سهير عبدالرحيم : نعي مهم

حين وقع ذلك الحادث الرهيب ، حادث الحركة المؤلم في طريق بورتسودان -هيا-عطبرة والذي راح ضحيته د.حسن أحمد عبدالعاطي  الأمين العام للشراكة الجديدة لتنمية إفريقيا (نيباد) ومعه مسؤولة المشروعات رذاذ عبدالناصر حسن و سائق العربة  .
أقول حين وقع ذلك الحادث المؤلم أذكر أن  الدكتور عبدالله حمدوك رئيس مجلس الوزراء كان قد قدم للشعب السوداني نعياً مؤثراً للرجل  و عدد مآثره و ترحم عليه و دعا لطلابه و عارفي فضله بالصبر و حسن العزاء .

ولكن مالم يقله حمدوك إن الرحمة و المغفرة لأثنين من أعضاء الوفد كانوا برفقة الرجل …!! نعم لم يكلف  السيد رئيس الوزراء نفسه أن يترحم على مرافقيه الأثنين ، و كأني بالرجل يستكثر عبارة (والرحمة و المغفرة) لمن كانوا معه  ، لم يترحم رئيس الوزراء على الفتاة رذاذ والسائق ، و كأنهم جزء من معدات الرحلة ، أو أنهم إحدى  إطارات السيارة  أو جزء من أوراق المأمورية و ليسوا أرواحاً  راحت ضحية طريق خرب  وهي تستقطب الدعم للوطن .

وعلى نهج حمدوك سار الكثيرون أيضاً  ، وقبل أيام لفت نظري نعي من  مجموعة المصرفيين لعدد من المصرفيين إنتقلوا الى جوار ربهم إثر إصابتهم بكورونا  ، و من قبلهم نعي مماثل من وزارة الصحة لعدد من الأطباء  أيضاً  إنتقلوا إلى رحاب الله إثر إصابتهم بفايروس كورونا .

الملاحظ في الرثائين أن المتوفين تراوحت أوقات وفاتهم خلال الأيام الماضية و لكن لم يفتح الله على تلك المؤسسات و الكيانات بنشر نعي إلا عقب أن مات شخص مهم في نفس القطاع ….!! هل أصبح النعي أيضاً (خيار و فقوس)…!!
و الحال كذلك بالنسبة لبعض المؤسسات و الكيانات السياسية لا يخرج نعي إلا بأهمية المتوفي ، و وزنه الإجتماعي و ثقله السياسي ، فلم يعد النعي هو نعي أليم بقدر ماهو نعي مهم .
كل موظف أو مسؤول أو مواطن كائناً من كان عليه أن يعلم أن مؤسسته لن تقدم له نعي إلا إذا جاء من هو أكثر منه أهمية و أرفع مقاماً و أعلى شأناً  ، فالموت مقامات  ، و المحظوظ هو من يصادف موته موت شخص مهم  ليناله من الحظ نصيب.. ولا عزاء لناس قريعتي راحت .

أفهم أن تكون لبعض الزعامات و الشخصيات القيادية  وزنها و قيمتها و بالتالي قيمة كل ما يتعلق بأخبارها ، ولكن دعونا لا نبخس الموظفين حقهم  في  نشر خبر وفاتهم والترحم عليهم ، خبر فقط …!!
لا يمكن أن يمضي على وفاة أحدهم أسبوعين  ويموت و يشبع موت  ثم فجأة يموت مديره فتصدر المؤسسة نعيها في نفس اللحظة للمدير و الموظف.
خارج السور :
الضعفاء مظلومين حتى في  طقوس ما بعد الموت.

المصدر: الانتباهة أون لاين




مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.