مدرسة (الاتحاد العليا).. حاضنة تعليمية في دائرة الاتهام
ثورة التعليم الخاص بالسودان ضاربة في القِدم، وكذلك مسيرة التعليم الأجنبي الخاص، فقد أقيمت بقلب الخرطوم أعرق المدارس التي تعنى بالتعليم الأجنبي أبرزها (مدرسة الاتحاد العليا) والتي كُتب على لافتتها تأريخ إنشائها التليد والذي يعود للعام 1902، فالمبنى يحكي العراقة التي أنشئت بها المدرسة وموقعها الذي يتوسط قلب الخرطوم يوضح مكانتها، إلى جانب الفكرة الأساسية التي أقيمت من لها، وهي الديمومة، فالصلابة التي تقف عليها الجدران خير دليل وبرهان، ورغم التاريخ الباذخ إلا أن بعضاً من أحداث الحاضر التي تتعلق بالمدرسة الرائدة تشي بأن ثمة بقع سوداء قد التصقت بثوبها.
سيرة غير عطرة
أخيراً.. وفي تعاقب غير جميل، درج اسم المدرسة على ملازمته وقائع كافية بوصف المدرسة بصور لا تمت إلى المسؤولية بصلة، ولعل حادثة المعلمة السودانية بمدرسة الاتحاد العليا (سارة الخواض) التي تضررت من موقفها تجاه قضية المعلمة (جوليانا غيبنز)، التي تمت إدانتها بالإساءة الى الأديان إثر إطلاقها اسم الرسول صلى الله عليه وسلم على دمية أمام طلابها وتلاميذها في الفصل.
ومعلوم ان مدرسة الاتحاد قامت في حينها بإعطاء الأستاذة سارة خطاب الإيقاف والاعتذار لها، وقد أبانت أنها حاولت الاتصال بمدير المدرسة أكثر من مرة لكنه اعتذر لها وأحالها لمحامي (جوليانا) الأستاذ كمال الجزولي الذي أبلغها أنه لا علم له بأي تفاصيل ليخبرها بها، ويومها لم تجد سارة غير الحكومة ورجال الدين للوقوف إلى جانبها بعد أن ظلت تتعرض – حسب قولها – للتهديدات والضغوط وتشويه صورتها بالخارج من قبل الصحافة الإنجليزية.
احتجاج هيئة علماء السودان
وعلى أثر أحداث المعلمة التي أسمت الدمية بأفضل الخلق، في شهر نوفمبر للعام 2007، تلقت هيئة علماء السودان صورة من خطاب صادر من مدرسة الاتحاد العليا بالخرطوم مكتوب باللغة الإنجليزية ممهور بتوقيع مدرسة فصل تدعى (جوليان) بتاريخ 15/9/2007م موجّه إلى أولياء أمور تلاميذ الفصل المدرسي تعرضت فيه بإساءة بالغة إلى شخص خير البشر النبي المعصوم الرسول الكريم الرحمة المهداة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، نصير الفقراء وكافل الأيتام والسراج المضيء الذي أضاء نوره البشرية وهداها إلى طريق الحق المستقيم وإخرجها من الظلمات إلى النور، إذ أنها أتت بدمية في شكل دب وأسمتها تعدياً وبهتاناً باسم محمد، وأرسلت إلى أولياء أمور التلاميذ تفيدهم بذلك وتطلب منهم استضافتها عندهم، وذلك في تحدٍّ سافر لمشاعر المسلمين من طلاب وأساتذة وأولياء أمور وعامة المسلمين، وقد قامت الهيئة فور استلامها هذا الخطاب بالاتصال بالجهات المختصة كما قام وفد منها بزيارة المدرسة للتأكد من صحة الحادثة، وقد ثبت ذلك، بينما أنكرت إدارة المدرسة تماماً علمها بهذا الخطاب، وقد خطت وزارة التربية والتعليم خطوة في ذات السياق بتعليقها الدراسة بالمدرسة، وإحالتها الأمر إلى النيابة ليأخذ القانون مجراه، واتساقاً مع هذا الأمر فإن هيئة علماء السودان قد أوضحت أن الذي حدث لم يكن وليد صدفة أو فعلاً منسوباً إلى الجهل، وإنما هو فعل مدروس وحلقة أخرى من حلقات التآمر على الإسلام رسولاً وكتاباً وشريعة اشتد في الفترة الأخيرة وظهر جلياً في الكثير من الإصدارات الثقافية والفنية، وأن الذي حدث إنما هو بالونة اختبار أخرى تطلقها الدوائر المعادية للإسلام لمعرفة إلى أي مدى حقق المشروع الإقصائي الصهيوصليبي أهدافه، ولقياس مدى صلابة المسلمين وثباتهم للدفاع عن دينهم وقرآنهم ورسولهم وذلك لأنهم يعملون من منطلق أن الطرق على الحديد يلينه ويطريه.
