رسمياََ اسرائيل تطلب الاذن من حكومة السودان بعبور الأجواء السودانية
طلبت إسرائيل رسمياً من الحكومة السودانية السماح لطيرانها بعبور مجالها الجوي، في بادرة تعد الأولى للتعاون المباشر بين البلدين غداة الاتفاق المبدئي على تطبيع العلاقات بين الدولتين، استجابة لضغوط مارستها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، مقابل إزالة اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب.
وقال مسؤول سوداني رفيع، طلب حجب اسمه، إن الخارجية الإسرائيلية تقدمت بطلب رسمي لنظيرتها السودانية، تطلب فيه السماح للطيران الإسرائيلي بعبور الأجواء السودانية، مبرزا أن السلطات تجري دراسة الطلب عبر المؤسسات المعنية، وأنها لم تصدر موافقة نهائية للطلب الإسرائيلي، وذلك عقب تصريحات نسبتها وكالات أنباء عن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، قال فيها إن الطائرات التجارية الإسرائيلية بدأت الطيران في أجواء السودان منذ الأحد الماضي، وأن فتح المجال الجوي الجديد هو ثمرة الاجتماع الذي عقده رئيس مجلس السيادة، عبد الفتاح البرهان، في «عنتيبي» الأوغندية في فبراير (شباط) الماضي.
وذكرت وسائل إعلام عبرية يوم الجمعة أن رحلتين جويتين إسرائيليتين ستمران لأول مرة عبر أجواء السودان إلى كمبالا وبنوم بنه، عاصمة كمبوديا، وذلك عقب توصل الخرطوم وتل أبيب لاتفاق ينهي العداء بينهما. ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية أن طائرة تجارية إسرائيلية تابعة لشركة «العال» عبرت الأجواء السودانية، منطلقة من مطار «بن غوريون» إلى مدينة «عنتيبي» الأوغندية، وهي فارغة لتقل وفدا من 153 أوغنديا لتدريبهم على أساليب الزراعة الحديثة في إسرائيل.
وتعليقا على عبور طائرة «العال» الإسرائيلية الأجواء السودانية، قال المسؤول السوداني لـ«الشرق الأوسط» إن عبور الطائرة «ربما يكون قد تم بإجراء استثنائي»، قبل صدور قرار رسمي بالموافقة أو الرفض على الطلب الإسرائيلي.
وبحسب المسؤول، يتضمن الطلب الإسرائيلي عبورا دائما لطيرانها للأجواء السودانية، وأن يقتصر على الطيران التجاري، بما في ذلك «شركة العال»، أو غيرها من خطوط الطيران الإسرائيلية.
وذكر وزير الخارجية المكلف، عمر قمر الدين، في تصريحات سابقة، عدم وجود ما يمنع استخدام إسرائيل للمجال الجوي السوداني، وأشار إلى فوائد مالية كبيرة يمكن أن يجنيها السودان من حركة الطيران الإسرائيلي فوق أجوائه، بما يزيد من عائدات البلاد الكلية من رسوم عبور الطيران الدولي، لتصل لقرابة مليون دولار يوميا.
وقال مسؤولون في الطيران المدني السوداني إنه من غير المسموح لأي طائرة إسرائيلية عبور الأجواء السودانية، دون إذن من وزارة الخارجية، وذلك لعدم وجود اتفاقية بين البلدين، مضيفا «ربما تكون الرحلة غير معلنة»، بيد أنه أكد عدم تلقي أي إخطار للطيران المدني بالسماح للطيران الإسرائيلي بعبور الأجواء السودانية.
وحطت طائرة إسرائيلية في مطار الخرطوم في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بصورة سرية تامة، ولم تكشف عنها سلطة الطيران المدني السودانية، وقد أقلت وفدا إسرائيليا أجرى مفاوضات مع المسؤولين السودانيين بشأن تطبيع العلاقات بين البلدين.
وقال المتحدث الرسمي باسم الطيران المدني السوداني، عبد الحافظ عبد الرحيم، إن إسرائيل تسعى لاستخدام الممرات الجوية السودانية لتقليل التكلفة، وتقصير زمن الطيران إلى أفريقيا وأميركا اللاتينية، وأمان الممرات الجوية السودانية، إضافة للخدمات المتميزة التي يقدمها مركز الملاحة الجوية السوداني، الذي يعد الثاني في القارة الأفريقية.
