لا اعتقد ان السيد رئيس مجلس وزراء الحكومة الانتقالية د. عبد الله حمدوك بهذا الغباء الذي يصوره البعض في ما يتعلق باتخاذ القرارات، وتابعت الاتهامات التى تعرض لها مكتب رئيس الوزراء من قبل تجمع المهنيين ممثلاً فى اسماعيل التاج الذى وصف مكتب حمدوك بـ (عش الدبابير) و (الثورة المضادة) كما نقلت حديثه الصحف السودانية، وفى اعتقادى ان تجمع المهنيين فشل فشلاً ذريعاً منذ البداية، فهو من باع الشعب ولا ادرى كم أخذ من ثمن على تلك البيعة، وتجمع المهنيين نجح فى ادارة الثورة ولكنه فشل حينما لوث عقول الشباب بأن الثورة ستتولى مقاعد سلطتها الكفاءات والخبرات من الشباب الذين ثبت لنا فيما بعد ان جلهم ليسوا سوى (كفوات) عاطلين وفاشلين وغير قادرين على ادارة دفة حكومة، ويتعاملون مع مؤسسات الحكم وكأنهم يتعاملون مع اركان النقاش باحدى الكليات، ونضال وثورة حتى ضد انفسهم مما يدل على جهل بعضهم باساليب الادارة وفن التعامل مع الجمهور .
وليس من حق تجمع المهنيين ان يثور ضد مكتب حمدوك بحجة ان مستشاره الاعلامى هو من اتخذ قراراً او حتى اطلقه قبيل معرفة رأى رئيس الوزراء، وهذا ليس قدحاً فى مستشارية حمدوك بل قدحاً فى حمدوك نفسه، فإن كنتم ترون ان حمدوك تتخذ له القرارات فلماذا رشحتموه منذ البداية وصورتموه بطلاً وكأنه سيكون المنقذ لشعب السودان؟ ولماذا تأتون فى آخر المطاف لتطلقوا التصريحات وتعلنوا الثورة والتصعيد الثورى، وتقولوا ما تقولون لاستدرار عطف الجماهير الذين انتم على علم ودراية بالمعاناة التى عانوها طيلة الفترة الماضية جراء الفقر وارتفاع الاسعار، وانتم من كنتم تطالبون الشعب بالتريث ومنح حمدوك فرصة؟ ثم ثانياً: ألستم أنتم اصحاب شعار (شكراً حمدوك)، فعلام (المجمجة) اذن؟
اين كان تجمع المهنيين حينما كانت صفوف الوقود والغاز؟ ولماذا لم يطالب التجمع بالتصعيد الثورى بسبب الغلاء الذى نعانى منه الآن؟ ووالله لو كنا نعلم الغيب لاستكثرنا من الخير، ولما خرجنا ضد البشير الذى يرقد مستريحاً الآن داخل زنزانة بسجن كوبر، خاب تجمع المهنيين ان ظن اننا سنخرج فى ثورة لانفاذ اجندته السياسية، طالما انه لم يساند الشعب يوماً ولم يطلق تصريحات ضد الغلاء والفقر الذى استشرى في البلاد، ولن يخرج الشعب الا فى ثورة ضد الجوع وحينما يجوع، وما اريد ان اقوله لا تدسوا السم فى الدسم ولا تخدعوا الشعب المسكين الذى خرج يوماً للاتيان بحكومة تشعر به، وليس حكومة اخرى اسوأ من التى ذهبت، واحزاب فكة وعصابات تتكالب على السلطة وتنسى ان هنالك شعباً يهوى البقاء، ومن حقه ان تتوفر له لقمة العيش، لا ان يحمل سكيناً ليشهرها فى صفوف الرغيف لينال الرغيف اولاً قبل الآخرين، فهل تدرون كم روح ازهقت فى صفوف الرغيف وكم طفل وكم صبي قتلوا واصيبوا جراء صفوف الرغيف؟ بالطبع لن يعي حديثي هذا تجمع المهنيين ولا حمدوك، فجميعهم جمعتهم المصالح وشتت بينهم اختلاف الافكار، ثم لماذا تقيمون مأتماً وعويلاً من أجل القراي ووزير التعليم وامثالهما، فليذهبوا من حيث أتوا، واتركوا المناهج كما هى وليفعل حمدوك ما يريد وليقبل استقالاتهم، فليس من حق موظف بائس ان يلوي ذراع رئيس مجلس الوزراء.
المصدر: الانتباهة أون لاين