وقد دعوا وزارة التربية والتعليم بتشديد الضوابط المطلوبة على المناهج، والتي يجب أن تعكس أخلاقنا السمحة وتعبِّر عن قيمنا الدينية الثابتة، وأن تعمل على ضبط الشروط المطلوبة في المعلم الأجنبي الذي يعمل في مدارسنا من حيث التأهيل والأمانة والأخلاق.
وعلى إثر الأحداث التي ظلت المدرسة تترأس قائمتها بشكل متكرر على اختلافها، وعلى خلفية وضع ضوابط منوط بها وضع رؤية واضحة بموجبها تسعى الإدارة بالمدرسة إلى تثبيت منهجية يتم الالتزام بها من كل الأطراف، فقد كانت الحيثيات المتتالية على تاريخ المدرسة كافية لقيام وزارة التربية والتعليم برئاسة مكتبها التنفيذي الوزاري بانعقاد اجتماع السيد الوزير مع المجلس التربوي وإدارة أولياء أمور مدرسة الاتحاد الخاصة، وكان ذلك في النصف الأول من شهر مايو الماضي، وقد أقيم بقاعة المدرسة بحضور الدكتور تابيتا بطرس وزيرة الكهرباء، ولعل الغرض من الاجتماع هو الاستماع إلى ما توصلت إليه اللجنة المُشكّلة لوضع خطة للمدرسة، فيما أفاض الأستاذ عبد المنعم مدير التعليم الأجنبي اللجنة، بجانب تقديم ممثل أولياء الأمور والذي يمثل عضواً في اللجنة ملخصاً بعد النقاش المستفيض، والذي جاء بمخرجات في مقدمتها اعتماد الخطة المقدمة من إدارة المدرسة وأولياء الأمور، إلى جانب إجازة زيادة الرسوم بنسبة 20% بحسب التفاصيل المتفق عليها مع إدارة المدرسة، وقد تضمن أيضاً محاسبة إدارة المدرسة في حالة عدم تنفيذ الالتزامات بالخطة، ولم تخرج نقاط الاجتماع من تكليف مدير الإدارة العامة للتعليم الخاص بالإشراف على إجراءات تشكيل مجلس الأمناء، وربط تكليف قسم التعليم الأجنبي بمتابعة تنفيذ الخطة، فيما أفاضت المخرجات بعقد اجتماعات دورية مع مجلس الأمناء وأولياء الأمور، وقد تضمن الاجتماع بنداً مفاده اتخاذ إجراءات إدارية ضد أولياء الأمور الذين لا يلتزمون بسداد الرسوم، ليعقبه بند يتضمن تقوية التواصل بين أولياء الأمور ومجلس الأمناء وإدارة المدرسة، مع تثبيت النقطة المحورية في الاجتماع وهي عقد اجتماعات دورية لمتابعة موقف التنفيذ.
