خليفة بانسودا .. كريم خان.. مدعي المحكمة الجنائية الدولية الجديد.. هل سيحرك ملف (البشير)؟

يبدو أن المحكمة الجنائية الدولية ستأخذ منحىً آخر عقب فوز المرشح البريطاني كريم خان ذي الأصول الهندية، في التعامل مع ملف المطلوبين في جرائم حرب وإبادة جماعية لتحريك البرك الساكنة في ملف البشير وغيره من المطلوبين، أحد أهم عمل للمحكمة في الفترة المقبلة،

سيما في أعقاب اتهامات طالت المدعية السابقة (فاتو بانسودا) بالتعاطف مع ملفات الشؤون الإفريقية، وذلك لتبرئتها رئيس ساحل العاج السابق لوران غباغبو من جرائم ضد الإنسانية، وكذا الرئيس الكيني أوهورو كينياتا الذي اسقطت تهماً في مواجهته، وأيضاً النائب السابق لرئيس جمهورية الكنغو الديمقراطية جان بيير بيمبا الذي تمت تبرئته بالاستئناف. ففيما يرى البعض أن بانسودا ذات الأصول الإفريقية أكثر تعاطفاً مع ملف مطلوبي الجنائية في السودان، وأن الجنائية فقدت في عهدها بريقها، يرى بالمقابل آخرون أنها كانت الأخطر على البشير وأعوانه، وذلك بحرصها على تسجيل زيارات للسودان والوقوف على الأوضاع بنفسها، ليبقى السؤال حول كيف يتم التعامل مع ملف الجنائية في الفترة المقبلة؟

خانة (اليك)
عقب سقوط نظام البشير في أبريل ٢٠١٩م واستلام الجيش للسلطة، تعالت الأصوات بضرورة تسليم البشير وأعوانه للمحكمة الجنائية الدولية، بسبب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ارتكبوها في دارفور، لكن أعضاء المجلس العسكري وقتها كان لهم رأي آخر، وهو عدم تسليم البشير للمحكمة الجنائية لاعتبار أنه القائد الأعلى للقوات المسلحة، وأن الأمر سيكون عاراً في جباههم، مع رؤية محاكمته داخلياً إيماناً بنزاهة القضاء السوداني العادل. لكن بعد تشكيل حكومة الشراكة بدت مواقف الحكومة من قضية التسليم قابلة للتغيير وفق ما اقتضته متغيرات الأحداث في البلاد، فتم الاتفاق مع الحركات المسلحة في جوبا على تسليم كافة المطلوبين للمحكمة الجنائية، كشرط تفاوضي من قبل الحركات المسلحة وضع المكون العسكري في خانة (اليك) وجعله يقبل بتسليمهم ومحاكمتهم لكن داخل البلاد، وقد قدم وفد من المحكمة الجنائية برئاسة بانسودا في أكتوبر الماضي في أول زيارة لها، لبحث كيفية تسليم المطلوبين للمحكمة. ولم تقتصر الزيارة على كيفية تسليم المطلوبين وحسب، لكن وفق ما صرحت به المدعية فإن الزيارة تتضمن أيضاً كيفية تعاون الحكومة في جمع المعلومات المتعلقة بقضية المتهم علي كوشيب .

هاجس
وعلى الرغم من تنديد محامي البشير وأنصاره بإدعاءات المحكمة الجنائية لاعتبارات أنها محكمة سياسية وأن السودان غير موقع على ميثاقها، لكن يظل تسليم المطلوبين لها أمراً واقعاً بل ومطلوباً بشدة، وذهب إلى كونه مطلب ثورة، لما ارتكب من جرائم دامية في الإقليم، ليبقى الشاهد في الأمر عقب فوز خان هو كيفية مضي الملف بعد أن أصبح في يد بريطانيا التي يرى مراقبون أنها بدأت تضع يدها على جميع المفاصل الأممية المهمة وتحكم قبضتها، لكن بالمقابل تذهب التكهنات الى مدى إسراع الملف بعد تسلم خان.

المحلل السياسي محمد علي فزاري أكد لـ (الإنتباهة) الإسراع في ملف البشير وبقية المطلوبين، كما توقع أن يسجل كريم خان زيارة إلى السودان في الفترة ما بين يونيو وأكتوبر وهو تاريخ تسلمه.
وقال فزاري إن خان يمكن أن يشكل هاجساً لكل المطلوبين في الجنائية بما فيهم المطلوبون السودانيون، لأن النفوذ البريطاني هو الأقوى من أية دولة أخرى .

