أزمة السيولة.. فرج الفئات الجديدة

عانت عموم المصارف بالبلاد في الشهور الماضية من أزمة حادة في السيولة النقدية أدت إلى ارتفاع شكاوى عملاء المصارف من عدم حصولهم على أموالهم المودعة وهزت ثقة المواطنين في القطاع المصرفي بعد تعثر سحبهم للمبالغ المودعة في حساباتهم البنكية، وفي الأثناء عكفت الحكومة في الشهور الماضية على معالجة شح السيولة بالمصارف دون تحقيق نجاح كبير في توفير السيولة، حتى أعلن محافظ بنك السودان محمد خير الزبير، أمس الأول عن بدء طرح فئة الـ(100) جنيه في شهر يناير وطرح فئة الـ(200-500) جنيه في شهر فبراير، الأمر الذي يتوقع أن يكون له أثراً مباشراً في معالجة أزمة السيولة المتطاولة بعدما يقارب العام من المعاناة.

 

 

أكد خبراء اقتصاديون أن طرح فئات الـ(100 – 200 – 500) جنيه في شهر يناير المقبل، سيسهم في توفير السيولة بالمصارف المختلفة، وقطعوا أن الفئات الكبيرة ستسهم في حل مشكلة السيولة التي تعاني منها المصارف، وكشفوا عن عدم تأثير طرح الفئات الكبيرة على زيادة التضخم، وقالوا أن السودان في أمس الحاجة لطرح فئات كبيرة من العملة الوطنية، وأوضحوا أن هذه الفئات ستسهم في تقليل تكلفة الطباعة بالعملات الأجنبية في المقام الأول لتقليل استيراد الأوراق والأحبار، وأكدوا أن الخطوة تساعد على حفظ الأموال بطريقة أفضل، كما ستسهم في تسهيل التداول والتعاملات المالية وسرعة دوران النقود، وقطعوا بعدم وجود سلبيات لفئات العملة الجديدة، وأكدوا عدم تأثير التضخم وسعر الصرف بطرح الفئات الكبيرة.
وفي السياق كشف محافظ بنك السودان المركزي محمد خير الزبير عن موافقة رئاسة الجمهورية على طرح فئات العملة الجديدة الـ(100 – 200 – 500) جنيه، وأعلن عن خطة لمعالجة مشكلة توفير الأوراق النقدية في البلاد، وأعلن بدء طرح فئة 100 جنيه في يناير المقبل، وقال أن عمليات الطرح ستتوالي لفئات (200 – 500) جنيه وستدخل تباعاً في فبراير.
وأضاف محافظ المركزي إن هنالك خطة لمعالجة أزمة السيولة وتوفير الأوراق النقدية، مضيفاً: اتخذنا تدابير عاجلة، وأبان أن مسؤولية البنك المركزي توفير الأوراق النقدية الكافية لتشغيل الاقتصاد، وزاد: أن مشكلة الأوراق النقدية بدأت منذ العام 2016م إلا أنها ظهرت للعلن في 2018م، وتوقع حل مشكلة السيولة خلال (3-4) أشهر المقبلة، بجانب توسيع ونشر نظام الدفع الإلكتروني لكل الأنشطة، وهي ستكون الوسيلة الأكبر، لأن أمر طباعة العملة مكلف جداً يصل إلى (50 – 100 – 200) مليون دولار.
وقطع د. بابكر محمد توم، الخبير الاقتصادي المعروف ورئيس اللجنة الاقتصادية السابق بالمجلس الوطني بعدم وجود أي سلبيات لطرح فئات كبيرة من العملة، قائلاً إن هناك تغطية كافية من الإنتاج قامت على أساسه هذه الخطوة، مشيراً إلى وجود إنتاج من الذهب والإنتاج الزراعي يغطي ما يطبع بالتأكيد، وأكد أن طباعة الفئات الكبيرة لتسهيل التداول وسرعة دوران النقود، وقال الشيء الطبيعي أن تكون هنالك فئات كبيرة وهي موجودة بكل الدول مثل المائة دولار والخمسمائة ريال مثلاً، ونوه إلى أن طرح الفئات الكبيرة لا يؤثر على التضخم لأن زيادة الإنتاج هي التي تحدد سعر الجنيه، بينما زيادة الصادر هي التي تحدد سعر الدولار، موضحاً أن الخطوة ستساعد في توفير السيولة وتقلل الشح الموجود هذه الأيام.
