القراية أم دق
محمد عبد الماجد
حمدوك .. (ما قلت خبير وين السلمة وين درب البير؟)
(1)
· إذا اردت ان ترى (الإستهداف) الذي يقابله وزير الصحة السابق د. أكرم على التوم سوف تجد (المتربصين) به يحدرون له حتى في (إقالته) من الوزارة…وقد انطبق على أكرم قول الشاعر (إن تحسدوني على موتي فوا أسفا ..حتى على الموت لا اخلو من الحسد).. صوّروا تمسكه بالمنصب ورفضه لقرار رئيس مجلس الوزراء د. عبدالله حمدوك شيء من (الكنكشة)…وزهد الرجل في المنصب كان يجعله (يشاكل ضله).
· أكرم علي التوم أراد ان يقدم (موقفا) عندما رفض تقديم إستقالته، كما إعتاد على ذلك ، فرفض (الاستقالة) ، ليذهب من الوزارة وهو يعلن كامل احترامه لقرار رئيس الوزراء ثم يكتب بكل أدب عن الثورة المجيدة ،ويعلن عن إستعداده التام للخدمة في أي موقع.
· وعادة اقول إن الكثير من المهن والمناصب تكلفك فيها (المواقف) ان تدفع الكثير من الاثمان – هناك (مناصب) الاستمرار فيها يشترط ألا يكون عندك (موقف) ، وأكرم علي التوم دفع ثمن مواقفه.
· كفي في ذلك ما كتبه عنه رفيق (الدراسة) بجامعة الخرطوم الدكتور علي الكوباني (اختصاصي المواقف المشرفة)، والذي نحسب له مواقفه (الشجاعة) في دعم الثورة حينما قال في (كلمة حق) عن أكرم : (فلتهنأ اخي الحبيب أكرم وصدقا (ماك الوليد العاق..لا خنت لا سراق).. ولا عندك مستشفى خاص ولا شركة دواء ولا عيادة خاصة حتى ..فقد حاولت في الزمن الصعب..استلمت وزارتك وأنت محاصر بالأوبئة..من كوليرا وحمى الكنكشه ثم الكورونا التي اضنت حتى الدول الكبرى والغنية..وحاولت ان ترسي وتكفل حقوق مجانية العلاج في زمن الثعالب والضباع وإذناب تجار الدين..الذين قال رئيسهم للايطاليين اصحاب مستشفى القلب في سوبا ..لييه عاوزين تعملوا العمليات مجاني..؟ وللاسف اعدائك كانوا من بعض ناس السيادي والاحزاب المتناحرة لتكبير اكوامها للقادم من الأيام وكذلك تجار الصحة والدواء وغيرهم… لن اتكلم عن مدى علمك وخبرتك المتراكمة وتأهيلك للنهوض بالصحة والذي يعلمه اعدائك قبل مناصريك..ولكن اتذكر تماما ما قلته لي قبل فترة واثناء القصف والحروب التي تتعرض لها من الناس العاملين فيها مع الثورة ومن الكيزان على حد سواء..قلت لي: (انه لن يهمك أن تقال وتطرد من الوزارة ولكن من الجبن والعار ان تستقيل بنفسك لتهزم الحق وتعلن بنفسك عن فشل مشروع مجانية العلاج والدواء للمواطن السوداني) ..لذلك لن يعلم بعض الناس واصحاب الغرض والمرض عن سبب عدم تقديم استقالتك مع علمك التام انك ستقال على رؤوس الاشهاد)..كلمات د. كوباني تلك افضل من الف وزارة ، فقد جاء (شكر) أكرم علي التوم وهو حي يرزق ، مخالفا طبيعة ان يأتي (الشكر) للشخص بعد موته.
· الصراعات التى دخل فيها د. اكرم علي التوم تؤكد (جرأته) ، وعدم خوفه ،واجتهاده من اجل ان يقدم اقصى ما عنده – يمكن ان يكون أكرم علي التوم اخفق في بعض الملفات وفي كيفية ادارتها بقوة (تصادمه) فقد أخذ تكليفه بقوة – لكن مع كل هذه الاشياء لا احد يمكن ينكر في الرجل صدقه وشجاعته واجتهاده.
· عجبت من الاستاذ زهير السراج ان كتب على صفحته على الفيس بوك ان اكرم علي التوم كان يتهرّب من مسؤولياته بإغلاق هاتفه الجوال وبسبب إصابته بالغضروف – اذا كان اكرم علي التوم بكل هذا (الإجتهاد والظهور) يعاني من (الغضروف) ويغلق هاتفه الجوال ،فما بال غيره مدني عباس مدني والاء البوشي وحتى فيصل محمد صالح الذين لا (غضروف) لهم ولا (نزلة برد)؟.
· كان من الافضل ان تتركوا لنا أكرم علي التوم بغضروفه هذا بدلا من ان تتركوا وزير لا غضروف ،ولا اثر له.
(2)
· ادار أكرم علي التوم ملف الصحة ضد جائحة كورونا بامتياز ، وكان لوزير الصحة (السابق) بصمة واضحة في ذلك – لو قدرنا الوزراء بمقدور عطائهم وما قدموه في الـ (9) اشهر الماضية فان وزير الصحة يأتي في المقدمة…كفي انه شارك شعبه في مليونية 30 يونيو حتى خطر الاصابة بفيروس كورونا ، عندما خرج معهم للشارع ، بعد فشل الحكومة في منع الموكب.
