مبادرات تتطاير هنا وهناك من حين إلى آخر، كلما أحكمت الأزمات قبضتها، مطلقوها كانوا جماعات أو كيانات أو أفراد، يظنون مجرد الظنون إنها الطريق الهادي الذي يقود لحل مشكلات البلاد، وتجنيب العباد مالآت
ماستفضي إليه حالة الاحتقان الماثلة هذه الأيام، بصراحة لو نظرنا للمبادرات المطروحة في الساحة يمكن تصنيفها إلى ثلاث فئات، مبادرات عملية واقعية تحمل بين ثناياها كثير من أدوات الحل للمشكلات القائمة،
وأخرى لاتعدو كونها مجرد (طق حنك)، والنوع الثالث من المبادرات وهي التي نحن بصدد الحديث عنها في هذه المساحة، مبادرات تدعو للسخرية والدهشة وتجلب الانتقاد لمطلقيها، ولا تنم عن شيء غير ضحالة
تفكير من يقومون عليها ويقفون خلفها .
مانة الطلاب بالمؤتمر الوطني مبادرة موسومة بـ (نفرة اصطفاف العزة) ، من أهم وأبرز بنودها مسح شعار
(تسقط بس) من جدران المنازل والمؤسسات والطرقات، المبادرة أُعلن عنها في أجواء مفعمة بالتهليل
والتكبير، وترديد الأناشيد، وبحضور قيادات بارزة بالوطني، وكان من المقرر أن يشهد ميلادها رئيس الحزب المكلف مولانا أحمد محمد هارون .
ارعوا لمسح هذا الشعار الذي يثير حفيظتهم ولاتألفه أنفسهم، وتتأفف عن ذكره ألسنتهم، وكذلك من حقهم
أن يمسحوا هذا الشعار ويزيلوه إلى الأبد بلا رجعة ، ولكن ليس من على (الحيطان) فحسب، بل من عقول
وأذهان وأفئدة كل من يتبنى شعار (تسقط بس) وتناقلته وسائل الإعلام ليسافر بعيداً إلى المدن العربية والعواصم الاوربية .
حقيقة مبادرة طلاب الوطني غير أنها ولدت (فطيرة) وبائسة، ركزت على معالجة المظهر وتجاهلت عن عمد
جوهر القضية، مسح الشعار من الأذهان أولى من مسحه من على الجدران، الوصول لأذهان هؤلاء الشباب
المحتجين ليس بالأمر السهل، ولايتم إلا من خلال حوار حقيقي شفاف وعميق يقوده طلاب الوطني مع
(أندادهم) من المحتجين، للتوصل إلى رؤية مستقبلية وحلول عملية تضع حداً لمشكلات البلاد وتنهي
المشاكسات وعمليات الاستقطاب لصالح شعاري (تقعد وتسقط بس)،
على كل حال إن لم تبتعد كافة الأوساط عن هذا المستوى من التفكير العقيم، والذي لا تتأتى منه غير النتائج السلبية والكارثية، فسنظل ندور في هذا النفق المظلم، ونضل الطريق لقيادة البلاد إلى بر الأمان .
اخر لحظه
