ومات حبيب الملايين
ومات حبيب الملايين
بقلم الاستاذ/ جعفر عباس
أمضيت يوم أمس، وأنا أسأل الله ان “يكضِّب الشينة”، ثم أحاول بلا طائل الاتصال هاتفيا بمستشفى القلب في أمبابة في القاهرة، حيث لزم السرير الأبيض صديقي الصدوق الفاتح جبرا، إثر اعتلال قلبه الذي أضناه الألم على حال الوطن، الذي ياما حمله في حدقتي عينيه، وغنى لأفراحه القليلة وبكى على أتراحه المتعاقبة، ثم صحوت اليوم فإذا بالأثير ينعاه.
مات فارس الكلمة الحلوة التي كانت تنبض فرحا، وتجعل الوجوه تضيء بالابتسام والقلوب تسابق الحلوق في القهقهة، مات ساخر سبيل والوطن كله على درب الضياع في خطى خط هيثرو. مات ابن السودان فارس الكلمة الحلوة، مات ابن اتجاهات السودان الأربع، مات الفاتح الفالح في العزف على أوتار الحروف والقلوب وعلى العود وبالريشة.
عرفت الفاتح ذا القلب المفتوح على الشارع جميل الخصال وفارسا لا يهاب النزال، وأحببتُ فيه الذكيَّ اللبيب، وروحًا على القلب مثلَ النسيمِ، وها هو يسلم الوديعة غريب ديار وأهل في قاهرة المُعِز.
اللهم اغفر للفاتح جبرا وارحمه، وعافه واعف عنه، وأكرم نزله، ووسع مدخله، واغسله بالماء والثلج والبرد، ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، وأبدله دارا خيرا من داره، وأهلا خيرا من أهله، وزوجا خيرا من زوجه، وأدخله الجنة، وأعذه من عذاب القبر، ومن عذاب النار
والبركة فيكم يا بني وبنات وطني فالفقد واحد.