· هذا الموقف البعض يحسبه على الدكتور أكرم علي التوم وأنا احسبه له…لا اجمل من ان تكون مع (شعبك) ، حتى لو كان الشعب يقف على جمر اللهيب.
· لو نظرنا الى الازمات التى تعاني منها البلاد سوف نجد ان ازمة (الخبز والمحروقات) هي الأعلى ، مع ذلك استمر وزير الصناعة والتجارة مدني عباس مدني وذهب وزير الصحة أكرم علي التوم…فقد تعامل حمدوك مع أكرم بنظرية (الجود يفقر والإقدام قتّال).
· هل كان أكرم علي التوم يحتاج لشيء من الدبلوماسية والرفق بالخصوم واللطف بهم كما يفعل فيصل محمد خير الذي لم يحدث أي تغيير في (الاعلام) ، فقد بقى الحال على ما كان عليه في عهد البشير، ولم يكن لنا من ذلك الاعلام غير (اجيب ليكم أخبار مفرحة من وين حبيبي أنا).
· يؤسفني ان يكون أكرم على التوم ضحية (حملة اعلامية) شرسة تعرض لها ، مع ذلك يسعدني التعاطف والدعم الكبير الذي وجده أكرم علي التوم من الشعب السوداني ومن مواقع التواصل الاجتماعي بعد خبر (إقالته) من وزير الصحة.
· أكرم خذله الاعلام – لكن نصره الشعب بوقفته المشرفة معه بعد الاطاحة به من الوزارة.
· يحدث ذلك رغم أن أكرم علي التوم كان سبب في (الاغلاق العام) ،وفي تحديد تحركات الناس لمدة قاربت من الاربع اشهر – مع ذلك دعموه وساندوه وتعاطفوا معه.
· هذا شيء يؤكد عظمة الشعب السوداني – ولا اعتقد ان عاطفة الشعب السوداني يمكن ان تجتمع على شيء وتتفق ، لو لم يكن ذلك الاجتماع والاتفاق على صواب.
(3)
· كنت اتمنى ان يجد أكرم علي التوم دعم من رئيس الوزراء – لأن وزارة الصحة فيها الكثير من العقبات والمصاعب وهي تحتاج الى عمل كبير من الحكومة كلها وليس من وزير الصحة وحده.
· الرئيس المخلوع عمر البشير كان في اصعب الاوقات التى يكون فيها الهجوم على وزير الصحة الولائي د.مامون حميدة ووزير الصحة الاتحادي بحر إدريس قردة يعلن دعمه لهما ومساندته المطلقة لكل قراراتهما ، حتى انه اطلق على مامون حميدة افشل وزراء حكومة الخرطوم لقب (البلدوزر) رغم اننا لم نشهد من حميدة غير اغلاق اقسام الطوارئ وترحيل المستشفيات من قلب الخرطوم الى الاطراف، والدخول مع خبراء الصحة في صراعات وخلافات من اجل استثماراته الصحية في المجال الذي يديره تنفيذيا واستثماريا.
· وزير الصحة في العهد البائد كان يسخر من مرضى السرطان ويدعو الى موتهم وكان يعز على الناس (الحقنة).
(4)
· د. أكرم علي التوم لم يخسر شيئا بل كسب الكثير بعد الاقالة – كفاه فخرا انه اعطانا نموذجا لرجل الثورة عندما يُقال من منصبه فيخرج بهذا الشموخ والدعم والسند ، غير ما كان يحدث في السابق عندما كان الوزير المُقال تطارده اللعنات والشتائم ويرمي بالبيض والطماطم وهو كظيم.
· لن تلاحق أكرم اوامر القبض و(إعلان متهم هارب) كما حدث لعلي كرتي والمتعافي وعلي محمود وانس عمر.
· الثورة قد تكون في حاجة لنموذج أكرم علي التوم وهو (وزير مقال) اكثر من كونه وزير مستمر في عمله.
· لذلك لا تتحسروا على خروج أكرم علي التوم من وزارة الصحة فقد اعطانا (الاسوة) الحسنة التى كنا نبحث عنها.
· شكرا أكرم علي التوم – يبدو انك كنت تجهل انك لم تكن في حرب فقط مع (الكورونا) – هناك جائحات اخري عملت لإبعادك من وزارة الصحة، فان كان فيروس كورونا يصيب (الرئة) ،فان هناك (فيروسات) تضرب في (الظهر) – وظهرك مكشوف في دولة تتناحر فيها المصالح والمحاور.
(5)
· بغم /
· مع ذلك سوف ندعم الثورة وحكومتها بكل ما اعطينا من قوة – حتى لو كان ذلك على (رقابنا).
· لا تتركوا حكومة الثورة تديرها (الشللية) و(القروبات).
· ولا شيئا عندنا نقوله لحمدوك بعد إقالة أكرم غير ( يا ود باقير ما قلت خبير ، وين السلمة؟ ، وين درب البير؟).
· ونحن في انتظار حمدوك ان يرد (يا شيخنا خلاص الشفقة تطير هداك الوادي ودرب ام جير)..فما زلنا نحسن فيه الظن.
The post السودان: محمد عبد الماجد يكتب: حمدوك .. (ما قلت خبير وين السلمة وين درب البير؟) appeared first on الانتباهة أون لاين.
المصدر: الانتباهة أون لاين