الإتجار بالبشر.. العودة إلى عصر الرقيق

الإتجار بالبشر.. العودة إلى عصر الرقيق

بـ 150 دينار ليبي فقط يمكنك شراء انسان مثله مثل اي سلعة أخرى.. هذا المقطع جزء من قصة طويلة مؤلمة تعيشها المنطقة التي تعرف بدول جنوب الصحراء مع مشكلة الاتجار بالبشر..

«م» وافد أجنبي قال من بين دموع الندم وهو يستدعي قدومه إلى السودان بطريقة غير شرعية حتى وقع فريسة لبعض تجار البشر في الحدود الشرقية تحديداً في منطقة القضارف، وعندما عجز عن دفع الفدية المطلوبة لإطلاق سراحه عملت العصابة على تجنيده والعمل لصالحها كـ «سمسار» واستقطاب بني جنسه والاستفادة منه في كسر حاجز اللغة حيث تقضي مهمته أن يصور العمل في المناطق الزراعية الحدودية بأنه جنة الله في الأرض وعند وصولهم الحدود يتعرضون للخطف والابتزاز من قبل جماعته حتى وقع ذات يوم في يد السلطات السودانية التي قامت بحبسه وفقاً لقانون تجارة البشر، وبعد انقضاء مدته القانونية أعلن «م» توبته من هذه التجارة وعاد فقيراً بلا مأوى ولا هوية وهو يعمل في بعض المهن الهامشية مثل بيع الشاي والقهوة حتى يكسب رزقه.. وهو نموذج لمئات الوافدين والمواطنين الذين يعملون في هذه المهنة الخطيرة.
تشتري أنساناً
بمبلغ ليبي زهيد فقط يمكنك شراء انسان للبيع ..يعمل نهارا بلا أجر ..وليلا يمكنك أن تجعله..تسلية وأضحوكة لأطفالك..اذا كنت ترغب فعليك بالذهاب لليبيا لتختار ماتشاء اذا حالفك الحظ يمكنك شراؤه قبل ان يشتريه غيرك من أوروبا أو اسرائيل.
بهذه الكلمات المأساوية التي ينادي بها (سماسرة) البشرعلى زبائنهم حسب رواية الفارين من هذا الجحيم يبدو بأننا عدنا الى عصر الرقيق..
مظاهر الاتجار بالبشر بالغة التعقيد ويصعب اكتشافها لأنها تستمر تحت مظلة بعض الأعمال المشروعة خاصة مع ظهور قضايا اللاجئين والمهاجرين حيث يستغل هؤلاء التجار فوضى الحروب والصراعات وحاجة الناس للهروب خوفا من الاضطهاد والقتل لذا فإنه يصعب تعقب ورصد الذين يديرون هذه الصفقات.
وبحسب تقرير صادر عن الأمم المتحدة مؤخرا فإن تجارة البشر تحتل المركز الثالث بعد تجارة المخدرات والأسلحة.كنتيجة حتمية للفقر والحروب والأوضاع الاقتصادية المتردية وقد تقفز للمرتبة الأولى إن استمرت على هذا الحال ولاتوجد احصائية دقيقة عن حجم الأموال التي تدرها هذه التجارة ولا عن عدد الذين يتم بيعهم كرقيق نسبة لمناخ السرية الذي تتم فيه هذه الصفقات.
عائدون سودانيون فضلوا حجب اسمائهم ورفضوا تصويرهم خوفا على حياتهم صور لهم بعض السماسرة أن دولة ليبيا في حاجة لعمالتهم حتى تنهض بعد هذه الصراعات مقابل عائد مادي مجزي وضخم فصدق بعضهم ودفعوا لهؤلاء التجار مبالغ مالية تتراوح بين 5 و7 الاف جنيه سوداني مقابل تسفيرهم برا وعند وصولهم منطقة السلوم على الحدود بين ليبياومصر انتظرتهم عصابات ليبية مسلحة وتم خطفهم وابتزاز أسرهم لدفع فدية محددة لبعض الاشخاص في (سوق ليبيا) غرب امدرمان حتى يتم اطلاق سراحهم وقد فر بعضهم وحالفهم الحظ للعودة من مصرأحياء.
وبحسب مصادر صحفية فإن بدو منطقة سيناء ينشطون في هذا النوع من التجارة وقد راح ضحيتهم الكثيرون وهنالك مزاعم قيد التحقيق :إن من بينهم الـ15 سودانيا الذين قتلوا على الحدود بين مصر واسرائيل.
عرف القانون السوداني لمكافحة الاتجار بالبشر لعام 2014 بأنه يعد مرتكب هذه الجريمة كل من يقوم باستدراج شخص طبيعي أو نقله اوختطافه او ترحيله او ايوائه او استقباله او احتجازه او تجهيزه بغرض استخدامه في اعمال غير مشروعة او أي افعال من شأنها اهانة كرامة الانسان لتحقيق اهداف غير مشروعة.
ويرى السيد معتمد اللاجئين في السودان حمد الجزولي في مؤتمر القضايا الامنية المؤثرة على الوضع الجنائي الذي استضافتة الخرطومؤخرا أن عمليات التهريب والاتجار بالبشر توسعت خاصة في شرق السودان ومعظم الضحايا من اللاجئين والمتسللين ويصعب السيطرة عليهم نسبة للحدود الطويلة المفتوحة والهجرات غير المنظمة خاصة في منطقة كسلا ويستهدف هؤلاء التجار اللاجئين خاصة في معسكر الشجراب وتتسم اعمالهم بالسرية وهي عصابات اخطبوطيةلا يعرف رأسها من السماسرة داخل المدن وهنالك مجهودات من الاجهزة الامنية والشرطية تمكنت من إلقاء القبض على عدد من المهاجرين والضحايا خاصة بعد اجازة قانون المكافحة..ودعا السيد المعتمد لتحسين الاوضاع المتدنية داخل هذه المعسكرات وحماية القصر ولاجئ المدن. وبحسب الفريق عادل العاجب يعقوب المفتش العام السابق لقوات الشرطة والخبير في القانون الدولي فإن هنالك صعوبات تواجه وزارة الداخلية مع الدول المجاورة التي وقعت معها مذكرات تفاهم في موضوع الجرائم العابرة للحدود ومن بينها الاتجار بالبشر حيث يستحيل مكافحتها لعدم وجود تنسيق بين هذه الدول وهي لاتولي مذكرات التفاهم في هذا الشأن اهمية كافية كما أن الافراد المعنيين بمكافحة هذه الظاهرة يحتاجون للتدريب والتأهيل الكافي
مما سبق نخلص الى أن ظاهرة الاتجار بالبشر التي انتعشت مؤخراظاهرة خطيرة وبالغة التعقيد وليس من السهولة السيطرة عليها وتتقاطع مع قضايا اللجوء والهجرة ..وهي جريمة خطيرة ومركبة تعتبر مدخلا أساسيا لجريمتي البغاء وتجارة الاعضاء التي يباع فيها الانسان كقطع غيار السيارات يدر ارباح خرافية على عصابات مافيا الأعضاء.

المصدر:اخر لحظة.

تعليقات الفيسبوك


انضم لقروب الواتسب - اضغط هنا

انضم لقروب الواتسب - اضغط هنا


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.