: (هذه المرحلة تتطلب وجود أمثالكم على رأس الولايات السودانية)، الرئيس البشير مخاطباً ولاة الولايات الذين أدوا القسم بالقصر الجمهوري، بكامل زيّهم العسكري.. مشهد الولاة بزيّهم العسكري، وهم بجوار الرئيس، كان يشبه مجلس قيادة ثورة (وليدة)، بأي قُطر وأي زمان.. ورئيس الجمهورية أيضاً – على غير العادة في مثل هذه المناسبات – كان بالزي العسكري.. والشاهد، منذ أن تم حل مجلس القيادة العسكرية، لم يظهر رئيس الجمهورية بالزي العسكري في مراسم أداء القسم إلا في مراسم قسم البارحة..!!
:: فالوقوف على مسافة واحدة من كل القوى السياسية يبدأ بالانحياز للمؤسسة العسكرية، أو هكذا رسالة الأمس – والمرحلة – التي يجب أن يستوعبها الحزب الذي كان حاكماً منذ ثلاثة عقود وحتى الجمعة الفائتة، ولم يستوعب بعد.. وبالمناسبة، فإن أسماء السادة رئيس مجلس الوزراء والولاة لم تمر بالمكتب القيادي للحزب الذي كان حاكماً، بحيث يقبل المكتب هذا الوالي أو يرفض ذاك، أو هكذا ظل يفعل منذ ثلاثة عقود وحتى الجمعة الفائتة..!!
:: (ثلاثة عقود)، عُمر التلكؤ في تقديم التنازل لمن يستحقونه بحيث تستوعب سلطة البلد القوى السياسية الأخرى.. ولم يكن تنازلاً – أو إشراكاً – إضافة نواب إلى نواب ووزراء إلى وزراء عند كل تشكيل حكومي، ما يحدث حالياً مثير لسعادة البعض وشماتة البعض الآخر..!!
:: فالمساواة في الظلم نوع من عدل، كما يقول المثل، ومن العدل أن يتفاجأ الحزب – الذي كان حاكماً – بأسماء أعضاء الحكومة الحالية، أي كما حال الأحزاب الأخرى طوال الثلاثة عقود.. وعليه، فبعد إبعاد الحزب – الذي كان حاكماً – عن مواقع صناعة القرار، وبعد التعهد بالوقوف على مسافة واحدة من كل القوى السياسية، فإن رئاسة الجمهورية، وبكل قوة المؤسسة العسكرية – ذات التمثيل العريق في الحكومة – هي التي عليها تشكيل الوضع السياسي القادم بكل (شجاعة وعدالة)..!!
:: وعليهم أن يعلموا، ليست من سلامة تربية الشعوب ترسيخ نهج (هذا المسؤول قادر على كُل شيء، ويجب أن يبقى في منصبه مدى الحياة أو ينتقل إلى منصبٍ آخر).. مثل هذا الإحساس – وهو الماثل على أرض الواقع – يُولِّد الغُبن في الشعوب ويُجرِّدها من روح العطاء، بحيث يتشبّع كل فردٍ في المُجتمع بالغضب والكراهية، أو كما يحدث حالياً.. ثم إنّ مياه الأنهار تكتسب عُذُوبتها من جريانها بسلاسة، وإذا توقّفت عن الجريان تحوّلت إلى (بركٍ آسنةٍ) ومُستنقعات، أي هكذا حال مُؤسّسات الدولة العاجزة عن المواكبة والتطوير..!!
:: وعليه، كما يعكس نبض الشارع بالخرطوم والأقاليم منذ ديسيمبر، فإنّ هناك أورام يجب استئصالها من جسد البلد (عاجلاُ)، لتنعم حياة الناس بالسَّلام والرفاهية.. فالبلاد بحاجةٍ إلى استقرارٍ سِياسي واقتصادي.. ومَا لم يَحل السَّلام مَحَل الحَرب بدارفور وكردفان والنيل الأزرق، ومَا لم يَحل التّنافس الشّريف بالأفكار والبرامج والآراء مَحل الإقصاءات والمُوازنات والانقلابات، ومَا لَم يَشعر كل أهل السُّودان بالمُساواة في الحُقُوق والواجبات وصناعة حاضر ومُستقبل بلادهم، فإنهم لن ينعموا بحياة هانئة، وناهيكم عن رغد سلطة..!!
السوداني