وبالمقابل يرى مراقبون أن مهمة خان ربما تشمل أعضاء المجلس السيادي من العسكريين، وذلك من واقع خدمتهم في إقليم دارفور، ويمضون إلى صعوبة الخطوة في ظل سيطرة المكون العسكري وتحالفه مع أمريكا وإسرائيل، إلا أن محمد علي فزاري يرى أن العدالة الدولية لا تستثني أحداً .

لولوة
وفيما طالبت المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودا المنتهية ولايتها الحكومة للإسراع في تسليم البشير للمحكمة في مقرها بلاهاي أو محاكمته بالخرطوم بتشكيل محكمة هجين، يرى قانونيون صعوبة الخطوة في المحاكمة داخل البلاد وتتطلب أموالاً كثيرة، والأفضل أن يتم تسليمه للمحكمة لمحاكمته هناك.
ويؤكد المحامي نبيل أديب لـ (الانتباهة) أن الأمر بحاجة لتكاليف مالية عالية. وفي ذات السياق يرى أديب أن أمر تحريك الملف لا يتعلق بكريم أو بنسودا وغيرهم، وإنما يتعلق بجدية الحكومة الانتقالية في تسليم المطلوبين، وقال: (المسألة سياسية وليست لها علاقة بالمدعين)، وأكمل قائلاً: (الحكومة غير جادة في تسليم المتهمين، والدليل على ذلك أنها لم تقم بفتح بلاغ حتى الآن، ولذلك الأمر مجرد لولوة) ــ على حد تعبيره ــ وتابع قائلاً: (الحديث عن أن بريطانيا أمسكت بملف الجنائية وذلك من شأنه أن يصب في مصلحة سير القضية، أمر لا أساس له من الصحة، لأن كريم وأمثاله شخصيات عدلية مستقلة بعيدة عن سياسات حكومات أوطانهم، وكل ما عليهم هو الالتزام بقانون اتفاقية روما .(
فذلكة
ويعتبر كريم خان (50 عاماً) بريطاني الجنسية من أصل هندي، ثالث مدعٍ عام للمحكمة الجنائية خلفاً لفاتو بنسودا التي تغادر موقعها في يونيو المقبل. وقاد خان، بحسب المبذول في الوكالات العالمية، تحقيقاً للأمم المتحدة في الفظائع التي ارتكبها التنظيم الإسلامي، في الجولة الثانية من التصويت في مقر الأمم المتحدة في نيويورك بدعم من (72) دولة، أي بعشر دول أكثر من الـ (62) دولة المطلوبة لتأمين فوزه بالمنصب الرفيع. ويرى كثيرون أن خان هو الأنسب للمنصب لأنه رجل قانوني ضليع، ويسير في خط عدم الإفلات من العقاب دون التراجع.

وكانت المحكمة الجنائية الدولية قد أصدرت أمري قبض على البشير عام 2009م وعام 2010م بتهم جرائم حرب وإبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية، ويواجه البشير خمس تهم بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، وتهمتين بارتكاب جرائم حرب، وثلاث تهم إبادة جماعية. وهي تتعلق بعمليات القتل والإبادة والنقل القسري والتعذيب والهجمات المتعمدة على السكان المدنيين والنهب والاغتصاب المرتكبة بين عامي 2003م و 2008م في دارفور .

أيدٍ أمينة
ومن جانبه يرى المحلل السياسي والمختص في قضايا دارفور عبد الله آدم خاطر، أن ملف الجنائية عقب تولي كريم خان رئاسة المحكمة أصبح في أيدٍ أمينة، ويعتبر خاطر في حديثه للصحيفة أن الملف الآن أصبح في يد دولة لديها مصلحة في تحقيق العدالة، وذكر أن خان زار السودان في وقت سابق على رأس لجنة من حقوق الإنسان، وأبدى حماساً عالياً في ما يتعلق بالعدالة، وقال: (حتى يزهر السودان لا بد أن تكون دارفور مزدهرة).
وفي ذات السياق دعا خاطر إلى محاكمة جميع من ارتكب جرائم في دارفور، حتى على مستوى القادة العسكريين، لكن بالمقابل طالب بمحاكمتهم كأفراد وليس لانتمائهم للمؤسسة العسكرية.

المصدر : الانتباهة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.