وأوضح عبد الرحيم أن المعلومات قد تكون غير متاحة في بعض الأحيان للطيران المدني، أو كون أن تكون «الرحلة غير معلنة»، وتابع موضحا: «في مثل هذه الحالة فإن حدود المعرفة تكون على مستوى كبار المسؤولين في الدولة، أو في الطيران المدني، وفي حالة إسرائيل يتطلب الأمر إذنا من وزارة الخارجية، لأن مهمة الطيران المدني تقتصر على الجوانب الفنية».
وبحسب عبد الرحيم، يمنع القانون الدولي للطيران عبور الطائرات المدنية لأجواء أي دول دون إذن، ويعطي الدولة حق منع المعلومات الجوية عنه، بيد أنه أضاف أن بعض الطائرات ذات التجهيز العالي والحديث «يمكن أن تستغني عن هذه الخدمات، ولا تحتاج لمساعدة أرضية».
وتقدر عائدات السودان من رسوم عبور أجوائه ما بين 150 إلى 200 مليون دولار سنويا، لكن يتوقع أن ترتفع خلال الفترة المقبلة، بعد زيادة الممرات الجوية من 18 إلى 42 ممرا خلال الأشهر الماضية.
وأشار المتحدث باسم الطيران المدني إلى صعوبة التحديد الدقيق لعائدات عبور الطيران الإسرائيلي للأجواء السودانية، وقال إن هذا الأمر «يعتمد على معرفة عدد الرحلات التي تسيرها إسرائيل يوميا، وهو مرتبط بالمواسم التي تتزايد فيها حركة الطيران»، ويأتي ذلك في وقت تأثرت فيه عائدات السودان من رسوم العبور خلال الأشهر الماضية بسبب تراجع حركة الطيران على مستوى دول العالم، جراء تداعيات جائحة «كورونا».
ووفقا لعبد الرحيم، تودع عائدات السودان من رسوم عبور الطائرات في حساب بنكي في سويسرا، يديره وكيل أجنبي تعاقدت معه الحكومة السودانية لتحصيل المبالغ والمتأخرات، وتراقبه «المنظمة الدولية للطيران المدني»، وقال إن المنظمة الدولية «لا تسمح للدولة إلاّ بالاستفادة من نسبة لا تزيد على 15 في المائة من جملة أموال عبور الأجواء، وتلزم الدول باستثمار باقي الأموال لتطوير البنى التحتية للطيران في البلد المعني»، وذلك تحت إشراف وزارة المالية والطيران المدني، الذين يقومون بمراجعة الأموال المتحصلة، ويفرضون متابعة دقيقة للحساب في سويسرا.
كما أوضح عبد الرحيم أن السودان حصل على 150 مليون دولار من عائدات رسوم العبور للعام الماضي، متوقعا أن تشهد الفترة المقبلة كثافة حركة الطيران عبر الأجواء السودان، بعد إعادة تخطيط المجال الجوي، وزيادة عدد الممرات الجوية إلى 42 ممرا.
ومن جهته، قال الطيار السابق عادل المفتي لـ«الشرق الأوسط» إن الإجراء الطبيعي لعبور طيران العال الإسرائيلي للأجواء السودانية يتطلب وجود وكيل معتمد في السودان، يتقدم بطلب للطيران المدني لعبور الأجواء، وأضاف موضحا «لكن حتى الآن لا يوجد ما يسمح لطائراتها بعبور أجواء السودان، وفي هذه الحالة يبدأ أي إجراء عبر وزارة الخارجية».
وأضاف المفتي، الذي يشعل منصب رئيس لجنة تفكيك الفساد بهيئة الطيران المدني، أن اقتصادية المجال الجوي السوداني بالنسبة لإسرائيل، هي الدافع لسعيها للحصول على الإذن بالعبور، بجانب قلة المخاطر فوق أجواء السودان التي لا تواجه فيها أي مهددات أمنية.
بيد أن المفتي توقع ألاّ تكون عائدات رسوم عبور الطيران الإسرائيلي كبيرة، بحيث تزيد عائدات السودان بمبالغ ضخمة: «كما يروج البعض».
الشرق الأوسط