سيدي الرئيس.. قيمة السيادة وحدود التفويض

سيدي الرئيس.. قيمة السيادة وحدود التفويض
رشان اوشي
سيدي الرئيس، هل يمكن أن يذهب أشخاص مثل علاء الدين نقد ومحمد عربي إلى أقرب سفارة لاستخراج هوياتهم الوطنية باعتبارهم مواطنين سودانيين، بعد أن ارتبطت أدوارهم بالتحريض والتخطيط لانقلاب مليشيا حميدتي على السلطة الشرعية؟هل قراركم مكافأة سياسية تمنح بمعزل عن المسؤولية التاريخية، بينما يدفع ملايين السودانيين ثمن القتل والنزوح والتهجير؟
قصة مؤثرة لعائلة سعودية دعمت عاملة منزلية مصابة بالسرطان
سيدي الرئيس، لا تقاس شرعية الدولة فقط بقدرتها على فرض السيطرة، بل بقدرتها على حماية معنى الانتماء والمواطنة، الهوية الثبوتية ليست وثيقة شخصية ، بل عقد أخلاقي يقوم على الولاء العام.
سيدي الرئيس،أنت لا تمثل نفسك، بل تمثل أربعين مليون سوداني. تمثل خبزهم، كرامتهم، وحقهم في قرار وطني مستقل. وبقاءك على رأس الدولة لم يكن تفويضاً مفتوحاً، بل نتاج تضحيات جسيمة، قدّمها شعب أعزل، وقدّمها أيضاً من يحيطون بك من حراستك الشخصية دفاعاً عن رأس الدولة ورمز السيادة. ومن هنا، فإن أي قرار سيادي يجب أن يصدر عن تقدير وطني خالص، يستحضر هذا الدم وهذا الألم، لا عن حسابات ظرفية أو رسائل خارجية غير مفهومة.

سيدي الرئيس، إذا كان من الممكن، التوسط أو الشفاعة، فهل يمكن أن تتوسط انت لاطلاق سراح آلاف المعارضين السعوديين في سجون آل سعود؟
أو على الأقل إلى المواطنين السودانيين محمد فاروق وود المأمون المحتجزين في سجون آل زايد؟.

سيدي الرئيس، تختبر قوة وضعف سيادة الدول لا بمدى قبولها بالوساطة، بل بقدرتها على عدم الوقوع في فخ التماثل الأخلاقي بين الجلاد والضحية.، افترضنا ان قراركم نتاج وساطة لانه تزامن مع زيارة خارجية للسعودية التي تلعب دور الوسيط بين الجلاد والضحية.

سيدي الرئيس،القرارات التي تمس عصب السيادة الوطنية لا تُتخذ منفردة. هكذا تقول نظريات الحكم الرشيد، وهكذا علمتنا تجارب الدول الخارجة من الحروب. السيادة ليست سلطة فرد، بل إرادة جماعية تصاغ بالتشاور، لا بالمفاجأة، وبالتوافق، لا بالارتجال.
نحن لا نقلل من مجهوداتكم، ولا نشكك في نواياكم، بل نقدر حجم التعقيد الذي تديرون به هذا الملف الشائك. لكن إدارة الحرب والتدخل الدولي بمنطق فردي لا جماعي، قد تفتح مسارات تصادم مع رفاق الدرب، وتراكم غضباً سياسياً وأخلاقياً قد لا تُحمد عقباه.

وفي لحظات التحول الكبرى، لا يكون الخطر في الخطأ وحده، بل في العزلة عن الصوت الجمعي.
اللهم إني قد بلغت، فاشهد.
محبتي واحترامي.




مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.