السلام تحت ضغط أمريكي.. هل يخضع (الحلو) و (نور) للمطلب؟

يبدو أن ثمة متغيرات تجري في مشهد ملف السلام، تتزامن والتطبيع مع إسرائيل. ففيما كشفت مصادر لصحيفة (الصيحة) عن ترتيبات بين حركة جيش تحرير السودان عبد الواحد محمد نور والحركة الشعبية قطاع الشمال بقيادة الحلو مع الحكومة، للتوقيع على اتفاق سلام جوبا الأسبوع المقبل، قالت ذات المصادر إن الإدارة الأمريكية قامت بالضغط على الحلو وعبد الواحد للتوقيع على اتفاق جوبا.

وعلى الرغم من تعنت الحلو ورفض عبد الواحد القاطع، الا اننا نجد أن الحلو هو الأقرب للتوقيع على اتفاق السلام مع الحكومة، بخلاف الأخير الذي ظل ضاغطاً بشدة في مبدأ الرفض، رغم معرفته بأهمية الحكام الجدد للسلام في ظل المرحلة الانتقالية. ويتزامن الحديث عن قرب الاتفاق مع تصريحات السفير الأمريكي بالخرطوم الذي أكد رغبة الولايات المتحدة الأمريكية في اتفاق سلام واحد دون تجزئة.

ويفتح نزول الرجلين ورغبتهما في التوصل لاتفاق مع الحكومة، في ظل الضغط الأمريكي، الباب على مصراعيه أمام محريات الأحداث في ظل التطبيع مع إسرائيل، ودروها في إقناع عبد الواحد الحليف الاستراتيجي لها، وماهي مصالح امريكا من السلام الكامل داخل السودان؟

عقبة كؤود
ظلت عملية إحلال السلام في السودان احد المطلوبات المهمة لاستقراره على مدار الانظمة المتعاقبة عليه. فقد استنزفت الحروب التي اندلعت فيه على رأسها حرب الجنوب والتي استمرت سنوات طويلة الموارد، ودفعت معها البلاد الثمن غالياً من نهضتها وتقدمها وجزءاً حبيباً منها، مروراً بحرب دارفور ثم حرب المنطقتين (ولايتا النيل الأزرق وجنوب كردفان). وفيما تظل قيمة السلام عالية ومهمة، نجد أن الحكومة اولتها اهتمامها، وقد صرح رئيس الوزراء الدكتور عبد الله حمدوك، خلال اول مؤتمر صحفي له، بأن ايقاف الحرب وتحقيق السلام الشامل والعادل من اهم اولويات الدولة خلال الفترة الانتقالية، كما ظل يشدد على اهمية السلام وعلى ضرورة التفاوض الجاد وتوفر الارادة القوية له، وذلك عندما صرح أيضاً عقب الاعلان عن حكومته بأن مفاوضات السلام في عهد النظام السابق لم تكن على قدر كافٍ من الجدية بين اطراف الازمة. والآن وفي ظل إحلال السلام وقطع الحكومة جزءاً كبيراً منه، الا انه يظل غياب فصيلي الحلو وعبد الواحد عقبة كؤوداً في ظل إحلال سلام كامل، خال من أية مناوشات هنا أو هناك.

سلام منقوص
وفيما يظل سلام جوبا مع الجبهة الثورية تحولاً فاصلاً وعلامة فارقة في أحداث السلام على أرض السودان وإنزال الواقع، يصفه بالمقابل مراقبون بأنه منقوص، في وقت تسعى فيه الحكومة لاظهاره في غير حجمه الحقيقي، وذلك لغياب أكبر الفصائل التي تملك السلاح والأرض وهما عبد الواحد محمد نور وعبد العزيز الحلو.
وبحسب المحلل السياسي نصر الدين أبو بكر، فإن السلام مع هذين الفصيلين بحاجة للمزيد من الوقت في ظل سقوفات تفاوضية تشمل العلمانية وتقرير المصير.

وتوقع نصر الدين في حديثه لـ (الإنتباهة) ان تفرض الولايات المتحدة الأمريكية على الحكومة شروط الحلو وعبد الواحد بشأن إكمال عملية السلام، وقال إن ذلك يأتي في إطار إكمال عملية التطبيع مع إسرائيل.

