عاملون في المجال الإنساني يرسمون صورة قاتمة لآثار الصراع على مدينة الفاشر
قالت مجموعة من المنظمات غير الحكومية العاملة في السودان، إن حوالي (2.8) مليون شخص في مدينة الفاشر وحولها، ليس لديهم حاليًا خيار للهروب أو الوصول إلى المساعدة التي يحتاجون إليها بشدة. يذكر أن قوات الدعم السريع مدينة الفاشر منذ أشهر، وتقصفها بشكل شبه يومي ضمن محاولاتها للسيطرة على العاصمة الأخيرة في إقليم دارفور.
الأزمة الإنسانية الناجمة عن الصراع في مدينة الفاشر دفعت مجلس الأمن الدولي إلى تبني قرار في حزيران/يونيو الماضي، بإيقاف هجمات الدعم السريع على المدينة التي تستضيف مئات الآلاف من النازحين القدامى من الصراع السابق في إقليم دارفور، والجدد الذين فروا من المناطق المحيطة أثناء الحرب الحالية.
قال عمال الإغاثة من المنظمات غير الحكومية الدولية العاملة في الفاشر إن الأطفال يشهدون فظائع لا ينبغي لأي طفل أن يراها، مما أثر على سلوكهم حيث أصبح العديد منهم قلقًا وغير قادرين على النوم ويعانون من ضائقة نفسية
قال عمال الإغاثة من المنظمات غير الحكومية الدولية العاملة في الفاشر إن الأطفال يشهدون فظائع لا ينبغي لأي طفل أن يراها، مما أثر على سلوكهم حيث أصبح العديد منهم قلقًا وغير قادرين على النوم ويعانون من ضائقة نفسية. انضم بعض الأولاد إلى المقاتلين، وتزوجت بعض الفتيات المقاتلين كوسيلة للبقاء على قيد الحياة للحصول على الطعام. كان آخرون يأكلون أوراق الشجر للبقاء على قيد الحياة.
ووصف عاملون في المجال الإنساني بمجموعة من المنظمات الإنسانية الدولية العاملة في السودان، تجاربهم مع وحشية القصف المستمر في مدينة الفاشر، وتضاؤل الوصول إلى الغذاء والمياه النظيفة والأدوية أو الرعاية الصحية بعد ما يقرب من (18) شهرًا من الصراع في السودان، الذي أدى إلى نزوح (11.3) مليون شخص.
جمال الذي يبلغ من العمر (45) عامًا ويعمل في منظمة حكومية دولية في مدينة الفاشر، قال إنه “من الصعب وصف حجم المعاناة الإنسانية التي نراها بالكلمات، وهي تزداد سوءًا”. سرد مناظر الجثث على الطرقات والأطفال الذين يفرون من منازلهم دون أهاليهم ودون أي ممتلكات. يقول: “العنف ضد المرأة أمر فظيع. تم اختطاف النساء واغتصابهن عند دخول السوق. يخبرنا أفراد المجتمع أن الفتيات الصغيرات أجبرن على الزواج من المقاتلين، وأن الشابات يمارسن الجنس من أجل البقاء مقابل الطعام والماء والمال”.
تقوم قوات الدعم السريع بالقصف العشوائي على المنازل والتوغل في المدينة بين الفينة والأخرى حيث تتهمها لجان محلية باختطاف وقتل المدنيين، كما تُنسب لهذه القوات شبه العسكرية اعتداءات جنسية يندى لها الجبين.
ورد ذلك في تقرير مشترك لمنظمات إنسانية دولية حول الأوضاع في الفاشر، اليوم الأربعاء 9 تشرين الأول/أكتوبر 2024. وقع على البيان المشترك ضمن التقرير المجلس الدنماركي للاجئين، ومنظمة الهدف العالمي، المجلس النرويجي للاجئين، ومنظمة كير الدولية، ومنظمة بلان إنترناشيونال، وهيئة الإغاثة الدولية، ومنظمة أنقذوا الأطفال، ومنظمة التضامن الدولية.
