عبداللطيف البوني: زر اعيااااو وصناعيااااو

(1)
هناك إجماعٌ على أنّ السبيل الوحيد المُتاح للاقتصاد السوداني للنمو والتّطوُّر هو تطوير (المنظومة) الزراعية في الوقت الحالي والمُستقبل، وذلك لأنّ الزراعة هي القطاع الوحيد الذي يملك فيه السودان ميزات تفضيلية لا تتوفّر إلا لعددٍ قليلٍ جداً من بلدان العالم مُش كدا وبس، بل السودان يَحرز فيها مَرتبةً مُتقدِّمةً وهي الثالث على مُستوى العالم بعد الولايات المتحدة وأستراليا، ولكن لن يُحَقِّق السودان أهدافه الزراعية إلا بعدة شُرُوطٍ، ولعلّ أولها رفع الإنتاجية، ثانياً تصنيع المُنتجات الزراعية أي إقامة صناعة تحويلية، فتصدير المنتجات الزراعية خامة سوف يبقى على السودان في دائرة الفقر إلى يوم البعث، ثالثاً تصنيع المُدخلات الزراعية، فهذه هي الأضلاع الثلاثة للمنظومة الثلاثية وبغيرها سيظل السودان في حاله الحالية..!
(2)
هُناك أَشواقٌ وإدراكٌ كاملٌ لأهمية الصناعة التحويلية الزراعية، بدليل أنه قد صدرت عدة قرارات من الحكومات السابقة بإيقاف تصدير المواد الخام الزراعية والحيوانية ولكنها لم تُنفّذ فـ(العين بصيرة والحيلة قليلة)، حتى حكومة الثورة الحالية أصدرت قراراً يذهب إلى ذات الاتّجاه، ومن المُؤكّد أنّ ذات المصير ينتظره لأنّ هذه الصناعة تحتاج إلى رأسمالٍ، ورغم أنّه ليس رأسمالاً كبيراً، فالصناعات التحويلية غير الصناعات التعدينية والثقيلة، ولكن مع ذلك حتى هذا القليل (يخربنا) والله يجازي الكان السبب!!
لكن خَلُّونا في الحاضر، حيث أنّ حكومتنا مَشغولة الآن بتوفير رغيفة الخُبز، فمن أين لها حتى تقفز إلى إقامة قاعدة إنتاج صناعي للمُنتجات الزراعية والحيوانية؟!
(3)
الحُصُول على التمويل ليس مُشكلة في عالم اليوم، فبيوتات التمويل العالمية ما تدِّيك الدرب، ولكن شريطة أن يكون طالب التمويل لديه قُبُولٌ عالميٌّ وقُدرةٌ على إقناع المُموّل بأن لديه القدرة على إرجاع قيمة التمويل ومع أرباحه، وهي قليلة جداً مُقَارنَةً مع أرباح (بنوك الجن) الموجودة في السودان..!
الآن اليوم العلينا دا وبفضل ثورة ديسمبر المجيدة، أصبحت البلاد تَتَمتّع بالقبول العالمي وبهذا يكون قطعت نصف المشوار نحو الحُصُول على التمويل، هذا شريطة أن يترك (الجماعة) التظاهر في الصغيرة والكبيرة وهم ذاتهم ما معروفين حكومة واللاّ مُعارضة!! فهذه التظاهرات (المَجّانية) تعطي البلاد صورة سالبة جداً تذهب بالقبول الذي أحدثته الثورة.. فمَن يخبر مَن؟ بلد ما محظوظة (تلقى العضمة في الفشفاش) أي في الثورة تلقى ثورة..!
(3)
هناك مسألة إجرائية لا تقل عن الموضوعية تقف عقبة أمام الصناعة التحويلية في السودان وهي الجهة التي ستقوم بعبء هذه العملية هل القطاع العام طبعاً القطاع العام أصبح أشكال وأنواع، شئ وزارة مالية مُباشرة، وشئ شركات حكومية (مُستقلة)، وشئ وزارة دفاع (مسلخ الكدرو وحاجات تانية قبله)، طبعاً هناك قطاعٌ مُختلط (حكومي + خاص) ودا كمان حاجة عجيبة.. أم تسند العملية للقطاع الخاص؟ هناك قطاع خاص محلي، وهناك قطاع خاص أجنبي وثالث (هجين).
في تقديري أنّ كل هذه القطاعات المُشار إليها مُحتاجة لخطوات تنظيم، ولَعلّ أولها أن يكون لوزارة المالية كامل الولاية على المال العام، وكامل الرقابة على المال الخاص، وبعد ذلك نشوف الحاجات (تانية حامياني)..!
السوداني



