ناقشت لجنة معالجة الأزمة المولودة من اللجنة التنسيقية العليا للحوار خلال اجتماعها مع الرئيس عمر البشير أمس الأول (الخميس) عدة قضايا، من بينها عملية الإصلاح السياسي وطرحت الاندماج الطوعي للأحزاب المتقاربة في برامجها ومواقفها، لتشكيل كتل كبيرة، وتحمس بعض قادة الأحزاب الذين شاركوا في الاجتماع لهذا التوجه لمصلحة العمل السياسي.
والأسبوع الماضي دشن (تحالف نهضة السودان) المؤلف من (6) أحزاب نشاطه، ويضم التحالف الأمة الوطني برئاسة عبد الله مسار، والتحرير والعدالة القومي بزعامة التيجاني السيسي، وحركة تحرير السودان ــ الثورة الثانية برئاسة أبو القاسم إمام، ومؤتمر البجا برئاسة موسى محمد أحمد، والأمة المتحد برئاسة بابكر أحمد دقنة، وحزب (الأمة ــ الإصلاح والتنمية) برئاسة إبراهيم آدم إبراهيم.
> وكانت مجموعة كبيرة من الأحزاب السياسية قد شكلت تحالفاً من (35) حزباً سياسياً وحركة مسلحة، باسم (تحالف قوى 2020).
> ودعا زعيم حزب الأمة القومي الصادق المهدي في وقت سابق إلى (بروسترويكا) في القوى السياسية التاريخية والعقائدية وإعادة هيكلة نفسها، واقترح دمجها في ثلاثة تيارات تطرح نفسها للشعب بشكل جديد، الأول تأصيلي (اليمين) والآخر تحديثي (اليسار) وآخر يعنى بالتأصيل والتحديث (الوسط).
> ولا جدال في أن المشهد السياسي في البلاد يميل إلى العبثية، فالقوى السياسية التي تعتبر كبيرة وذات ثقل جماهيري حسب أوزانها التاريخية أو كسبها خلال فترة زمنية من الحياة، صارت تيارات متنافرة بعدما تشظت وتشققت وتراجع دورها وتأثيرها، بالإضافة إلى عوامل التعرية والتطورات الطبيعية التي ألقت بظلالها عليها وانتقصت من عافيتها.
> نظرة للقوى التي حصدت أكبر عدد من المقاعد في آخر انتخابات جرت في العهد الديمقراطي تختزل المشهد، فحزب الأمة الذي نال أكبر كتلة برلمانية آنذاك، اليوم ستة تيارات، ومثله غريمه الحزب الاتحادي الديمقراطي، ونحوه التيار الإسلامي رغم صعوده للحكم.
> أما الحركات المسلحة، فقد ضربت الرقم القياسي في التشظي والتشرذم الذي هزها بقوة خلال ثلاثة عشر عاماً، فتحولت من حركتين إلى خمسين حركة.
> عدد الأحزاب والحركات المسلحة في البلاد يبلغ (152) تنظيماً سياسياً ومسلحاً، وهو رقم يتجاوز عدد الأحزاب مجتمعة في بلدان الاتحاد الأوربي وعددها (28) دولة.
> ظاهرة الانقسامات ليست جديدة، فالحركة الوطنية منذ نشأتها الأولى شهدت انقسامات وخلافاتات داخل الأحزاب السياسية الشمالية والجنوبية، وسببها هو سياسة (فرق تسد) التي اتبعها الحكم الاستعماري البريطاني.
> وحديثاً كانت للانشطارات الحزبية آثار مدمرة على مسيرة الحياة الديمقراطية، وساعدت على اطاحة ثلاث تجارب تعددية سياسية، وأضعفت النسيج القومي والبناء الوطني، وشلت الحركة السياسية، مما أحدث فراغاً عريضاً تلعب في مسرحه القبلية والجهوية، ومجموعات متطرفة تحاول التمدد في غياب الآخرين وانشغالهم بمعارك صغيرة.
> وما يلاحظه أي مراقب سياسي، تنامي النزاعات الجهوية داخل الأحزاب على حساب الانتماء الحزبي والالتزام السياسي القومي، مما أدى إلى أن تصبح هذه التكتلات داخل الحزب الواحد وكأنها منابر مستقلة داخله، ونشوء أحزاب وتنظيمات ذات خلفيات جهوية ومناطقية وأسرية تدار على طريقة شيخ الطريقة.
> ثمة خطر يحتاج إلى دراسة ومراجعات من مراكز البحث والتفكير هو عزوف الشباب عن النشاط السياسي واعتزال الأحزاب، حيث ظل من يشاركون في انتخابات اتحادات الطلاب في الجامعات الكبيرة في البلاد لم يتجاوزوا 10%، كما أن تحليل الانتخابات البرلمانية التي جرت في 2015م، عكس أن غالبية المقترعين يحددون خياراتهم وفقاً للشخص المترشح وليس برنامج حزبه أو مواقفه السياسية.
> تحتاج القوى السياسية وخصوصاً ذات الإرث والأثر الأكبر في الساحة، إلى مراجعة دورها وترتيب أوراقها لتقديم نفسها بطريقة تحقق إصلاحاً، فالتحول الديمقراطي لا يتم من فراغ وبقوى ضعيفة بائسة بلا كوادر أو قاعدة شعبية.
الانتباهه