ظل اسم مدرسة (الاتحاد العليا) يتصدر قائمة الأحداث الغريبة على خلفية ما دار في نواصي المدرسة بالداخل، فقد نفّذ أولياء أمور مدرسة (الاتحاد العليا)، بالخرطوم وقفة احتجاجية عقب انتهاء اليوم الدراسي والذي أعقب صفع مديرة المدرسة لممثلة الأمهات بمجلس الآباء، وكانت ممثلة الأمهات قد اعترضت على طرد أكثر من (50) تلميذاً من المدرسة بحجة عدم سدادهم للقسط الثاني من الرسوم، لتقوم مديرة المدرسة بصفعها على وجهها، الأمر الذي اعتبره مجلس الآباء إهانة غير مقبولة، واتهموا إدارة المدرسة بعدم الالتزام باتفاق مع أولياء الأمور للتعاقد مع (24) معلماً ناطقاً باللغة الانجليزية كلغة أم، وفي ذات السياق كشف أولياء الأمور، عن تدوين بلاغ في شرطة القسم الشمالي بالخرطوم تحت المادة (143)، والذي اتهموا فيه المديرة باستخدام القوة الجنائية، وقد اعتبر الآباء أن إدارة المدرسة تمارس عليهم ضغوطاً عبر أطفالهم، واعتبروا أيضاً أن الأمر يمثل انتهاكاً لحقوق الأطفال، وكشفوا عن تنفيذ (900) طفل لوقفة احتجاجية برفقة أمهاتهم للتعبير عن تضامنهم مع الأطفال الذين تم طردهم بسبب الرسوم، وطالب أولياء الأمور خلال حديثهم لـلزميلة (الجريدة) بإقالة المديرة التي قالوا إنها انتهجت سلوكاً وصفوه (بالبربري)، ولا يمت للتربية بصلة، وأبدوا تخوفهم من انتهاج المديرة لذات السلوك مع أطفالهم.
لاستيثاق الحقيقة كاملة وصلت إلى موقع الحدث في غضون الساعات التي أعقبت الخبر، وتحديدا إلى مبنى المدرسة الذي يقع قبالة شارع القصر قبل تقاطع شارع السيد عبد الرحمن شمالاً، وقد جلست في غرفة الاستقبال موظفتان، غلب على ملامحهما الجدية، أعربتا عن عدم إمكانيتهما في تمليك أية معلومة حيال التفاصيل التي حدثت مؤخراً، فيما أوضحت إحداهما أن ما حدث هو نتيجة تجاوز من أولياء الأمور، وعندما أبدينا لهن رغبتنا بالدخول إلى داخل المدرسة، رفضتا رفضاً قاطعاً، وكانت حجتهما في المنع القاطع أن المديرة غير موجودة الآن، إضافة إلى أن كل طاقم المدرسة من المعلمين مشغولون حالياً بأداء الحصص، وأضافت ذات المتحدثة لنا، أنه يمكننا أن نخاطب إدارة المدرسة في الغد أو بعده، عبر سكرتيرة مكتبها والتي تدعى (سناء)، وفق ما افاداتنا به موظفة الاستقبال، وقد كان، فباشرنا الاتصال على سكريترة المديرة لأخذ موعد، فما كان منها إلا ودعمت موقف موظفتي الاستقبال في تعقيب مبدأ الرفض للصيحة بإمكانية تحصيل أية معلومات فيما يخص الحدث الأخير، فسلمنا بالأمر وخرجنا إلى الشارع وقد اصطف عدد من عمال المدرسة تحت الشجر العتيق والذي يلقي بظلال وارفة، وقد قاسمهم الجلوس اثنان من أفراد الشرطة بزيهم الرسمي، وبعد السؤال عن تفاصيل ما حدث، أثبت العمال وقوع الحادثة، وأكدوا عدم امكانيتهم إلإدلاء بأي معلومة أو كلمة فيما حدث داخل المدرسة، وأضاف أحد العمال (ليه منعوك من الدخول وسمحوا لصحفي هو أسه موجود جوه؟)، لنكتفي بعدها أن الأمر بات رهن تعقيدات آثرت أسرة المدرسة عدم تمليكها لنا وفق ما حدث من متابعة من أرض التفاصيل، فيما استقبلت مباني (الصيحة) مكتوباً من الأستاذة (نجاة حمد) مديرة الاتحاد بالخرطوم 2 بنات أساس، وقد أعربت أنه ليست لها أدنى علاقة بما وقع من أحداث مؤخراً، وأنها علمت أن الحادثة بمدرسة الاتحاد العليا، وكشفت عن تلقيها الكثير من الاتصالات مستفسرة عن هذا الأمر، والتي أكدت عدم واستحالة وقوع في مدرستها في تفاصيل كهذه، وذلك لأن علاقتها مع أولياء الأمور أكثر من جيدة، ويُعتبرون عنصراً فاعلاً في تفوق المدرسة
الصيحه