الأجيال السابقة من عشاق الفن السوداني يذكرون رائعة الشاعر قرشي محمد حسن التي غناها عثمان حسين ؤ التي يقول فيها:
طاف الفراش الحاير
مشتاق إلى زهراتك
حبيبي آه أنا غاير
بخاف على وجناتك
حبيبي طرفي مسهد
أراك قريب وأتنهد
ومره فيك… أتشهد
أنا قلبي آمن ووحد
بجمال صفاك وصفاتك
صدقني بس وحياتك.
القصيدة قصيدة غرامية بحتة لا تحتمل أي تأويل آخر فمن أحبها فقد أحبها من هذه الزاوية ومن تركها تركها من هذه الزاوية.
الفنان عثمان حسين يؤدي هذه الأغنية بصورة مؤثرة تصل قمة تأثيرها حينما يحس المستمع بألم الشاعر وهو يقول :
آمنت بيك يا ناير
لأنو مافي مثالك
أنا حكمي لو كان جاير
حكم سواي في جمالك
للناس عقول وبصائر
عن حكمي غاضب مالك
انت الجميل ومدلل
وأنا قلبي ليك اتذلل
وعيوني فيك تتأمل
ثانية ما بتتحمل
لو جلست حيالك
شعوري ما بتمالك
ففي هذه الأبيات صورة معبرة عن حال محب متذلل لا يحتمل القرب ولكن لا يخرج عن أصول العشق التي تقرر أن المحب لا يحتمل البعد قطعا.
أليست الصورة واضحة؟
نعم.
والله وأوضح من واضحة !
تخيلوا !
رغم ما سطرته بيراعي هذا، وأكدته بسؤالي ذاك وإجابته تلك؛ تذكرت هذه الأغنية فربطت بينها والمؤتمر الوطني هذه الأيام، فهل هذا خيال جانح؟
ربما فصاحبكم لا يخلو من (شوية) شاعرية تجعله حساسا تجاه الكلمة، متوسعا في خيالها.
لكن بعض المعطيات تقلل من الشاعرية وتقترب بنا من الواقعية بجامع الحيرة في الحالتين!
المؤتمر الوطني هذه الأيام يبدو دوره في الساحة السياسية غريبا جدا ولا يشبه دوره منذ فجر ميلاده بعد ثورة الإنقاذ الوطني، ولا تكاد تظهر شخصيته المميزة ولا بصماته المعروفة!
الناس يتساءلون :
هل يقف المؤتمر الوطني خلف قرارات الرئيس الأخيرة؟
إذا كانت الإجابة: نعم!
فلماذا يقرر أن يبتعد عنه رئيسه ويجعله بعده مفتاح الحل بينما بيده حلول أخرى سهلة مثل: الإصلاح الجاد والتنفيذ الصادق لمخرجات الحوار الوطني.
وإذا كانت الإجابة: لا!
فكيف حدث هذا بكل هذه البساطة؟
أنا العبد الفقير إلى الله (شخصيا) محتار جدا في الوصول للإجابة الصحيحة، وإن كنت سعيدا جدا بم تم ففيه حفظ للبلاد، وضمان لها من انفراط عقد الأمن، لكنني محتار في الإجابة عن هذا السؤال وأخشى أن تكون حيرتي حالة مسيطرة حتى على رجال الصف الأول في المؤتمر الوطني!
السوداني
