في انتظار المتفاوضين بأديس أبابا “راديسون”.. فندق تحركه المشاكل السودانية

في قلب العاصمة الإثيوبية أديس أبابا قطرات المطر تغسل وجه المدينة وهي تمضي بخطى حثيثة نحو المستقبل. العربة (اللادا) تصدر إنذاراً هو أقرب للتنبيه. أمامك مباشرة ترتفع اللافتة (فندق راديسون بلو) تتابع أمامك المشاهد وتتداخل أمام عينيك (الصور) صورة واحدة تنتظرها البلاد التي ترهقها شمسها والصوم في انتظار عيد يأتي مسبوقاً بكيك السلام وفطائر التنمية المصنوعة بحب.
(راديسون بلو).. هنا تدور طواحين المفاوضات بغية الوصول إلى سلام سوداني. أمام البوابة يجلس شابان يتحدثان السودانية بطلاقة وكأن الأمر له علاقة بمزاج الزبائن السودانيين، يعرفان السودانيين من سيماء كاميراتهم، يتبادلان معهم الضحكات. يردد الشاب: “نعم وصلوا”، في إشارة إلى وفد (المسيرية) الذي حط رحاله صباحاً في انتظار وفد الدينكا للخوض في تفاصيل فك عقدة (أبيي). لم يصل الدينكا في تلك الجولة ولكنهم حتماً سيصلون في الجولات الأخرى ومعهم وفود أخرى. في وقت سابق ضاق راديسون بالوفود السودانية الباحثة عن السلام، فتم توزيعهم على (راديسون) و(الشيراتون).
الفنادق الإثيوبية لا ترتوي من المياه السودانية، فقريباً من (راديسون) كان فندق (اللي) يستضيف حفل التوقيع على ميثاق نداء السودان، وكأن (الرفاق) يحاولون فك الارتباط مع السلطة حتى في اختيار الفنادق الإثيوبية.
شارعان ونفق يبدو عصياً على مياه الأمطار التي لا تعرف التوقف، تفصل بين فندق (راديسون) وفندق (اللي) في إثيوبيا، لكن يظل الشارع ممتلئا بالاختلافات بين منسوبي الحراك السوداني، وبينهم وبين الرغبات الحقيقية التي ينتظرها أهل البلاد بعيداً عن جعجعة السلاح، ومؤكد في انتظار طحين التنمية الذي يحملهم بعيداً عن أوجاع الفقر المسبَّبة بالحروب.
عموماً تحفة (راديسون بلو) المعمارية في أديس الجديدة، والمخططة، في سبيل أن تضاهي داون تاون بحلول العام 2020 تسر الناظرين من الوهلة الأولى ويتمنون الولوج إليها بقدمهم اليمنى. ربما هو ذات الحال الذي ينطبق على المفاوضين. الفندق الذي تكلف الليلة الواحدة فيه مبلغ (500) دولار، تنتظر إدارته على أحر من الجمر رسالة امبيكي الجديدة للمتفاوضين معلناً ابتداء الماراثون التفاوضي وحتماً فإن اقتصاد السوق والاستمرارية يتطلبان أن تمتد فترة التفاوض إلى ما لا نهاية، فالتفاوض يضخ المزيد من الدولارات. لكن على عكس الرؤية الاقتصادية فإن الحكومة الإثيوبية وبلسان رئيس وزرائها هيلامريام ديسالين وبحكم منصبه كرئيس لـ(إيقاد) يؤكد على أن حل المعضلات السودانية تظل على رأس أولويات حكومته. فهل تنتصر السياسة أم الاقتصاد؟ في كل الأحوال فإن (راديسون) في انتظار السودانيين ومفاوضاتهم
صحيفة اليوم التالي