».
ويلتقط الأثرى الدكتور شاذلى علي، مدير عام آثار أسوان، طرف الحديث موضحا أن إسبانيا تتباهى بحيازتها «معبد دابود» الذى بناه الملك النوبى (أزخر أمون) على طراز المعابد المصرية، وقام الملك بطليموس الثالث بتوسعاته وتزيينه بالنقوش المختلفة. ويتألف من ثلاث بوابات، يليها فناء مفتوح ثم صالتان تنتهى بقدس الأقداس وكان الإله الرئيسى بالمعبد هو إيزيس وأوزوريس، وطفلهما حورس. وتم إعادة تركيب المعبد فى العاصمة الإسبانية مدريد».
«طافا».. تتباهى به هولندا
أما هولندا فنالت بعضا من «معبد طافا»، من أجمل معابد النوبة، يرجع تاريخه إلى العهد اليونانى الروماني، ليعاد تشييده داخل «متحف ليدن» مع بوابته يزينها قرص الشمس المجنح، و«أفريز» مزخرف بنقوش وزخارف مقعرة، وصف من الأفاعى الكوبرا.
أما إيطاليا، فكان من نصيبها «معبد الليسيه»، الذى يتحدث عنه الأثرى أحمد مسعود، كبير مفتشى الآثار بمنطقة «أبوسمبل»، موضحا أن تاريخه يرجع إلى عام 43 من حكم الملك تحتمس الثالث. وهو معبد شديد الصغر يتألف من غرفة واحدة، وقد زينت واجهته بمخطوطات كثيرة، بالإضافة إلى لوحة لتحتمس الثالث.
وقد قامت إيطاليا بترميم «الليسيه» وتركيبه بجوار «متحف تورينو»، ليتم افتتاحه فى سبتمبر 1970، ليصبح مزارا رائجا وبطاقة دعوة دائمة إلى مصر.
الاهرام