ونوه بأن حديث السفير الأمريكي بالسودان بأن أمريكا لا تريد سلاماً جزئياً كان بمثابة الأمر، وذكر أن امريكا لديها مصالح في السودان وتعتبره حليفاً استراتيجياً، ومن مصلحتها أن يكون السودان مستقراً.
وفي السياق نفسه يستبعد البعض اي اشتراط أمريكي بشأن إكمال عملية السلام في ظل مطلوبات تتعلق بفصل الدين عن الدولة.
ووقف مطلب الحركة الشعبية بشأن العلمانية أمام جولات السلام مع عبد العزيز الحلو، وكان عضو مجلس السيادة الفريق أول ركن شمس الدين الكباشي قد رفض المطلب وانتقد لقاء حمدوك والحلو في أديس أبابا، مؤكداً أن منح العلمانية هو عطاء من لا يملك لمن لا يستحق.

حليف استراتيجي
وفيما تحتاج عملية التفاوض وإكمال السلام الى رغبة وإرادة حقيقية من الأطراف المعنية لإنزالها لأرض الواقع، يجد المراقب للاحداث أن هذه الرغبة تنتفي لدى عبد الواحد محمد نور تحديداً لرفضه على الدوام الجلوس مع الحكومة، لكن وعقب الاهتمام الأمريكي بسلام شامل في السودان يتزامن والتطبيع مع إسرائيل، يفتح الباب أمام مصالح عبد الواحد مع إسرائيل. ووفقاً للمحلل السياسي أبو بكر عبد الرحمن فإن ارتباط إسرائيل مع عبد الواحد وراء إصرار أمريكا على السلام الكامل في السودان.

ويقول ابو بكر لـ (الإنتباهة) إن إسرائيل في أعقاب تطبيعها مع السودان بحاجة لحليف استراتيجي لها داخل الحكومة، وليس هناك أفضل من حليفها عبد الواحد.

وأكمل قائلاً: (إسرائيل قدمت لعبد الواحد الكثير، وتريده أن يكون موجوداً داخل الحكومة)، واضاف قائلاً: (السودان لديه وزنه في المستقبل القريب، وتعاون السودان مع إسرائيل يحفز امريكا وإسرائيل لدعم العملية السلمية في السودان، ومجرد موافقة عبد الواحد على الجلوس إلى طاولة المفاوضات، فإن ذلك يعتبر موافقة في حد ذاتها.

وفي ذات الأثناء نفت حركة جيش تحرير السودان عبد الواحد محمد نور اي حديث عن ضغوطات أمريكية لإكمال عملية السلام.
وفيما اعتبرت الحركة الحديث لا اساس له من الصحة، قالت إنها لا يمكن أن تستجيب لأية ضغوط مهما كانت.
وطبقاً للمتحدث الرسمي باسم الحركة محمد الناير لـ (الإنتباهة) فإن الحديث لا أساس له من الصحة، وقال: (لو أن حركة تحرير السودان تستجيب للضغوط، لكانت وقعت منذ وقت طويل على اتفاقيات ابوجا والدوحة مع النظام البائد.(

رد جميل
ومن جانبه يرى المحلل السياسي نصر الدين أبو بكر لـ (الإنتباهة) أن دولة جنوب السودان ستبذل جهدها لإحلال سلام كامل في السودان بشتى الطرق كنوع من رد الجميل في اعقاب اعلان الخرطوم وتوقيع السلام بين الفرقاء الجنوبيين الذي ساهم فيه السودان بشكل كبير اقتضى فترة انتقالية في الجنوب، اما ان يأتي بعدها سلفا او لا.
وبدوره يستبعد السفير الرشيد ابو شامة أي اشتراط أمريكي أو ضغط لإنزال سلام كامل في السودان.

وقال أبو شامة لـ (الإنتباهة) إن الولايات المتحدة الأمريكية أمامها الكثير من الملفات ولا تجد الوقت للاهتمام بسلام السودان.
وذكر أن بايدن الآن يعمل على إصلاح الأخطاء التي وقع فيها ترامب طوال سنوات حكمه، وأوضح أن الأمر لو كان في عهد الرئيس ترامب لكان مقبولاً، وذلك لرفع العقوبات والتطبيع، واضاف قائلاً: (لو أن سياق الخبر جاء على هيئة أن منظمات أمريكية أو خلافه لكان مقبولاً، لكن ان تشترط الحكومة الأمريكية وفي هذا التوقيت تحديداً، فهو أمر غير مقبول بالنسبة لدي).

المصدر: الانتباهة أون لاين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.