مزمل ابو القاسم : محفظة.. لحبوب منع الخجل!

- نضرب كفاً بكف، ونفغر فاه الدهشة تعجباً من جرأة وزارة المالية على نفي الحقائق الماثلة، ونستغرب سعيها لتغبيش وعي الناس، ببيانٍ أقل ما يوصف به أنه خدَّاعٌ وكذوب.
- ذكرت الوزارة في بيانها الصادر يوم أمس الأول أنه لا صحة لما يشاع عن شراء الدولة للدولار من السوق الموازية لتغطية حاجة البلاد من السلع الاستراتيجية، لأن استيراد تلك السلع يتم عبر محفظة السلع الاستراتيجية، وعن طريق توفير الدولارات من عوائد الصادرات التي تنفذها المحفظة، أو عن طريق التمويل الذي توفره المصارف الأجنبية للمحفظة!
تلك لعمري كذبةٌ بلقاء، ينفيها الخطاب الوارد من المحفظة نفسها إلى وكيل وزارة المالية بتاريخ 22 يوليو الماضي، رداً على خطاب المالية لها، بتاريخ 20 يوليو (بالرقم و ت م أ/ م و/ 19)، عندما اشترطت على الوزارة أن تسدد ما نسبته (110 %) من قيمة المشتريات نقداً ومقدماً بالعملة الوطنية، ليواجه طلبها بالرفض من السيدة آمنة أبكر، وكيل وزارة المالية، لمخالفته البينة لقانون الشراء والتعاقد.
يومها طلبت المالية من المحفظة توفير مبلغ (78) مليون دولار (وكسور) لتمويل استيراد المحروقات، وعندما اصطدمت بالشروط التعجيزية التي وضعتها المحفظة لجأت الوازرة (ممثلة في وزيرها المكلف د. هبة محمد علي)، إلى شركة محلية كي توكل إليها أمر استيراد الوقود، فهل وفرت الوزارة أو البنك المركزي دولارات بالسعر الرسمي للشركة المذكورة؟
مساهمة وزارة المالية في زيادة أسعار الدولار، أو على الأصح في تدمير قيمة العملة الوطنية لا ينكرها حتى المكابر، ولنا أن نذكّر الوزيرة المكلفة بأن المالية سبق لها أن ضخت عدة تريليونات من الجنيهات (بالقديم) في حساب شركة الفاخر، واشترت منها الدولار بسعر السوق السوداء عدة مرات، فهل استوردت الفاخر سلعها بالعملة الوطنية كي تنال المقابل بها؟
في خواتيم شهر يناير الماضي سددت الوزارة مبلغ تريليون ومائة واثنين وثمانين مليار جنيه (بالقديم) لشركة الفاخر، مقابل توفير مبلغ (12) مليونا و(249) ألفا و(510) دولارات، والسعر المذكور كان مساوياً لسعر السوق السوداء وقتها.
تكررت تلك الممارسة القبيحة والمخالفة للقانون عدة مرات، باعتراف مُلاَّك الفاخر أنفسهم، فاشترت منهم المالية الدولار بواحد وتسعين جنيهاً ونصف الجنيه مرة، وبستة وتسعين جنيهاً ونصف مرةً أخرى، ثم ضخت تريليوني جنيه في حساب الشركة بأحد البنوك التجارية في خواتيم شهر مارس الماضي، فارتفع سعر الدولار وقتها إلى أكثر من (130) جنيها، ليخرج لسانه للوعد الكذوب الذي قطعته الشركة على نفسها بتخفيض سعر الدولار إلى ستين جنيهاً، وذلك عندما أبرم معها الوزير السابق إبراهيم البدوي صفقته المشؤومة التي رفعت سعر الذهب، وأدخلت الجنيه التعبان غرفة الإنعاش، وقضت على ما تبقى من قواه المنهكة أصلاً.
- لم تستورد المحفظة المزعومة قطرة نفطٍ واحدة حتى اللحظة، خلافاً لما ذكرته المالية في بيانها الزاخر بالتدليس، بل إن المحفظة ما زالت متعثرة في جمع رأس مالها، وفِي تحديد شكل علاقتها وطريقة تعاملها مع وزارة المالية، خلافاً لما ذكره رئيس الوزراء في مؤتمره الصحافي الأخير، عندما زعم أنها (أي المحفظة) وفرت مليار دولار لاستيراد السلع الاستراتيجية، قبل أن يعود ليلحس حديثه أمس، ويعلن أنهم يحتاجون إلى ملياري دولار لاستيراد تلك السلع، ولا يمتلكون منها شيئاً!
- وزارة المالية، وقبلها د. حمدوك، الساكت عن الفساد المعشعش في الوزارة المكلفة بحماية المال العام هما المسئولان الرئيسيان عن الانهيار المريع لقيمة الجنيه في الشهور الماضية.
- حكومة الحلول الكارثية (السهلة) طبعت حتى اللحظة (148) تريليوناً (بالقديم) وترغب في رفعها إلى (200) تريليون بنهاية العام، وضخت تريليونات الجنيهات في حساب شركة خاصة، اختارها بفساد مشهر ومحسوبية كريهة، ثم تمتلك ما يكفي من الجرأة لإنكار مسئوليتها المباشرة عن انهيار قيمة العملة الوطنية.
- مطلوب من محفظة السلع الاستراتيجية أن تبتدر عملها باستيراد كميات تجارية من حبوب منع الخجل لأسوأ وزارات الدولة أداءً، وأوفرها تفريطاً في الحق العام، وأكثرها مساهمةً في تدمير قيمة الجنيه الغلبان.
اليوم التالي



