«تعويم الجنيه».. هل سيفي المجتمع الدولي بوعوده؟؟؟

ما قاله جبريل إبراهيم وزير المالية، حول إن خطوة «تعويم» الجنيه السوداني، وطنية صرفه، ولا يوجد تأثير لاي عوامل خارجية، ربما يجافي الحقيقة، وفقا لآراء خبراء في هذا الجانب، من واقع أن تحرير الأسعار عموما هي سياسة يتبناها البنك الدولي وينصح بها الدول التي تريد الاندماج في النظام العالمي وتبحث عن الدعم النقدي للخروج من أزمات اقتصادية مثل السودان، ومع ان حديث الرجل جاء نقيضا لما ظلت تكرره قوى الحرية والتغيير سيما الجانب المناهض لهذه السياسة، على رأسهم الحزب الشيوعي وحزب البعث البعث السوداني، إلا ان التأثير الدولي يبدو كبيرا على قرار السودان في هذا الجانب، وهو أمر يطرح سؤالا مباشراً ما تأثير ذلك سياسيا وعلى وضع السودان دوليا؟

الإجابة الأقرب ترجمتها ربما البيانات الدولية التي صدرت في هذا الإطار من دول كبرى، على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية التي رحبت بالخطوة، ووصفت سفارة واشنطن لدى الخرطوم، القرار بالشجاع ويمضي قدما، في إصلاح سعر الصرف، وقالت إنه يمهد الطريق لتخفيف الديون ويزيد بشكل كبير من تأثير المساعدة الدولية، التي كان يتعين إنفاق الكثير منها من قبل، بسعر صرف رسمي، مما يوفر جزءا بسيطا من قيمتها المحتملة للشعب السوداني»، وأشارت إلى أن هذا القرار «سيساعد الشركات السودانية، وسيجذب الاستثمار الدولي»، لافتة إلى أن «الشركات المحلية والأجنبية لن تواجه بعد الآن صعوبات في ممارسة الأعمال التجارية في السودان بسبب سعر الصرف المزدوج»، وذات الأمر أبداه رئيس البنك الدولي ديفيد مالباس، الذي أشار إلى أنّ إعلان توحيد سعر الصرف يعمل على إحراز تقدم بشأن تسوية متأخرات السودان مع البنك الدولي، وسيُمكن السودان من توفير موارد ميسرة ومشاركة أكبر للمؤسسات المالية الدولية تجاه السودان، وقال مالباس في تغريدة على تويتر إن القرار حدد 9 فوائد للشعب السوداني منها تقليل التهريب وزيادة التدفقات من التحويلات المالية والمساعدات والاستثمار، وأضاف أن هذه خطوات رئيسية  نحو إطلاق مبادرة تخفيض ديون البلدان المثقلة بالديون (الهيبك)، وأوضح أن مجموعة البنك الدولي  تعمل على تقديم برامج دعم كبيرة لفائدة الشعب السوداني.

وهنا يعتقد الخبير في العلاقات الدولية عثمان الضو، أن السودان إذا أراد ان يكون جزءا من العالم، فلابد من خطة مثل هذه، وأضاف «حكومة الإنقاذ حاولت تنفيذ ذلك لكنها فشلت نتيجة لتخوفها من الشارع، إضافة إلى ان العالم وقتها قد لا يكون متحمسا لتطبيق هذه السياسة في عهد حكومة البشير الذي تطارده الجنائية»، ونوه عثمان في حديث لـ(الإنتباهة) إلى ان الخطوة على المستوى المحلي قد تحدث ضغطاً كبيراً على حكومة حمدوك، خاصة اذا تدهورت الأمور بالشكل الذي يجعل من الحياة أمراً صعباً، ولكن وفقا لعثمان أن المجتمع الدولي الذي هلل للخطوة، قد لا يترك حمدوك يواجه هذه الصعوبات وحده، وزاد «بلا شك ستدخل لدعم خزينة الدولة أقلها عبر القروض الميسرة مثلما فعل مع دول أخرى من بينها الجارة مصر».

عمليا كشفت الحكومة عن تلقيها دعما مقدرا من المجتمع الدولي يمكنها من العبور بالخطة إلى بر الأمان، وفقا لحديث جبريل إبراهيم الذي كشف عن منحة مالية سعودية، وكذا كشفت بعض الأخبار عن أنّ بنك السودان تسلم مبلغ (1.8)  مليار دولار من البنك الدولي خلال الأيام الماضية، فضلاً عن وعود من دول عربية بوديعة بمبلغ (3) مليارات دولار تصل بنك السودان مطلع مارس المقبل، فضلا عن توقعات بوُصُول دُفعة نقدية ثانية من البنك الدولي بعد ثلاثة أشهر تبلغ (1.2) مليار دولار، إضَافَةً لوديعة أخرى من ذات الدُّول العربية بمبلغ (3) مليارات دولار ستُودع بنك السودان خلال ثلاثة أشهر على أسوأ تقدير.

ولكن ربما اعتماد الحكومة على المجتمع الدولي وحده في مواجهة القرار قد يدخلها في نفق مظلم، من واقع ان بعض الوعود الدولية في ظل الأزمات العالمية المتلاحقة قد لا تجد طريقها إلى التحقيق، او هكذا عبر أحمد عبيد السر الخبير استاذ الاقتصاد والعلوم السياسية، وأشار أحمد في حديث لـ(الإنتباهة) إلى انه يجب على الحكومة وضع خطة لتنشيط الموارد المحلية، وتحفيز المغتربين ببرامج واضحة، وجيدة تجعل خيار التحويل عبر القنوات الرسمية أمرا محببا اليهم، وأكد عبيد ان الحكومة يمكنها الصمود امام القرار حال تلقت كل الأموال التي وعدت بها دوليا، سيما في مؤتمر اصدقاء السودان الأخير من واقع ان أغلبها أموال في شكل برامج، من بينها دعم الأسر الفقيرة، وما قاله عبيد يتجسد عمليا في حديث السفارة الفرنسية في الخرطوم، التي قالت السفارة إنّ هذا القرار سيتيح التنفيذ الفوري لبرنامج الدعم الأسري الممول من قبل فرنسا والاتحاد الأوروبي.

وأضافت:»الآن سوف يصبح بإمكان السودانيين الاستفادة الكاملة من الدعم المقدم من قبل الشركاء الدوليين»، وتابعت «هذا القرار يمثل رسالة واضحة جدا وإيجابية لكل شركاء الاقتصاد في الداخل والخارج، وسيعزز من مصداقية السودان في أعين المستثمرين والشركات الأجانب، خصوصا بالنظر لمؤتمر باريس في مايو القادم».

المصدر: الانتباهة أون لاين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.