الفتوق والرتوق في دفوع (الطاهرود التوم)

بقلم: ماهر أبوجوخ

حينما تكاثرت سهام النقد تجاه مدير عام قناة (سودانية 24) ومقدم برنامج حال البلد (الطاهر حسن التوم) جراء مواقفه الأخيرة منذ الثورة الشعبية في 13 ديسمبر 2018م التي إمتدت لصفحته الشخصية بوسائل التواصل الإجتماعي فإن سمات عديدة صاحبت الرجل كانت تثير الدهشة فهو يحتفل ببلوغ عدد متابعيه الـ200 ألف الذين تبارى جلهم في توجيه سهام النقد إليه وكأنه يحتفل بتزايد الحانقين عليه وهو أمر يستوجب التدبر لا الإحتفاء لدى العقلاء.

 

من الواضح أن فهم هذه الحالة (الطاهرية) قد إلتبس علينا لحين من الزمان لكون تحليلها السليم يستوجب تجريد التصرفات المرتبطة والمصاحبة لها من أي معيار لـ(العقل) وإلغاء فرضية وجوده وعمله والتعامل مع هذه الظاهرة كضرب من الجنون المتلبس المجانين غير العاقلين بوصفه الوجهة الصحيحة التي ستقودنا لفهم وتشريح هذه الظاهرة والتعامل معها والتوصل للنتائج الواقعية والحقيقية عند تفسيرها.

 

على ذات المنوال فإن إستمتاع أي من الإعلاميين بتخصيص حراسة شخصية تلازمه في حله وترحله بمكتبه ومسكنه هو أعلى درجات الإنفصام فاي إعلامي ذاك هو من يحجب عن الناس بالمواكب الأمنية رغم أن طبيعة مهنته تستوجب وجوده وسط الناس وبينهم مخالطاً لهم ينقل أمالهم وهمومهم ويستمع لأحاديثهم ويعيش بينهم لا أن ينبي حاجزاً سميكاً يحول بينه وبينهم ؟! أما إذا بلغ الكره والحنق عليه ذلك المبلغ مما يستدعى الحراسة والعيش في المواكب الأمنية لا حماية له من فاسدين يفضحهم أو مجرمين يكشفهم فإن ذلك تحرير شهادة وفاة عملية ونهاية لمسيرته وسيرته بينهم، ويبقي الخيار الأفضل له حينها لا أن يحمى من الناس وإنما أن يعتزلهم بعدما فقد إحترامهم ونال سخطهم. ومن المؤكد أن الوصول لمثل هذه النهايات ما هو إلا نتاج إختلال منهي وتعبير عن مفارقة الحياد المصحوب بمفردات الإستفزاز، فلا يمكن لمن يزرع الشوك إنتظار حصاد الورد. وما أشرنا إليه في هذا السياق أيضاً ضمن ما يدخل في تلك الحالة (الطاهرية) التي يعجز العقل عن إيجاد تفسيرات لها.

 

سأحاول التعليق على بعض ما أورد (ود التوم) بحلقته التي بثت يوم الأربعاء الماضي بالتركيز على القضية الأساسية التي تمثلت في تداعيات إيقاف الزميل المذيع حاتم التاج مقدم برنامج (حال الرياضة) بسودانية 24 -ولاحقاً إنهاء تعاقده- ويومها إستدل (ود التوم) بمقاطع فيديو قام هو بالترحم فيها على الشهداء متهماً البعض بالمزايدة عليه، رغم أنه يكذب ويمارس الكذب

فبعد إنتهاء حلقة حال الرياضة مساء يوم الخميس 24 يناير 201م مثار الجدل التي ترحم فيها المذيع حاتم التاج على الشهداء صدر قرار بإيقافه عن العمل رسمياً يوم الأحد 27 يناير 2019م، ولمن يعلمون كواليس القناة فلا يصدر مثل هذا القرار إلا بموافقة وتوجيه مباشر من المدير العام –الذي هو نفسه (ود التوم)- لحين مقابلة لجنة التحقيق وفعلا إنعقدت لجنة التحقيق بحضور أعضائها الأربعة ودون الدخول في نقاش حول مؤهلات أعضاء هذه اللجنة وخبرتهم في ما يتصل بالتقديم البرامجي فإن مثار ذلك التحقيق من اللجنة تلخص في (أسباب ترحمه خلال تلك الحلقة على الشهداء) وهذا الأمر يظهر الكذبة الأولي لـ(ود التوم) فالتحقيق إنحصر على هذه الجزئية دون غيرها وهذا لا يجعل من هذه النقطة هي الموضوع الأساسي وإنما القضية الوحيدة.

نأتي لحديثه بعدم المزايدة ويستدل فيها بالفيديوهات التي بثها في حلقته تلك بترجمه على الشهداء، لن ندخل معه في جدل قانوني وأخلافي حول ما يجعل ما يقوم به مباحاً في ما يقود آخرين للإيقاف ولجان التحقيق ولكن سنمضي لما هو أبعد من ذلك بنقل ما ذكره الزميل حاتم التاج خلال مداخلته الهاتفية لقناة (العربية)، والتي أشار فيها لإستدله خلال التحقيق معه على ترحم آخرين بالقناة على الشهداء فكان الرد عليه (لكنك ترحمت عليهم بتأثر شديد للغاية) !! والحمد الله أن رد لجنة التحقيق ذاك كفتنا الرد على (ود التوم) حينما تكرمت وأوضحت الفروقات ما بين ترحمه (المصطنع) والآخر الحقيقي والطبيعي فشكراً لهم فقد وفروا علينا جهد جهيد كان يستوجب تحليل نيات (كبيرهم) ذاك !!