من جانبه وصف د. عز الدين ابراهيم وزير الدولة بالمالية السابق خطوة طرح فئات كبيرة من العملة في يناير المقبل بالإيجابي، وأكد عدم تأثير طرح فئات كبيرة من العملة السودانية خاصة فئات (100 – 200 – 500) جنيه، على معدلات التضخم، وأضاف إن ارتفاع معدلات التضخم يعتمد على الزيادة الكلية للكتلة النقدية، موضحاً أن تقسيم الكتلة النقدية بين فئات العملة المختلفة لا يؤثر على التضخم، وأكد أن الفئات الكبيرة ستقلل تكلفة الطباعة بالعملات الأجنبية خاصة أن استيراد الورق والأحبار مكلف للدولة، نسبة إلى استيراد ورق بمواصفات عالية لتفادي التزوير، مؤكداً أن طباعة الفئات الكبيرة أرخص لتقليل كمية الأوراق بنسبة كبيرة، وقال إن التعامل والتداول بالفئات الكبيرة تسهل المعاملات المالية لتصبح سريعة، مضيفاً أن الفئات الكبيرة أفضل وتسهم في تقليل تكلفة الحفاظ على الأوراق الصغيرة، ونوه إلى أن الفئات الكبيرة أفضل وسيلة لحفظ الأموال، وأشار إلى أن التضخم أكل الفئات الصغيرة، وأصبحت بدون قيمة.
بدوره أكد عبد السلام محمد الخير المدير العام لاتحاد أصحاب العمل، أن طرح العملة الجديدة في شهر يناير سيسهم في تحسين موقف السيولة بالبلاد، وأشار إلى إيجابية طرح فئات جديدة من العملة للمصدرين، مؤكداً ترحيب المصدرين بهذه الخطوة خاصة أن هذه العملات تساعد على حفظ الأموال بطريقة أفضل، ونوه إلى أن السودان طيلة السنوات الماضية كانت فئة (50) جنيهاً الأعلى، وأشار إلى وجود دول كثيرة في العالم تستخدم فئات عملة كبيرة، وطالب بنك السودان بإصدار سياسات تهم المستهلك السوداني البسيط، داعياً إلى مراعاة إيجابية السياسيات للمواطن.
وفي المقابل وصف الخبير الاقتصادي د. هيثم محمد فتحي خطوة طرح فئات العملة الكبيرة بأنه خطوة مطلوبة في الوقت الراهن بفعل أزمة السيولة، بالإضافة إلى التضخم الذي جعل القوة الشرائية قليلة، بالتالي الفئات الصغيرة أصبحت غير مجدية اقتصادياً، وأشار إلى أن تكلفة صك الجنيه مثلاً أصبحت أعلى من قوته الشرائية، وأوضح أن خطوة البنك المركزي بطرح الفئات الكبيرة في شهر يناير ستسهم في إعطاء السياسات النقدية دفعة لمعالجة شح السيولة الماثل ومعالجة هذه الجزئية، وقلل من تأثير طباعة الفئات الجديدة على ماكينات الصرافات الآلية، وقال إنها لا تحتاج لماكينات جديدة، وأضاف فقط يحدث تغيير في السيستم عبر ما يعرف بالآدمن.
وكان المدير العام لجهاز الأمن والمخابرات الوطني الفريق أول مهندس صلاح عبد الله (قوش) في لقائه مع الإعلاميين أكد أن أزمة السيولة ستشهد انفراجاً جزئياً في يناير المقبل وتنتهي كلياً في أبريل من العام 2019م.
وعقب إعلان محافظ بنك السودان المركزي عن طرح الفئات الكبيرة من العملة اعتباراً من الشهر المقبل، يبدو أن أزمة السيولة قد باتت على موعد مع انفراج وشيك.
تقرير: أيمن مساعد
الخرطوم: (صحيفة الرأي العام)
المصدر : كوش نيوز


انضم لقناة الواتسب


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.