محمد الذي يبلغ من العمر (52) عامًا، يعمل في الإدارة مع منظمة دولية في الفاشر، ويصف الظروف في المدينة بأنها “بائسة”، مشيرًا إلى أن السكان لا يتلقون أي مساعدة إنسانية. ويضيف: “كان للحصار المشدد تأثير رهيب على حياتنا. أُجبر الأطفال على التسول من أجل البقاء – ليس لديهم ما يكفي من الطعام”.
عمر، الذي يبلغ من العمر (42) عامًا، يعمل في مجال حماية الطفل مع منظمة دولية في الفاشر، يقول في التقرير الذي نشرته منظمات إنسانية واطلع عليه “الترا سودان”: “يخبرني الأطفال الذين أعمل معهم أنهم فقدوا أمهاتهم وأباءهم ومنازلهم. يقولون إنهم ينامون دون طعام، وأحيانًا لا يتناولون سوى وجبة واحدة في اليوم”.
يواصل العاملون الإنسانيون في سرد التفاصيل المروعة لطبيعة الحياة في الفاشر تحت الحصار والقصف اليومي والعمليات العسكرية، ويصفون انعكاس ذلك على السكان، لا سيما النساء والأطفال. يقول التقرير إن الحياة في الفاشر أصبحت جحيمًا على الأرض لآلاف النساء والأطفال وغيرهم من الأشخاص الضعفاء. وشهد الشهر الماضي تصعيدًا آخرًا للأعمال العدائية – بما في ذلك القصف الجوي – مما يعرض حياة (2.8) مليون شخص في وحول الفاشر وشمال دارفور للخطر.
دعت هذه المنظمات الإنسانية أطراف الصراع في مدينة الفاشر لحماية المناطق المدنية مثل ملاجئ النازحين، بما في ذلك مخيم زمزم، ووقف العمليات العسكرية حول الفاشر ومخيم زمزم على الفور. وأكدت على أنه يجب على أطراف النزاع أن تحترم القانون الإنساني الدولي، ووقف الاستهداف العشوائي للمدنيين، والامتناع عن استخدام المجاعة أو العنف الجنسي كسلاح حرب، ومنع الفظائع الجماعية.
كانت المؤسسات الدولية المعنية قد أعلنت المجاعة في معكسر زمزم للنازحين قبل أشهر، قائلة إن معدلات سوء التغذية وسط الأطفال قياسية بالمخيم الذي يستضيف مئات الآلاف من النازحين. في معسكر زمزم – بحسب تقارير – يموت طفل كل ساعتين جراء نقص الغذاء وغياب المساعدات في ظل الحصار.
طالبت المنظمات الإنسانية بحماية العاملين في المجال الإنساني والأصول وإزالة جميع العقبات التي تحول دون تقديم المساعدة الإنسانية، بما في ذلك من خلال نقاط الدخول عبر الحدود وعبر خطوط التماس. ويشمل ذلك فتح ممر آمن للغذاء والمساعدات الطبية والإمدادات الطبية والإنسانية والتجارية، وخاصة في زمزم. وناشدت بمزيد من الضغوط الدبلوماسية على أطراف النزاع – ومؤيديهم – لتسهيل العمل الحاسم للمنظمات الإنسانية، بما في ذلك المنظمات المحلية ومجموعات المساعدة المتبادلة؛ وزيادة الإدانة العامة لرفض وصول المساعدات الإنسانية من قبل جميع الأطراف.
شددت هذه المنظمات على إدانة حالات العنف المتزايدة على أساس النوع الاجتماعي، بما في ذلك العنف الجنسي، التي يتعرض لها المدنيون. وقالت إن على أطراف النزاع وأصحاب النفوذ العمل معًا للتوصل إلى وقف إطلاق نار فوري ودائم في جميع أنحاء البلاد.
الترا سودان