ويمضي (ود التوم) في أكاذيبه بكتابة فصل جديد حينما يقول بأن قضية حاتم التاج غير مرتبطة بالترحم على الشهداء، وهو ما وضح في خطاب إنهاء التعاقد الذي تسلمه حاتم التاج صباح الخميس 31 يناير 2019م رغم أن القرار كان معلناً مسبقاً في ذات الحلقة حينما أعلن (ود التوم) ضمناً وعلى الهواء مباشرة إنهاء التعاقد معه (وطبعاً لأنه المدير العام فله الحق أن يعلن الإقالة من مقعده بمكتبه أو على الهواء مباشرة من برنامجه) !! وجاء في ذلك الخطاب أن قرار الإستغناء تم بناء على تقرير مقدم من الإدارة التي يتبع لها المذيع !! هذا هو التحايل بعينه وممارسة اللف والدوران وإستمرار لمنهج مجرب يفترض فيه (ود التوم) “بأن القنابير فوق رؤوسنا حاضرة” وسبق أن جربه بعد ردود الفعل عقب حديث ولى نعمته الأكبر على عثمان محمد طه وتهديده للمتظاهرين بكتائب الظل في واقعة حذف الثواني الأربعة المعروفة التي سبق أن أشرنا إليها سابقاً لتبرئة ولي نعمته ذاك من ما تفوه به خلال تلك المقابلة، ولذلك فإنه قام بذات الأمر مجدداً في هذه الواقعة دون أن يتعلم من درس المرة السابقة بأن يتحسس هو موضوع القنبور الموجود فوق رأسه !!

ودلف للإستدلال بوجود مساحات حرة للقناة ومنسوبيها بإشارته لما يكتبه عاملون فيها على صفحاتهم بوسائط التواصل الإجتماعي ولو سكت دون أن يزيد لقلنا (إستدلال بديع) أما أن يمضي ليقول بأن البعض تحدث عن تهديده لمذيعين ومذيعات عاملين بالقناة لمنعهم من كتابة أرائهم فإن ذلك نقله لمرحلة (الكذب الصريح البواح). هذا الإجتماع عُقد داخل القناة ومارست فيه تهديدات مباشرة ومبطنة وحذرتهم أيما تحذير من نشر أي تعليقات على صفحاتهم بوسائل التواصل الإجتماعي وهددتهم بشكل مباشر وضمناً من مغبة الإستمرار في هذا السلوك.

ما حدث بعدها يا (ود التوم) بأنهم لم يجادلوك ولكنهم بمجرد خروجهم من قاعة إجتماعك ذاك إستمروا في كتاباتهم وتعبيرهم عن أنفسهم ومواقفهم فوقفت أنت كـ(حمار الشيخ في العقبة) حائراً اتفصلهم وتترك قناتك خاوية كفؤاد أم موسي فتنفذ تهديدك وتحافظ على كرامتك وهيبتك المصطنعة فلا جعلتك بمعيار علم الإدارة (قائداً) ولا صنعت منك (مديراً)؟ أم تبلع التحدى وتنتظر ريثما تحون لك سانحة الإنتقام والإنقضاض علي من تحدوك ؟! فأنت كم يعلم الجميع لا تحب من يتحدوك ويجاهروا علناً أمام وجهك بالحقائق فأنت مغرم بـ(التطبيل والنفاق وتستمتع بالثلج في عز الشتاء) !!

لقد إخترت الثانية أن تنتظر أول القادمين لتغرس أنيابك فيه وما زاد من حنقك على حاتم التاج أنه حصد الأشادات والتفاعل والثناء بسبب ترحمه ذلك، أما أنت مديره والشريك بالقناة فلا تحصد سوي لعنات تطاردك وتلاحقك صباح ومساء فترتفتع معها درجة توترك فتخبط بيدك على الطاولة التي أمامك وتضرب بيدك ضرباً متواصلاً خلال ظهورك في برنامجك متسائلاً على الهواء مباشرة عن (الختم المحمول الذي يختم به على الناس بختم النضال والصلاح) وما كل ذلك إلا لتوجسك من الحقيقة التي تقترب أمام عينك وتلوح في كل مرة أكثر من أي وقت مضي بأن أمبراطوريتك التي شيدتها بعرق وسهر الآخرين ثم ركلتهم لتنسبها لنفسك تتهاوي أمامك وتتناقص مثلما يتنافص (لوح) الثلج في برميل الماء رويداً رويداً حتي يعود لسيرته الأولي ماء كما كان … أنت تهرب من هذه اللحظة لكنها قادمة لا محالة وقريباً ستعود لسيرتك الأولي ليس مجرد ماء كان صافياً كما كان وإنما إماء ختلطت به أدران الأرض فإتسخ بها فما عاد يصلح للشراب أو الوضوء أو لغسل السيارات !!

النصيحة الأخيرة لـ(ود التوم) حينما تتحدث مرة أخرى بعد ساعات قلائل وتطل علينا في برنامجك أرجو أن تحسس (قنبورك) جيداً قبل أن تدلي بدلوك في أي موضوع لتجنبا وقت تمثين نهدره في تبيان الفتوق والرتوق لما تقدمه من دفوع، فأحسن الطبخ جيداً ليستساغ المذاق، أما إن كنت عاجزاً عن ذلك فأنصحك أن تشهد وتحرص على متابعة (نكهة خاصة) الذي تبثه قناتك عسى أن تتعلم من (الشيفات) المميزين الذين يقدمونه كيف أنهم يحسنون الإعداد وصنع ما يقدمونه ويعرضونه على الناس ويحسبون كل شيئ بالدقة والمقدار !!

 

 

 

التيار

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.