بين التوتر والقلق والصمت الحكومي وانتشار الشائعات.. كيف استقبل الشارع السوداني محاولات توقيف الرئيس “البشير”؟؟
انشغلت الأوساط السودانية يومي أمس وأول أمس، قبل عودة الرئيس، بتداعيات زيارة رئيس الجمهورية لجنوب أفريقيا وما رافقها من محاولات وضغوط على الدولة المضيفة لاعتقال الرئيس إنفاذاً لقرار المحكمة الجنائية الدولية، وقد بلغت تلك المساعي ذروتها بالقرار الذي أصدرته إحدى المحاكم بدولة جنوب أفريقيا يوم (الأحد) بعدم مغادرة الرئيس “البشير”.
حالة من القلق والتوتر، سيطرت على الأوساط السودانية، زاد من وتيرتها، غياب المعلومات، الأمر الذي أوجد فراغاً ملأته الشائعات، التي لعبت وسائل التواصل الاجتماعي دوراً كبيراً في ترويجها. وقد أثارت هذه التحركات والأجواء المرافقة لها، ردود أفعال واسعة رصدتها (المجهر)، تمحورت حول رفض جموع من المواطنين القرار، وعدّوه مساساً بالوطنية وسيادة ورمزية الدولة.
{ سوداني حر
في السوق العربي التقينا المواطن “رياض إدريس حسن” الذي أوجز حديثه، بأن قرار “البشير” بالمشاركة بالقمة الأفريقية يؤكد شجاعته، مشيراً إلى أن مسألة توقيفه مرفوضة من قبل أي سوداني حر لأنه يمثل رمزاً للبلاد. وأضاف “رياض” في حديثه إن الاعتراف بالمحكمة الجنائية الدولية أشبه بالكفر، لأن القائمين على أمرها كفار، متسائلاً: (قبل كدا ما سمعنا أن المحكمة دي فتحت بلاغ في زول غربي.. ليه بس دول أفريقيا؟).. واختتم حديثه بتحية لجنوب أفريقيا ورئيسها “زوما”.
من جانبه، تحدث “علي خوجلي” مبدياً انزعاجه الشديد من تطاول الشائعات في حق الرئيس، عادّاً قرار المحكمة بأنه استهداف لكل سوداني. وعلق على فحوى القرار قائلاً: (نحن أولاً نحيي جنوب أفريقيا ونحيي رئيسها “زوما” على القرار الشجاع، ونرفض أي مساس بالرئيس “البشير” لأن المساس به هو مساس بكل سوداني شريف).
بينما قال “محمد الحاج” إنه بالرغم من الاختلافات السياسية إلا أننا نرفض مجرد التفكير بالمساس بالرئيس، مشيراً إلى أن القرار الذي صدر عن المحكمة الجنوب أفريقية يعد استهدافاً صريحاً للأفارقة بشكل عام، مبدياً أسفه الشديد على انتشار الشائعات على (الفيس) و(الواتساب) عن اعتقال “البشير” واحتجازه.
{ شأن وطني
أما “عبد الوهاب البشير” فيرفض فكرة الخلط بين الاختلافات السياسية من جهة والانتماء الوطني الواحد، وقال: (نحن في غاية الأسف أن يستغل سودانيون معارضون الأمر، ويتخذوا من وسائط التواصل الاجتماعي مرتعاً للشائعات ويخلطون ما بين الشأن السياسي والوطني)، ويواصل حديثه: (نحن كشعب سوداني أصيل وحر مهما كانت الانتماءات والاختلافات الفكرية والسياسية، نرفض القرار جملة وتفصيلاً.. والحمد لله على سلامته).
{ أجواء من التوتر
“صديق الطيب” صاحب محل عطور بالسوق العربي عاش أمسية (الأحد) في حالة من القلق وقال: (صراحة عشنا أجواء من التوتر والقلق في ظل انتشار الشائعات، والصمت الحكومي الذي شكل هاجساً كبيراً لنا حتى وقت متأخر من مساء أمس الأول.. لكن بفضل الله نحمد الله على سلامة الرئيس ونفتخر به وبمشاركته الشجاعة، وندين أية محاولة للمساس بكرامة السودان والسودانيين).
