كان يحكي لي أحد الأصدقاء وهو رتبة رفيعة في القوات المسلحة كان يحكي لي على الدوام عن منطقة في ولاية الخرطوم اسمها ( حكومة مافي ) .
وفي كل مرة كنت أطلب منه زيارة تلك المنطقة لتسجيل مشاهدات ولكنه كان ينصحني بتجاوز تلك الفكرة لأنها و حسب حديثه خطرة جداً و يمكن أن يلحقني شيء من الأذى هناك .
وقد مضى وقت طويل على هذا الحديث حيث كان الأمر قبيل زوال حكومة المؤتمر الوطني ، وقد علمت لاحقاً أن المنطقة ما زالت موجودة لم تمتد إليها يد الأمن والأمان والطمأنينة كما علمت أن هنالك الكثير من المناطق إنضمت لها لاحقاً على شاكلة محطة آخر مكالمة وغيرها من المناطق التي تغيب عنها عين الأجهزة النظامية .
يوم أمس كان يوماً مثالياً بالنسبة لي جاء ليؤكد و بشكل قاطع أن كل الوطن أصبح عبارة عن (حكومة مافي) ، يوماً استدعى مني قضاء بعض المشاوير و المجاملات والإلتزامات العائلية مما تطلب الكثير من ( الحوامة ) .
كان كل شيء ينبيء بأن ( حكومة مافي ) ، طلمبات الوقود التي إكتظت بالسيارات والركشات و المواتر و أكتظت أكثر بـ ( الخناقات) ، لسان حالها كان يقول: (حكومة مافي) .
محلات تصليح الإطارات الأخرى كانت مكتظة وذلك بسبب ما آل إليه حال شوارع العاصمة التي صارت الحفر فيها أكثر من المساحة المسفلتة ،وذلك أيضاً بسبب غياب التخطيط و الصيانه الدورية وغياب المسؤول .تلك المحلات كانت تقول أيضاً (حكومة مافي) .
أما صفوف الغاز و الخبز تلك فقد أصبحت عبارة عن وكر للجريمة ، ضرب وقتل وذبح و سرقة وإعتداءات و إصابات ترتقي إلى الأذى الجسيم ،وكله ينبيء بأنه حكومة مافي .
أحد الأسر زرتها فوجدت المنزل من غير كهرباء ولا غاز ولاخبز …كل شيء يؤكد حكومة مافي .
المتسولون الأفارقة على الإشارات الضوئية والذين يطرقون زجاج السيارات بعنف ثم يبدأون في حصبها بالحجارة ينبئونك أن الحكومة مافي .
السرقات النهارية والليلية وإغلاق الشوارع والمظاهرات والوقفات الإحتجاجية الكثيرة تنبئك بأن الحكومة مافي
الإحتراب القبلي والموت المجاني في كسلا و عطبرة و الجنينة ونيالا يؤكد أن الحكومة مافي .
الدولار الذي تجاوز الثلاثمائة و صبية العملة لا يراوحون مكانهم في أبو جنزير بل يتمددون ينتشرون على طول الطريق في شارع البلدية وهم يتخذون إطلالتهم على القيادة العامة جميعهم يمدون لسانهم بأن الحكومة مافي
التخبط في فتح المدارس وإغلاقها والحال المزري في المستشفيات والغياب التام للأجهزة الرسمية يخبرك أنه حكومة مافي.
تهريب الذهب عبر مطار الخرطوم و الآثار عبر المعابر و الدولار في الحقائب التي يرفع لها تعظيم سلام ينبئك بأن الحكومة مافي
خارج السور :
السادة الحكومة :
أعلموا جيداً أن أي مواطن منذ أن يخرج من منزله وحتى يعود إليه لا يشعر أبداً بوجودكم …!!
المصدر: الانتباهة أون لاين