{ “بنمشي جنوب أفريقيا كداري”
العم “عابدين علي موسى” وجدناه بأحدى ساحات السوق العربي، ومعه (شلة من الشِيب) يتسامرون في شأن قصة “البشير” بجنوب أفريقيا، اقتربنا منه وطرحنا عليه سؤالنا عن رأيه بالمسألة، فأجابنا مستنكراً القرار وقال: (والله لو قبضوه في جنوب أفريقيا نمشي كداري هناك، أي شيء ولا السودان، ورمز وفخامته الرئيس.. أي شيء بمسو بمسنا.. أنا حزب أمة.. لكن كسوداني حر ما بقبل).
{ شجاعة الرئيس
“فايز محمد” ابتدر حديثه قائلاً: (شوف نحن ما بنرضى في الرئيس، لأنو بمثل أي سوداني برة البلد)، ويواصل حديثه بأن مشاركة الرئيس بقمة جنوب أفريقيا تؤكد شجاعته وعدم اعترافه بالمحكمة الجنائية الدولية، بينما وصف “عبد القيوم عبد الجليل” القرار بــ(الحقارة) لكل سوداني، وقال إنهم كسودانيين بغض النظر عن اختلافهم الفكري والسياسي، مع الرئيس قلباً وقالباً وعادّاً قرارات المحكمة الجنائية استهدافاً لسيادة أفريقيا والعرب ككل.
{ أنباء متضاربة
المواطنة “إيناس محمد” علقت على قرار المحكمة الجنائية بقولها: (لا إنصاف في مثل هذه الأحكام، هنالك الكثير من رؤساء الدول الذين ارتكبوا جرائم بشعة ولم تتم مساءلتهم ولا حتى ذكرهم.. لماذا السودان، ورئيس السودان؟ هذا هو السؤال الذي يطرح نفسه!)؟
أما “محمود محمد”، فقد عبر عن انزعاجه الشديد من استخدام (الفيس) و(الواتساب) للترويج لمعلومات مغلوطة وقال: (أربكتنا الأنباء المتضاربة ما بين أنه مجرد حكم قضائي أو توقيف، وظللنا في حاجة إلى المزيد من الإيضاح من وسائل الإعلام السودانية، وهي المسؤولة أمامنا في مثل هذه المواقف.. لماذا نتلقى الأخبار من الجميع إلا إعلامنا الذي نتمنى أن يكون حاضراً أكثر في مثل هذه الأحداث؟؟).
{ سيادة وطنية
فيما اختصر “محمد سيف” تعليقه على الأمر بقوله: (“البشير” رمز سيادة الدولة، ونحن كبلد مستقل لا نقبل المساس بسيادتنا، وبرمز سيادتنا الوطنية السيد الرئيس “البشير”).
أما “أزهري عثمان” فعلق قائلاً: (الجرائم التي ارتكبتها حكومات كثيرة تعرف نفسها ويعرفها العالم كله، ماذا عنها؟ جرائم لا تعد ولا تحصى فليحاكموا هم أولاً بالقوانين التي يتحدثون عنها، والسودان لو أراد إزاحة ومعاقبة أي كائن فهو قادر تماماً على ذلك.. والدليل أن الثورات الشعبية أسقطت حكومتين من قبل.. الشعب السوداني تاريخ ومعلم للشعوب، وليس بيد أي كان التحكم في إرادة الشعب السوداني وسيادته، ويجب أن يكون لأفريقيا رأي واضح ورافض للمحكمة الجنائية بكلياتها).
{ سلطة اعتقال الرئيس
ويرى “لؤي محمد” أن المحكمة التي أصدرت القرار لا تملك سلطة اعتقال الرئيس، وأنا متأكد أنه سيعود خلال اليوم إلى البلاد.
أما العم “صالح أبو” فقد حمل الإجراءات المترتبة على سفره الخطأ الأكبر، وقال: (الخطأ من الذين أشاروا عليه بالسفر وهذا ما وضع دولتنا في موقف حرج، وجعل الجميع يتناولون ويتناقلون مثل هذه الأخبار ابتداء بالفضائيات وانتهاء بوسائل التواصل الاجتماعي.. هذا أمر غير مقبول.. ونحن شعب حر لا نقبل المساس ولا حتى بالقول أو التشهير بسيادة السودان ورئيسه، الذي نعلم جيداً أنه سيعود بعد انتهاء القمة الأفريقية).
صحيفة المجهر السياسي